حكم القضاء البلجيكي، اليوم الخميس، بالسجن 20 سنة على دبلوماسي إيراني، بعد اتهامه بالتخطيط لهجوم كان سيستهدف تجمعاً لمعارضين للنظام الإيراني قرب باريس عام 2018.
في المقابل، قال المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أن "الحكم بالسجن 20 عاما على الدبلوماسي الإيراني أسدي هي أقصى عقوبة".
وكانت حركة "مجاهدي خلق" التي تعتبرها طهران "جماعة إرهابية" وحظرتها في 1981 من بين المشاركين في التجمع.
وينفي أسدي أي ضلوع له في المخطط الذي أحبطته أجهزة الأمن، ورفض المثول أمام المحكمة الجنائية في أنتويرب، حيث يحاكم مع ثلاثة شركاء مفترضين.
متمسكون بالبراءة
وفي ثاني وآخر جلسات الاستماع، تمسّك المتهمون الثلاثة بالبراءة، وقال محامو نسيمة نعامي وأمير سعدوني، وهما زوجان بلجيكيان من أصل إيراني اعتقلا وبحوزتهما متفجرات في سيارتهما أثناء توجههما إلى فرنسا، إن المتفجرات لم تكن قوية بما يكفي للقتل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونفى محامي الشريك الثالث المفترض مهرداد عارفاني، الذي قال الادعاء إنه من أقارب أسدي، ضلوع موكّله ودعا إلى تبرئته، لكن الادعاء طلب إنزال عقوبة السجن 18 عاماً للزوجين و15 عاماً لعارفاني.
عمليات انتقامية
في المقابل، أفادت وثيقة للشرطة اطلعت عليها وكالة "رويترز"، بأن الأسدي حذّر السلطات في مارس (آذار) الماضي من أن جماعات لم يحددها بالاسم ستنفذ عمليات انتقامية حال إدانته.
وتقول السلطات إن أجهزة الأمن الفرنسية والألمانية والبلجيكية أحبطت الهجوم على اجتماع المعارضة الإيرانية في فرنسا.
وأُلقي القبض على الأسدي أثناء عطلته في ألمانيا، وسُلم إلى بلجيكا حيث جرى إلقاء القبض على اثنين أيضاً يُعتقد أنهما شريكان له، بحوزتهما نصف كيلو من مادة "تي إيه تي بي" المتفجرة وجهاز تفجير.
بحسب وثائق اطلعت عليها "رويترز"، تعتقد السلطات البلجيكية أن الأسدي جلب المتفجرات من طهران إلى فيينا على متن رحلة جوية تجارية.
توتر دبلوماسي
وكان الادعاء طلب هذه العقوبة القصوى خلال المحاكمة التي جرت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) في المحكمة الجنائية للمدينة الساحلية الفلمنكية.
وأثار هذا الملف الذي يجمع بين الإرهاب والتجسس، توتراً دبلوماسياً بين طهران وعواصم أوروبية عدة، من بينها باريس.
وكانت إيران حذرت من أنها لن تعترف بالحكم، معتبرة أن الإجراءات التي أطلقها القضاء البلجيكي "غير شرعية بسبب الحصانة الدبلوماسية" التي يتمتع بها الأسدي.
أما المعارضون المستهدفون، فقد دانوا خطة تندرج في إطار "إرهاب الدولة".
في اليوم ذاته، أوقفت الشرطة زوجين بلجيكيين من أصل إيراني يعيشان في أنتويرب بالقرب من بروكسيل وبحوزتهما 500 غرام من بيروكسيد الأسيتون المتفجر وصاعق في سيارتهما.
وجرى توقيفهما في اللحظة الأخيرة، وتمكنت المعارضة من عقد تجمعها الذي حضرته شخصيات مهمة يشارك نحو 20 منها في الادعاء المدني، ومن هذه الشخصيات الفرنسية الكولومبية إنغريد بيتانكور التي كانت رهينة في الماضي لدى القوات المسلحة الثورية الكولومبية ("فارك").
وأوقف الأسدي الذي كان دبلوماسياً في السفارة الإيرانية في فيينا، في الأول من يوليو (تموز) في ألمانيا حيث يرى المحققون أنه لم يعد يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. وهم يقدّمون صوراً يظهر فيها في 28 يونيو في لوكسمبورغ وهو يسلم طرداً يحتوي على القنبلة للزوجين البلجيكيين الإيرانيين.
محكمة "تاريخية"
وسلّم الدبلوماسي إلى بروكسيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2018. وقد رفض مغادرة زنزانته ليمثل أمام المحكمة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وتفيد لائحة الاتهام بأن التحقيق كشف عن أن الأسدي هو في الواقع عميل للاستخبارات الإيرانية "يعمل تحت غطاء دبلوماسي" وأنه نسّق هذه الخطة الإرهابية معتمداً على ثلاثة شركاء، هم الزوجان المقيمان في أنتويرب ومعارض إيراني سابق هو شاعر مقيم في أوروبا.
وكان الادعاء طلب السجن 18 عاماً للزوجين، نسيمه نعمي (36 سنة) وأمير سعدوني (40 سنة). كذلك طلب السجن 15 عاماً للمعارض السابق مهرداد عارفاني (57 سنة) الذي قُدّم على أنه عميل استخبارات إيراني يعمل من بلجيكا.
ورأت رئيسة "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" مريم رجوي أن هذه المحاكمة "تاريخية" لأن "النظام بأكمله موجود في قفص الاتهام".
وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية "لو نجحوا، لكانت كارثة"، بينما حضر الآلاف الاجتماع في فيلبينت.
"نظام في قفص الاتهام"
قوبل الحكم بتصفيق نشطاء "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" الموجودين في القاعة، إذ كانت تُبثّ مجريات الجلسة على الإعلام. وكان الدخول إلى المحكمة محدوداً بسبب الوباء.
ورحبت رجوي عبر "تويتر" بـ"انتصار للشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية".
وقالت إن القضاء البلجيكي ألحق "ضربة كبيرة" بـ"استراتيجية" النظام "لتصدير الإرهاب".
وأكد محامي "المجلس الوطني للمقاومة" ريك فانروسيل بدوره أن "المحكمة أيّدت جميع النقاط التي قدمناها".
وصرح جورج-هنري بوتييه، محامي الدفاع عن الطرف المدني، أن المحكمة اعترفت "بمسؤولية الاستخبارات الإيرانية" التي "وفرت القنبلة والموارد المالية" التي سمحت بالتخطيط لهذا المشروع.
ويقدم "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" نفسه على أنه أقوى التيارات الإيرانية المعارضة في الداخل والخارج، لكن مناوئيه يقولون إنه جماعة شبيهة بطائفة ولا تتمتع بتمثيل كبير.
عام 2009، شطب الاتحاد الأوروبي المنظمة من قائمة المنظمات الإرهابية، وحذت الولايات المتحدة حذوه عام 2012.
الرد الإيراني
وفي رد على هذا الحكم القضائي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في بيان الخميس الرابع من فبراير (شباط) إن بلاده تدين "بشدة" قرار محكمة بلجيكية الحكم على دبلوماسي إيراني، أدين بالتخطيط لتفجير لقاء لجماعة معارضة منفية في فرنسا.
ونقل التلفزيون الرسمي عن سعيد خطيب زاده قوله "كما سبق وذكرنا مرات عدة، فإن اعتقال أسد الله أسدي والعملية القضائية والحكم الأخير غير قانونية وانتهاك واضح للقانون الدولي، خصوصاً اتفاقية فيينا لعام 1961".