أطلق جيش ميانمار، اليوم الثلاثاء، أعيرة مطاطية على متظاهرين ضد الانقلاب في عاصمة البلاد نايبيداو، في وقت تحدى محتجون حظراً على التظاهرات والتجمعات أعلنه الجيش وسط تصاعد الإدانات الدولية للانقلاب العسكري.
واندلعت التظاهرات لليوم الرابع على التوالي احتجاجاً على الانقلاب الذي أطاح الأسبوع الماضي الزعيمة المدنية للبلاد أونغ سان سو تشي، على الرغم من تحذير الجيش من أنه سيتخذ خطوات ضد المتظاهرين الذين يهددون "الاستقرار".
أعيرة مطاطية
وقال شهود في نايبيداو إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية على متظاهرين بعدما كانت قد حاولت تفريقهم بخراطيم المياه. وبعدما نزل مئات آلاف المعارضين إلى الشارع، وجّه قائد المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ خطاباً متلفزاً، مساء الاثنين، لتبرير انقلابه على السلطة.
وخرجت تظاهرات جديدة، الثلاثاء، في مختلف أنحاء رانغون، ومن بينها مقر حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه أونغ سان سو تشي، الحاكمة المدنية التي اعتقلها الجيش يوم الانقلاب.
وقال أحد الأهالي، في حديثه إلى وكالة الصحافة الفرنسية، "أطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء مرتين، ثم استخدموا أعيرة مطاطية"، مؤكداً أنه شاهد بعض الأشخاص الذين أصيبوا بجروح.
ومنع مستشفى في نايبيداو أقارب الضحايا من الدخول لتفقّد أفراد العائلة، بحسب تون واي الذي سارع إلى المكان فور سماعه بأن ابنه البالغ 23 سنة في غرفة الجراحة.
وذكر الرجل، البالغ 65 سنة ويعمل صائغاً، "أطلقت الأعيرة على ابني عندما حاول استخدام المذياع ليطلب من الناس التظاهر بشكل سلمي بعدما استخدمت الشرطة مدافع المياه لتفريقهم". وأضاف "أصيب في ظهره. أشعر بقلق بالغ حياله".
ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات، من بينها "نريد زعيمتنا" و"لا للديكتاتورية". وفي سان تشونغ التابعة لرانغون، نزل عشرات المعلمين إلى الشارع الرئيس وهم يلوّحون بالتحية الثلاثية الأصابع التي باتت شعار المتظاهرين.
وقال المعلم ثين وين سو، "لسنا قلقين من تحذيرهم لذا خرجنا اليوم. لا يمكننا قبول أعذارهم عن احتيال انتخابي. لا نريد أي ديكتاتورية عسكرية".
حظر تجول
وكان الجيش قد حظر التجمعات التي تضم أكثر من خمسة أشخاص في رانغون، كبرى مدن ميانمار، وفي العاصمة نايبيدوا، ومناطق أخرى في مختلف أنحاء البلاد التي شهدت تظاهرات حاشدة، ومن بينها ثاني أكبر المدن ماندلاي، حيث أكد شهود إطلاق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين، كما فرض حظر تجول ليلي في مناطق تشهد احتجاجات حاشدة.
وكان حزب سو تشي قد حقق فوزاً كاسحاً في الانتخابات العامة في نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الجيش لم يعترف أبداً بشرعية الاقتراع.
وبعد وقت قصير على الانقلاب، أعلن الجيش حال الطوارئ لعام، وعد بعدها بتنظيم انتخابات جديدة.
وأكد مين أونغ هلاينغ، الاثنين، أن الجيش سيفي بوعوده ويعيد إرساء الديمقراطية، وأعلن أيضاً أن الأمور ستكون "مختلفة" عن الحكم السابق للجيش الذي استمر 49 عاماً وانتهى في 2011، وقال، "بعد تحقيق مهمات فترة الطوارئ، ستنظم انتخابات حرة ونزيهة ومتعددة الأحزاب وفقاً للدستور"، لكن تلك الوعود ترافقت مع تهديدات.
وأمام تصاعد موجة التحدي، حذر الجيش من أن معارضة المجلس العسكري غير قانونية.
"يتعين اتخاذ خطوات"
وفي بيان نشرته وسائل إعلام حكومية، قال المجلس إنه "يتعين اتخاذ خطوات" في مواجهة الأنشطة التي تهدد الاستقرار والنظام العام.
وسط هذه الأجواء، باتت نيوزيلندا، الثلاثاء، الدولة الأولى التي تتخذ تدابير رسمية فعلية، إذ أعلنت تعليق محادثات عسكرية رفيعة المستوى واتصالات سياسية مع ميانمار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقادت الولايات المتحدة دعوات عالمية للجنرالات للتخلي عن السلطة، وأصدرت، الاثنين، بياناً جديداً في أعقاب تحذيرات الجيش ضد المتظاهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، "نقف إلى جانب شعب ميانمار وندعم حقه في التجمع في شكل سلمي، خصوصاً في التظاهر في شكل سلمي للمطالبة بحكومة منتخبة ديمقراطياً". وأضاف أن الولايات المتحدة، على الرغم من محاولاتها، لم تتمكن من التواصل مع أونغ سان سو تشي.
ودانت الأمم المتحدة، "استخدام القوة غير المتكافئة" ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب العسكري، منددةً بإصابة "عدد كبير منهم بجروح بعضها خطيرة"، بعدما أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات.
وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في بورما أولا ألمغرين في بيان إن "استخدام القوة غير المتكافئة ضد المتظاهرين أمر غير مقبول". وأضاف "لقد أصيب عدد كبير من المتظاهرين بجروح بعضها خطير"، وفق تقارير من مدن مختلفة عبر البلاد.
ولم يتسنّ حتى الآن الحصول على تقدير عدد المصابين من المستشفيات. لكن منسوب التوتر ارتفع، إذ إن الجيش هدّد في اليوم السابق المحتجين بالردّ.
الروهينغا
وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سيعقد الجمعة اجتماعاً طارئاً لمناقشة الوضع، وحضّ البابا فرنسيس السلطات الانقلابية على الإفراج "سريعاً" عن المسؤولين المسجونين.
وعلى الرغم من تشويه سمعتها في الغرب بسبب رد فعلها حيال أزمة الروهينغا، لا تزال سو تشي شخصية ذات شعبية كبيرة في البلاد، وقد حصد حزبها أكثر من 80 في المئة من الأصوات في انتخابات نوفمبر.
لكن الجيش يزعم أن الانتخابات شهدت عملية تزوير واسعة، وهي الحجّة التي استخدمها لتبرير الانقلاب العسكري.