لم يعد الشاي ذاك المشروب البسيط الذي لا يستغرق تحضيره سوى دقائق، فقد شاب عملية إعداده كثير من التغيرات وباتت له طرق تحضير وأساليب متشعبة.
وبالنظر إلى المشروبات الساخنة الأخرى، فإن هذا التحول مألوف، وبالعودة سنوات إلى الوراء عندما كان الحديث عن القهوة، يأتي في مخيلتك قهوة سريعة التحضير معلومة الخطوات، لا يشوب تحضيرها أي تعقيد يذكر.
الشاي على طريق الاختصاص
اليوم في عصر المشروبات المختصة التي تراعي التفاصيل من البذرة إلى الكأس، صرنا نرى طرقاً وأنواعاً تحت مسمى "الشاي المختص"، الذي يتميز بجودة عالية في الزراعة.
فشجرة كاميليا هي الشجرة الأساس التي تتفرع منها أنواع وسلالات الشاي، فتنتج لنا الشاي الأسود والأخضر والأبيض، وهذه الأنواع تتميز بمعالجتها بعد قطفها، وتعتبر أهم مرحلة من مراحل إنتاج الشاي، إذ تعتمد جودته على كيفية قطفه ومعالجته وفق معايير معينة، لتعطي نتائج نهائية في نكهاته، فالشاي كما القهوة تتنوع أصنافه بالمعالجة والتخمير، ليسهم في الحصول على النكهات النهائية لكأس ساخن، ولتعطي المعالجة مذاقاً مختلفاً.
الشاي المختص
قد يعجب البعض من كل هذه الضجة حول مشروب بسيط، فبحسب قول المتخصصين فإن أسرار المشروب الآسيوي لم يكتشفها العالم العربي بعد، كما يقول أحمد العيدان وهو رائد في إعداد الشاي المختص، الذي نوّه بالاختلافات بين الشاي الكلاسيكي المعتاد والمختص، إذ "يبدأ الفرق منذ اللحظة الأولى في صناعة الشاي، وصولاً إلى كل مراحل إنتاجه من طريقة الزراعة والفسائل المستخدمة وآلية القطف ومراحل التصنيع والتخزين". في المقابل، نجد تجار الشاي الاستهلاكي المعتاد "يصنعونه في مناطق استوائية تنتجه طوال العام، مستعينين بسبل لتسريع عملية الإنتاج والتصدير على حساب معايير الجودة، سعياً وراء عائدات المبيعات".
أما عملية زراعة الشاي المختص فهي رحلة مختلفة، إذ يهتم صُناعه به "بشكل موسمي ودقة متناهية وجودة عالية، وينعكس على ذلك المردود المالي المتأتي من ورائه"، وأضاف العيدان أن الفرق بين النوعين "واسع وشاسع، وفيه من الأنواع المذهلة ما لم يتعرف عليه العالم العربي حتى الآن".
الشاي التجاري
وتحدث العيدان عن جودة الشاي الموجود في المحال التجارية، وقال إن "هناك اختلافات شاسعة بين أنواعه، والمتوافر منها يعتبر استهلاكي الطابع ومتدني الجودة، ويتم تسويقه للأسف على أنه أفضل الأنواع إذ لم تبلغ الصناعة ذروتها بعد في السعودية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتُعرف كثير من الأعشاب المغلية باسم الشاي، مثل شاي الكركديه، والشاي الأزرق، وشاي الفواكه. ويقول العامل في مجال الشاي بأن "المشروب حتى يسمى شاياً يجب أن يكون ناتجاً من أوراق الكاميليا الصينية"، وبالتالي فزهرة البابونج والبازلاء وغيرها تعتبر مشروبات عشبية أو أزهاراً، وتحضر بطريقة مماثلة للشاي لكن لا يمكن تسميتها بالشاي.
تحضير الشاي المختص
تختلف طريقة تحضير الشاي المختص وتراعى فيه جوانب عدة، منها النوع المستخدم ودرجة حرارة الماء وفترة التنقيع، ويتحدث العيدان عن أفضل الطرق، فالتحضير على الطريقة الصينية المعروفة باسم "غونغ فو تشا"، وتعني تحضير الشاي بدقة متناهية ومهارة عالية واهتمام فائق بالتفاصيل، إذ يتم عبر "استخدام طقم أوانٍ تتغير بتغير نوع الشاي، إما بأكواب زجاجية أو إبريق صغير مصنوع من الطين". ويضيف، "يتم استخدام كمية أوراق شاي وكمية ماء بسيطة، مرة بعد أخرى للأوراق التي في الإبريق، تصل إلى خمس مرات بحسب نوع الشاي"، وكلما كان الشاي ذا جودة عالية أمكنت إعادة استخدامه بشكل متكرر.
وأشار العيدان إلى نوع يحضر لمحبي المشروبات الباردة، بخاصة في الصيف، فهناك طرق لتحضير الشاي البارد المنقوع في "ماء بدرجة حرارة الغرفة، حيث تنقع الأوراق مدة ليلة كاملة"، وهو من أفضل الأنواع ، ويعتمد على الكمية وعدد الساعات ليعطي مذاقاً مختلفاً.
محبو الشاي لا يثيرون ضجيجاً
وحول الصعود الهادئ لهذا النشاط بخلاف ما يحصل في عملية صناعة القهوة المختصة، التي تلقى رواجاً وتسويقاً واسعين، قال معين الشاطري، العامل في متجر لأوراق الشاي المختص، إن "محبي الشاي وأصحاب المزاج في هذا المشروب كثر، لكنهم لا يثيرون ضجيجاً كما محبي القهوة، فعملية صناعة الشاي لا يوجد فيها عمل استعراضي كما يحصل مع القهوة المختصة".
وتحدث الشاطري عن شريحة محبي الشاي المختص، قائلاً "إنهم ذاتهم محبو الشاي بشكل عام، معظمهم من الرجال في العقد الثالث وأكثر، ويشكل المدخنون نسبة عالية بينهم، ولذلك تحرص محال الشاي على توفير جلسات مفتوحة أو منطقة خاصة بالمدخنين"، ويلاحظ قلة شريحة النساء ضمن قائمة مريدي هذا المشروب مقارنة بالقهوة.
إلا أن عملية صناعة الشاي المختص لا تزال في بدايتها، ولم تبلغ ذروة الطلب عليها بعد، ولذلك فلا يمكن الحكم على سير العملية وشريحة مرتاديها في الوقت الحالي على الرغم من تشكل ملامحها.