أثارت التحديات التي تطرحها شبكات الفساد المنتشرة عبر الحدود - والتي يغذيها الاحتيال وغسل الأموال وخطط التمويل غير المشروعة في الخارج- الحاجة الملحّة إلى محكمة دولية وصندوق تعويض يمكن أن يعيد توزيع الأموال والأصول التي استُردت ممن حازها بغير وجه حق حسب منظّمي عريضة أُطلقت حديثاً.
أكثر من 40 تريليون دولار من "الأموال القذرة" المشبوهة المخبأة في حمى سلطات مالية خارجية، و30 مليار دولار تُنفق على نحو مغْفَل على العقارات الفاخرة والسلع - هي بعض من الأمثلة المخمنة لهذه التجارة المربحة والصادمة.
في الوقت نفسه، أظهرت احصاءات البنك الدولي أنّ 3,4 مليارات نسمة من سكان العالم يتعيشون بـ5,50 دولارات في اليوم وأنّ 1,9 ملياراً مُضطرون للتعيش بـ 3,20 دولاراً.
الامبراطوريات المالية المشبوهة –في رأي العريضة- تؤذي الدول الثرية التي تخسر مليارات الدولارات من المداخيل سنوياً بسبب التهرّب الضريبي، فيما يحرم الاقتصاد السريّ مصادر التمويل من خلق الوظائف والخدمات.
وهذا بدوره يُرهق كاهل الميزانية العامة للحاجة الملحّة إلى توفير الرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية. كما يصير أثره في البلدان الأكثر فقراً "ضربة مزدوجة" للأموال التي تختفي من خلال الاختلاس والاحتيال من قبل النخبة السلطويّة والغنيّة، لفقدان رأس مال البشري ثمين لأنّ الناس، بمن فيهم أولئك الذين يتمتعون بمهاراتٍ تكون مجتمعاتهم في حاجة ماسّة إليها، يُضطرون إلى
الهجرة سعياً إلى الوظيفة وإعالة أسرهم.
أطلق العريضة ألكسندر ليبيديف، والد ايفغني ليبيديف أحد المالكين الرئيسين لأسهم صحيفتي اندبندنت وايفنينغ ستاندارد (Evening Standard).
في نيويورك، ما لا يقلّ عن نصف 250 ألف عقار سكني غير مأهول اشتُريت باسم شركات مناطق حرة. وتحمل أكثر من 80 في المئة من "اللعب الباذخة" كاليخوت الضخمة وطائرات رجال الأعمال "أعلام بلدان شاذة ذات ضريبة منخفضة."
وقال القيمون على العريضة إن الأمر في حاجة إلى تحرّكٍ دولي. إذ لا يستطيع المحققون الركون دائما إلى الحصول على معلوماتٍ موثوقة في مسائل كتبييض الأموال من البلدان المصدر لإمكان أن يكون للمشتبه بهم ارتباطات بالسلطة. في الوقت عينه، أمكن للأشخاص الذين يستحوذون على أصول مسروقة،
بمن فيهم أعضاء شبكاتٍ إجرامية منظمة، التهرّب من العدالة والتنعم بحياة مترفة في الغرب بالادعاء أنهم يفرّون من الاضطهاد السياسي في بلادهم الأم.
وقال ليبيديف: "نعتبر أنّ ما نقترحه، أي مشروعنا، يعالج مشكلة دولية قائمة غالباً بسبب الطبيعة غير الفعالة للأنظمة الوطنية. من شأن هذا أن يشجّع على تعبئة المجتمعات المدنية عالمياً لإنشاء شفافية حقيقية وهو يخدم هدفاً مشتركاً ولديه فرصة جيدة للتطبيق لأنه مبني على مؤسساتٍ دولية ناجحة. ولكنّه يحتاج إلى دعم الأمم المتحدة.
يمكن أن تُنشأ المحكمة على أيدي بلدانٍ تعتبر نفسها "شفافة" و"تبذل قصارى جهدها" لمحاربة الاحتيال المالي. وبوسع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واليابان وكندا وبعض دول آسيا الخالية نسبياً من الفساد أن تصبح الدول المؤسسة الموقّعة على نظام المحكمة الأساسي.
كما يمكن اعتماد مقاربة أخرى قائمة مثلاً على إشراك جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في المشروع الجديد. "
وأضاف المنظمون: " يمكن للمحكمة أن تتبع إجراءات مشابهة لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مع القدرة على ترشيح المدعين العامين والمحققين بشكل مستقل عن القضاء الوطني وإنفاذ القانون مع الأحكام التي تقبلها الدول.
وفي ما يتعلّق بصندوق (التعويض)، نحن أمام وضعٍ يتمثل في وجود بعض المؤسسات التي تهدف إلى مساعدة البلدان الفقيرة تقوم بذلك عن طريق تقديم الأموال إلى الحكومات التي تكون هي نفسها فاسدة في بعض الأحيان. سيتعامل الصندوق الذي نقترحه مباشرة مع الناس والمؤسسات والمنظمات المدنية."
© The Independent