حذر "الصليب الأحمر البريطاني" من أن ملايين المواطنين في المملكة المتحدة يواجهون خطر الوصول إلى "حافة الهاوية" بسبب سحب الدعم المالي عند رفع الإغلاق الذي فرضته جائحة "كوفيد- 19".
وفي تقرير جديد، كشف "الصليب الأحمر" عن انخفاض الدعم المقدّم إلى الفئات الأكثر ضعفاً عند نهاية فترة الإغلاق الثانية في ديسمبر (كانون الأول) 2020. ولذا، دعا الحكومة إلى تقديم 250 مليون جنيه استرليني (حوالي 344 مليون دولار أميركي) في شكل مِنَحٍ طارئة كي لا يضطر الناس إلى الاستغناء عن بعض الطعام أو الملابس أو التدفئة، إذا حدث الشيء نفسه مرة أخرى عند تخفيف القيود الحالية.
وقد جاءت هذه الدعوة في وقت وجد تقرير منفصل صدر عن "مؤسسة أجور المعيشة" Living Wage Foundation أن أكثر من ربع العاملين من أصحاب الأجور المتدنية، أي أكثر من مليون شخص، تجاوزوا بعض الوجبات بانتظام أثناء جائحة فيروس كورونا العام الماضي، وفوّت حوالى ثلاثة من كل 10 (29 في المئة) تسديد فواتير، وتخلف الخُمْس (20 في المئة)، عن دفع الإيجار أو أقساط الرهن العقاري.
وكذلك توصلت الدراسة إلى أن أكثر من ثلثي (67 في المئة) ممن يكسبون أقل من أجر المعيشة الحقيقي [المقدر بـ] 10.85 جنيه في الساعة في لندن، و9.50 جنيه في الأماكن الأخرى من المملكة المتحدة، عانوا انخفاضاً في الأجور بسبب الجائحة.
وفي ذلك السياق، أجرت مؤسسة "سورفايشن" Survation استطلاعاً لمصلحة "مؤسسة أجور المعيشة" شملت ألفين و128 عاملاً. وقد أفاد نصفهم بأن أجورهم المنخفضة زادت من مستويات القلق لديهم، وأكد 34 في المئة أن ذلك أثر سلباً في العلاقات مع الأصدقاء والأقارب، ولفت 31 في المئة من الآباء والأمهات إلى أن [الانخفاض] قد أضر بعلاقاتهم مع أطفالهم.
وكذلك أفادت مديرة المؤسسة لورا غاردينر، "بأن عديداً من أصحاب المداخيل المنخفضة، وضمنهم العاملون الضروريون الذين حافظوا على استمرار الاقتصاد في مواجهة الجائحة، قد اضطروا إلى تخطي وجبات أو التخلي عن تدفئة منازلهم، وذلك أمر غير مقبول".
وأضافت، "مع طرح اللقاح وإرجاعنا إلى شعور ما في الوضع الطبيعي، من الواضح أن العمل كالمعتاد ليس خياراً. وكي نتعافى ونعيد البناء، ونتمكن من رفع مستويات المعيشة إلى مستويات حقيقية في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، سيكون لزاماً علينا أن نرى تركيزاً أعظم على منح الناس أجور معيشة حقيقية تُغطي تكاليف المعيشة".
وفي سياق متصل، أجرى "الصليب الأحمر البريطاني" بحوثاً بين أكتوبر (تشرين الأول) وكانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، بهدف رصد أثر التقلب [في الأحوال] بين الإغلاق ومستويات مختلفة من القيود الممرحلة، ضمن الشرائح الأكثر ضعفاً.
وحدد تقرير أصدره "الصليب الأحمر" بعنوانه "العام الأطول"، مجموعتين تضررتا بشدة في شكل خاص، وهما "الضعفاء حديثاً" الذين لم يحتاجوا أبداً إلى المساعدة من قبل ولم يعانوا مع وصمة طلب الدعم وعدم معرفتهم من أين يمكنهم الحصول عليه، وأولئك الذين كانوا يعانون قبل الجائحة وهم الآن "عند حافة الهاوية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجد التقرير أن 43 في المئة ممن احتاجوا إلى الدعم المالي كي يعزلوا أنفسهم خلال القيود الممرحلة مناطقياً في الخريف الماضي، لم يتمكنوا من الحصول على ذلك الدعم. ولم يكن خُمْس هؤلاء واثقين من مكان الحصول على الدعم المالي خلال فترة القيود الممرحلة، بما في ذلك 13 في المئة ممن قالوا إن ذلك كان سيفيدهم.
واستطراداً، وجد النصف (50 في المئة) أن من الصعب متابعة القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا في منطقتهم، إذ أعرب حوالى ثلاثة أرباع المستطلعين (74 في المئة) أنهم استسهلوا ببساطة الحد من مغادرتهم منازلهم بالمقارنة مع محاولة مواكبة ما سُمِح لهم به.
وعلى نحوٍ مماثل، ذكر أكثر من نصف أولئك المستطلعين (55 في المئة) أنهم وجدوا صعوبة في الحديث عن مشكلاتهم عندما واجه عدد كبير من الأشخاص الآخرين وقتاً عصيباً. ومن بين أولئك الذين لا يثقون في قدرتهم على التعافي من أثر الجائحة في حياتهم، ذكر 71 في المئة منهم أن صحتهم العقلية تشكّل عاملاً رئيساً.
وفي إطار التحرك للخروج من حالة الإغلاق، دعا "الصليب الأحمر البريطاني" الحكومة إلى منح 250 مليون جنيه إسترليني سنوياً إلى المجالس المحلية في إنجلترا من أجل توفير الرعاية الطارئة للناس الذين تتغير ظروفهم بسرعة بسبب الجائحة.
كذلك دعت المؤسسة الخيرية التي منحت بنفسها 2.4 مليون جنيه إسترليني إلى أشخاص هم في أمس الحاجة أثناء الجائحة، الحكومة والسلطات المحلية إلى ضرورة إدخال تحسيناً سريعاً للقدرة على وصول الناس إلى المدفوعات الخاصة بدعم العزلة الذاتية.
وفي ذلك الشأن، أوضح نورمان ماكينلي، المدير التنفيذي للعمليات في المملكة المتحدة في "الصليب الأحمر البريطاني"، أن "الحكومات المحلية والحكومة الوطنية لديها أفضل النوايا، لكن عديداً من الناس لم يستفيدوا. وكذلك يبين تقريرنا الارتباط الذي لا ينفصم بين انعدام الأمن المالي والصحة العقلية، وأن النقطة التي يواجه عندها شخص ما مشقة، تشكل لحظة بالغة الأهمية لإنقاذه قبل أن يقع في موقف أكثر يأساً".
وأضاف، "عندما يشعر المرء كأن الحياة تخرج عن نطاق سيطرته، فإن امتلاك القدرة في ما يخص الأمور الصغيرة، كالحبوب التي يشتريها أو مكونات عشائه، يشكل فارقاً كبيراً. ونحن في حاجة إلى الدعم النقدي المرن والسهل لإعادة الشعور بالكرامة إلى الناس، مع إعطائهم في الوقت نفسه متنفساً للوقوف على أقدامهم من جديد".
وأخيراً، لفت ماكينلي إلى أنه "مع خروجنا من هذه الجائحة، يتعيّن علينا أن نطور فهماً أكثر دقة لما يعنيه أن نكون ضعفاء، ونعمل أيضاً لتطبيع مطالبتنا بالمساعدة، سواء أكانت عملية أو عاطفية أو مالية".
© The Independent