تجمّع آلاف المحتجين بدعم من "الاتحاد التونسي للشغل" بوسط العاصمة، السبت السادس من فبراير (شباط)، في أكبر تظاهرة بتونس منذ سنوات، وذلك في تحدّ لطوق فرضته الشرطة وأغلقت بموجبه الشوارع في منطقة واسعة من العاصمة.
ويأتي التجمع إحياء لذكرى مقتل ناشط بارز عام 2013، وللاحتجاج على انتهاكات من جانب الشرطة يقولون إنها عرضت للخطر الحريات المكتسبة في ثورة عام 2011، التي أطلقت شرارة ما يسمى "الربيع العربي".
وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لحزب النهضة الإسلامي، الشريك في الائتلافات الحكومية المتعاقبة، ورددوا شعار الربيع العربي "الشعب يريد إسقاط النظام".
إجراءات أمنية كثيفة
وبحسب شاهد من وكالة "رويترز"، فرضت شرطة مكافحة الشغب طوقاً حول وسط العاصمة ومنعت السيارات وكثيراً من الناس من دخول الشوارع المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة، مع تجمع الآلاف.
وقال المتظاهر هيتم الوسلاتي (24 عاماً)، "أنا لست مستعداً لأخسر الحريات التي عشت فيها منذ كان عمري 14 عاماً". ورفع المحتجون شعار "لا خوف لا رعب... الشارع ملك الشعب"، ونددوا بعنف الشرطة.
وعلى عكس المسيرات السابقة في موجة الاحتجاجات التي انتشرت في مختلف أرجاء تونس في الأسابيع الأخيرة، يلقى تجمع، اليوم السبت، الدعم من "الاتحاد العام التونسي للشغل"، وهو أقوى منظمة سياسية في البلاد ويبلغ عدد أعضائه مليون عضو.
الحريات "مهدّدة"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال سمير الشفي، الأمين العام المساعد لـ"الاتحاد العام التونسي للشغل"، لوكالة "رويترز"، "هي صيحة فزع لحماية الثورة والحريات التي نرى أنها أصبحت مهدّدةً... بعد عقد من الثورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي في حالة كارثية وسنتصدى لمن يهدّد قوت وحريات التونسيين".
وبدأت الاحتجاجات الشهر الماضي باشتباكات وأعمال شغب في أحياء فقيرة، تعبيراً عن الغضب من انعدام المساواة، ويتزايد تركيزها الآن على عدد المعتقلين الكبير وعلى تقارير نفتها وزارة الداخلية عن إساءة معاملة المحتجزين.
وقال محمد عمار، عضو البرلمان عن حزب "التيار الديمقراطي"، إنه اتصل برئيس الوزراء هشام المشيشي، احتجاجاً على إغلاق وسط تونس.
المتظاهرة نعيمة السالمي قالت من جهتها، "نطلب من الرئيس قيس سعيد أن يتدخّل لحماية الحريات... الحكومة حوّلت العاصمة إلى ثكنة ولن نسمح بهذا".
أزمة النظام
وبعد مرور 10 سنوات على الثورة التونسية، يمر نظامها السياسي الديمقراطي بأزمة تشهد صراعاً بلا نهاية بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الوزراء والبرلمان، بينما يئن الاقتصاد تحت وطأة الركود.
وفي حين يتوق بعض التونسيين، الذين خاب أملهم من جني ثمار انتفاضتهم، لظروف معيشية أفضل يتذكرونها من أيام الحكم الشمولي، شجب آخرون التراجع الملحوظ للحريات التي كفلتها الديمقراطية.
وأعاد توتر الأجواء إلى الأذهان حالة الاستقطاب السياسي بعد ما اغتال متشدد المحامي والناشط العلماني شكري بلعيد، في فبراير 2013.
وأثار مقتله حينها موجة احتجاجات حاشدة في تونس، أدت إلى صفقة كبرى بين الأحزاب السياسية الإسلامية والعلمانية الرئيسة لمنع انزلاق البلاد إلى دائرة العنف.