أخيراً سُمع صوت محارة يبلغ عمرها 18 ألف عام، يُعتقد أنها أقدم آلة موسيقية هوائية معروفة من هذا النوع، وعُثر عليها داخل كهف في جنوب غربي فرنسا.
وأتاح ذلك لمجموعة من الباحثين الفرنسيين إثراء معرفتهم بمميزات موسيقى البشر ما قبل التاريخ. وقالت عالمة الآثار كارول فريتز، وهي المعدّة الرئيسة لمقالة عن الموضوع نُشرت في مجلة "سيانس أدفانس" العلمية الأميركية، الأربعاء، "هذه المرة الأولى التي نسمع فيها صوت هذه المحارة".
وفي إطار هذه الدراسة، تمكن عازف بوق من إصدار ثلاثة أصوات قريبة من نوتات "دو" و"دو دييز" و"ري" من هذه المحارة التي تعتبر أكبر وأسمك من المحار الحالي، إذ يبلغ طولها 31 سنتيمتراً، وقطرها يصل إلى 18 سنتيمتراً، بينما يقدر سمكها بـ 0,8 سنتيمترات.
وكشف مدير متحف "تولوز" فرانسيس دورانتون، الذي شارك في إعداد المقالة، أن هذه التجربة "تجعل من الممكن إثراء المروحة الموسيقية التي ربما كانت سائدة لدى الشعوب والثقافات التي عاشت في هذا المكان قبل 18 ألف سنة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف: "ثمة آلات أقدم، بينها مزامير من عظام النسور أو غيرها، ولكن حتى اليوم لم يكن لدينا محارة معروفة من هذا العصر".
وشرح غيوم فلوري، وهو أيضاً من معدّي المقالة، أن إدخال تعديلات على المحارة كان ضرورياً في تلك الحقبة لتتمكن من إصدار هذه الأصوات، ولوحظ أن طرفها كُسر واستُحدثت فتحتان دائريتان في داخلها بهدف "إدخال عظم مجوف يتيح النفخ وإصدار الأصوات".
ولم يكن إجراء هذه الدراسة ممكناً بالطريقة نفسها عندما تم اكتشاف هذه المحارة العام 1931، ولا حتى "قبل عشر سنوات"، إذ أتاحها اليوم "استخدام النماذج الثلاثية البُعد وتقنيات النمذجة"، وفق فريتز.
وأضافت: "مع تطور الذكاء الاصطناعي سنكون قادرين على الذهاب إلى أبعد من ذلك".
ويعتقد الباحثون أن المحارة كانت تستخدم في الطقوس أو الاحتفالات، كما هي الحال اليوم في بعض الثقافات البولينيزية أو الأميركية الجنوبية.
ويوازي صوت هذه المحارة القوي بــ "الديسيبل" صوت قطار أنفاق، وربما استخدم إنسان تلك الحقبة هذه الصدفة كأداة للتواصل.
ووصف المعدّ المشارك للدراسة، ومدير مختبر الآثار الجزيئية والهيكلية في جامعة السوربون في باريس، فيليب والتر، قوة صوت هذه المحارة بأنه "لا يصدق"، إذ سيستخدم الباحثون في التجارب المقبلة نسخة مطبوعة منها بالأبعاد الثلاثية.