تحول اللقاح ضد فيروس كورونا خلال أسابيع قليلة حجة قوية يستخدمها رواد مواقع المواعدة عبر الإنترنت كجرعة تطمين وأسلوب جذب لمن يحاولون التقرب منه، تزيد حظوظهم في إيجاد الشريك المنشود.
وتقول سامانتا يمّين، التي تتناول عبر حسابها على "تويتر" كثيراً من المشكلات الصحية، إنها شاهدت رسائل عدة من رجال تم تلقيحهم يتباهون فيها بأنهم "آمنون تماماً للتواصل الوثيق". ويؤشر ذلك إلى كونهم يأملون في الإفادة عملياً من امتياز تلقيهم اللقاح غير المتاح بعد للقسم الأكبر من الناس وخصوصاً الشباب.
ويلاحظ مدير التواصل في منصة "أوكي كيوبيد" مايكل كاي أن "الحصول على اللقاح من أكثر الأمور المرغوبة في مواقع المواعدة في الوقت الراهن".
فبين 1500 مستخدم لمنصة المواعدة "كوفي ميتس بيغل" شملهم استطلاع للرأي، أقر 43 في المئة بأنهم أكثر انجذاباً إلى شخص أعلن عن تلقيه اللقاح.
وعبر حسابها على "تويتر"، تعترف الصحافية سارة كيلي التي لم تتلق بعد الحقنة الثمينة، إن أحدهم رفض أخيراً مواعدتها، إذ إن رجلاً تلقى اللقاح بادرها على أحد مواقع المواعدة بقوله "أنتِ تعجبينني، لكني وجدت فتاة أخذت اللقاح أيضاً!"
ووصل الخيال بالعشرات من مستخدمي الشبكات الاجتماعية إلى اقتراح ينطلق تارة من روح الدعابة وتارة أخرى من روح المبادرة، يتمثل في استحداث تطبيق مواعدة محصور بالمستفيدين المحظوظين من جرعات لقاحي "فايزر" و"موديرنا" المضادين لكوفيد-19.
وتروي كيمبرلي تي أن شاباً تلقى اللقاح سعى إلى التقرب منها، لكنها لم تتردد في التهرب منه، وتبرر ذلك بالقول "لم يكن حصل سوى على جرعة واحدة، لذلك بالنسبة إلي، لم يكن محمياً من كوفيد".
وهي عموماً لا تثق بشخص غريب يدعي أنه تلقى اللقاح. وتضيف "لا أعرف هؤلاء الناس، لذلك ما من سبب يحملني على تصديقهم في خضم الجائحة".
ملقَّح
أما كريستينا فانكو التي تلاحظ أن كلمة "ملقَّح" تتكاثر على مواقع المواعدة، فترى أن "الدراسات المتعلقة بانتقال الفيروس عن طريق الأفراد الملقحين لا تزال قليلة".
وتعتبر أن "اللقاح يساعد تحديداً الشخص الذي يتلقاه" لكنه لا يحمي بالضرورة تلقائياً الأشخاص الذين يتواصل معهم.
وفي رأي تيفاني بيغرستاف عبر "تويتر" فإن الأشخاص الذين يقولون إنهم ملقحون لا يجتذبون لمناعتهم ضد الفيروس بقدر ما يجتذبون لإيمانهم بالعلم. وتبدي اعتقادها بأن هذا الأمر "يعطي فكرة عن آراء الشريك المحتمل وعن مدى معرفته العلمية".
وتؤيد المؤسِسة المشاركة لمنصة "كوفي ميتس بيغل" داوون كانغ هذا الاستنتاج، إذ تعتبر أن "ذلك يشي بأن الشخص ينتبه إلى كوفيد-19 وهو ما يمكن أن يطمئن الآخر قليلاً".
وينعكس الانقسام والاستقطاب السياسي حتى على مواقع المواعدة. ففي منتدى "ريديت"، يسخر البعض من كل هؤلاء النساء المطعمات الموجودات على تطبيقات المواعدة، من خلال وصفهن بـ"حقل تجارب لشركات الأدوية العملاقة"، على حد تعبير أحد المستخدمين.
ويقول آخر يعبر عن رأي المشككين في اللقاحات: "أستند إلى المواقف في شأن التطعيم والكمامات لتجنب هؤلاء الحمقى الذين يفعلون ما يقال لهم".
بالتالي، إذا كان اللقاح عنصر جذب للبعض، فهو، على العكس، يجعل البعض الآخر ينفر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عيد العشاق
وعلى كل حال، بلقاح أو من دون لقاح، تبدو الشهية مفتوحة على المواعدة عشية عيد العشاق الذي يحل الأحد، بعد عام انحسرت فيه الحياة الاجتماعية، بل علّقت.
ويعتقد مايكل كاي من "أوكي كيويبيد" أن "الناس يريدون شخصاً بجانبهم، حتى افتراضياً". وقد لوحظ مثلاً ارتفاع نقرات الإعجاب للنساء بنحو 10 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الفائت.
ومنذ بداية الوباء، طورت مواقع المواعدة عروضها، فعززت محادثات الفيديو التي كانت هامشية سابقاً، وزادت المقاهي الافتراضية وسواها من خيارات اللقاءات الافتراضية.
وقد عزز الوباء التحادث اللفظي والمراسلات قبل اللقاءات الحضورية، ما أدى عملياً إلى إرجاء تحديد المواعيد، بعدما كانت في السابق فورية.
وتنقل داوون كانغ عن كثير من الناس أنهم باتوا يفكرون أكثر قبل لقاء الشخص الآخر، وأنهم أصبحوا أكثر صراحة في شأن ما يريدونه، في مراسلاتهم التمهيدية مع المستخدمين المطابقين لتفضيلاتهم.
وبالنسبة إلى صاحبة موقع "كوفي ميتس بيغل" الذي يشجع على أن تكون اللقاءات "ذات معنى"، فإن الوباء يشكل في هذا الصدد "صدمة كهربائية".
فمن بين المستخدمين الذين يسجلون في المنصة، يعرب أكثر من 90 في المئة عن رغبتهم في علاقة طويلة الأمد، وهو "أعلى مستوى على الإطلاق" في هذا المجال سجله الموقع، على قولها.