أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن "إلغاء الديون المترتبة عن وباء (كوفيد-19) أمر غير مطروح للنقاش، وسيشكل خرقاً للاتفاقية الأوروبية التي تمنع بشكل صارم تمويلاً نقدياً للدول".
وأوضحت لاغارد أن "هذه القاعدة تشكل إحدى الركائز الجوهرية لليورو"، مضيفةً "سيكون من المفيد أكثر تركيز الطاقة المصروفة بالمطالبة بإلغاء البنك المركزي الأوروبي للديون، على نقاش في شأن كيفية استخدامها. ما الذي سيخصص للإنفاق العام؟ بأي قطاعات يجب الاستثمار؟ هذا هو الموضوع المهم اليوم".
وأطلق أكثر من مئة متخضض في الاقتصاد، الجمعة الماضية، دعوةً إلى إلغاء الديون العامة التي اقترضتها دول منطقة اليورو من البنك المركزي الأوروبي من أجل تسهيل إعادة البناء الاجتماعية والبيئية بعد مرحلة وباء كورونا.
وقال المتخصصون، ومنهم توماس بيكيتي، والوزير البلجيكي السابق بول مانييت، والمفوض الأوروبي السابق المجري أندور لازلو "نحن مدينون لأنفسنا بنسبة 25 في المئة من ديوننا نفسها، وإذا أردنا سداد هذه المبالغ ينبغي علينا الحصول عليها من مكان آخر، أي عبر الاستدانة من جديد لخدمة الدين بدلاً من الاستدانة للاستثمار، أو عبر رفع الضرائب أو عبر خفض النفقات".
ورأت لاغارد أن "كل دول منطقة اليورو ستخرج من هذه الأزمة مع نسبة ديون مرتفعة"، لكن "لا شك في أنها ستتمكن من سدادها. تتم إدارة الديون على المدى الطويل. الاستثمارات التي تتم في القطاعات الرئيسة ستؤدي في المستقبل إلى تعزيز النمو".
وأضافت "الانتعاش سيخلق فرص عمل، وبالتالي سيكون عامل جمع. نحن بصدد التوجه نحو اقتصاد آخر، رقمي وبيئي أكثر، وأكثر التزاماً بمواجهة التغير المناخي وحماية التنوع الحيوي".
وعلى المدى القصير، ترى لاغارد أن "عام 2021 سيكون عام انتعاش. تأخر الانتعاش الاقتصادي، لكنه لم يقوض تماماً. من المؤكد أننا ننتظر ذلك بفارغ الصبر، ومع ذلك لسنا بمنأى عن مخاطر مجهولة أيضاً، ولن نعود إلى مستويات النشاط الاقتصادي التي عرفناها قبل الوباء قبل حلول منتصف عام 2022".
التعافي الأوروبي سيتأخر
أكدت لاغارد أن تعافي منطقة اليورو سيتأخر، وقالت في تصريحات نشرتها صحيفة فرنسية، إن "تعافي أوروبا من الركود الناجم عن جائحة (كوفيد-19) سيتأخر بعض الشيء، لكن من المفترض أن يكتسب زخماً في منتصف العام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع إغلاق دول منطقة اليورو اقتصاداتها لكبح انتشار فيروس كورونا المستجد، انكمش اقتصاد المنطقة في ربع السنة الماضي، وثمة احتمال واضح بأن يشهد انكماشاً جديداً في الأشهر الثلاثة الأولى من 2021 مع استمرار إغلاق معظم قطاع الخدمات.
وقالت لاغارد خلال مقابلة صحافية "نتوقع أن يكتسب الانتعاش زخماً في منتصف العام تقريباً، حتى وإن استمرت الضبابية، لنكن واضحين، لن نشهد عودة إلى مستويات ما قبل الجائحة من النشاط الاقتصادي قبل منتصف 2022".
وفي ظل استنفاد أدوات السياسة النقدية بالفعل، أضحت الكرة في ملعب السياسة المالية، فقد دعت لاغارد القيادة السياسية في أوروبا للتصديق على صندوق تعافٍ اقتصادي غير مسبوق بقيمة 750 مليار يورو (903 مليارات دولار). وقالت "يتعين التصديق على الخطة في الوقت المناسب حتى تقترض المفوضية الأوروبية كما هو مقرر في يونيو (حزيران) المقبل، ثم توزع الأموال".
لا تأثيرات على اليورو
على صعيد متصل، قال الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إنه لا يتوقع تأثيرات سلبية على المدى القصير أو المتوسط على عملة اليورو، على الرغم من العجز والديون المتزايدة بين الدول الأعضاء في الوقت الذي تكافح فيه كورونا.
وقال يونكر في مقابلة أجرتها معه صحيفة "نويه زيورخر تسياتونج" السويسرية، إن العملة ستتحمل الضغوط إذا أنفقت الدول الأعضاء أموال صندوق إعادة الإعمار التابع للاتحاد الأوروبي بحكمة، مثل إنفاقها على الإصلاحات الموجهة نحو المستقبل.
وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة "بلومبيرغ" للأنباء، أنه "لا يريد التقليل من مشكلة الديون الناتجة"، وهو أمر لا يمكنك التخلص منه بسهولة.
واعترف يونكر بالانتقادات الموجهة لكيفية إدارة طرح اللقاحات في الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه من غير الواقعي توقع تلقيح الجميع في غضون الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقال إن أوروبا طلبت لقاحات كافية لتلقيح 70 في المئة من السكان بحلول الخريف.
وحذر مسؤولو الاتحاد الأوروبي، في نهاية الشهر الماضي، من أن تفشي جائحة فيروس كورونا يهدد بتعميق الانقسام بين دول منطقة اليورو.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، باولو جينتيلوني، إن الدول التي كانت تقف بالفعل على أرض هشة اقتصادياً قبل الأزمة تضررت بشدة من الوباء أكثر من الدول التي كان أداؤها جيداً.
وتابع "هذه الاختلالات بين أعضاء منطقة اليورو كانت تتراجع تدريجياً قبل كوفيد-19"، إلا أن جينتيلوني أوضح أن هذا التقارب معرض لخطر الاتساع مرة أخرى، لأنه "على سبيل المثال، الدين العام الآن في ازدياد مرة أخرى، خصوصاً في الدول الأكثر تضرراً اقتصادياً من تراجع السياحة، وأسباب أخرى".