بينما تتحسّب مصر لدخول موجة ثالثة من تفشي فيروس كورونا في أبريل (نيسان) المقبل، فإنه لم يتخط عدد من تلقوا اللقاح 0.003 في المئة من الشعب ضمن حملة التطعيم التي دخلت أسبوعها الثالث، ما يثير التساؤل حول تأثير بطء عملية التلقيح في مدى شراسة الوباء في المرحلة المقبلة.
ونقلت صحيفة حكومية، السبت الماضي، عن مصدر في وزارة الصحة المصرية قوله إن عدد من تلقوا اللقاح بلغ 3 آلاف من الأطقم الطبية، منذ بدء حملة التطعيم في الـ 24 من يناير (كانون الثاني). وأرجع المصدر قلة العدد إلى "رفض بعض أفراد الأطقم الطبية الحصول عليه"، إلى جانب "قلة كميات اللقاحات" التي وصلت إلى مصر، بسبب التنافس العالمي.
وأوضح المصدر أن قلة الكمية تؤجل إعطاء اللقاح لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، الذين يصنفون بأنهم ذوو الأولوية في الحصول عليه، ما يزيد من إمكانية انتشار الفيروس في الموجة الثالثة.
وكانت هالة زايد وزيرة الصحة المصرية أوضحت، في بيان رسمي، أنه من الممكن أن يشهد أبريل المقبل زيادة في الإصابات، مؤكدة حرص الدولة على متابعة تطبيق الخطة الوقائية والاحترازية للتصدي للفيروس.
بطء وتيرة اللقاحات
أكد إسلام عنان، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بكلية الصيدلة جامعة عين شمس، أن مصر تشهد بطئاً في وتيرة التلقيح. مشيراً إلى أن العالم كله يعاني بطء إنتاج اللقاحات لدى الشركات المصنعة، وفي عملية التوريد للدول إلى جانب تراجع في معدلات إعطاء اللقاح للمواطنين.
وأضاف أن العالم سجّل حتى منتصف الشهر الحالي توزيع 190 مليون جرعة لقاح، ما يعني 6 ملايين جرعة يومياً، أي أن العالم يحتاج للانتظار إلى نهاية عام 2025 حتى يصل إلى درجة الأمان بتطعيم 70 في المئة من سكان الأرض. لافتاً إلى أنّ دولاً قليلة حققت المعدل المطلوب وفقاً للجداول الزمنية الموضوعة، منها بريطانيا والإمارات والبحرين.
أزمة عالمية
وأشار عنان إلى غياب العدالة في توزيع اللقاحات بين دول العالم، خصوصاً أن الدول المعتمدة على مبادرة منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاحات (كوفاكس)، منها مصر، تؤخر توريد اللقاحات المتفق عليها لها، بسبب عدم التزام الشركات المصنعة في توفيرها للمنظمة الأممية، ما يشير إلى إخفاق جهود منظمة الصحة العالمية في ملف اللقاحات، مثل أخرى سابقة، بحسب وصفه.
وطالب أستاذ علم انتشار الأوبئة مصر وغيرها من الدول بأن "تضغط سياسياً لتوفير اللقاحات"، قائلاً "ليس من مصلحة الدول الكبرى أن تحصل وحدها على اللقاح". وموضحاً "عدم حصول شعوب الدول النامية على اللقاح يعني الدخول في إجراءات إغلاق تهدد بوقف الإنتاج وحدوث أزمات اقتصادية تؤثر في العالم كله، خصوصاً أن الدول النامية فيها معظم موارد العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع، "من الناحية العلمية فإن عدم الحصول على اللقاح يهدد بتحوّر الفيروس وخروجه عن السيطرة، مثلما حدث في السلالات الجديدة التي ظهرت في بريطانيا وجنوب أفريقيا التي أظهرت استجابة قليلة للقاح أكسفورد - أسترازينيكا، وقد يدخل العالم في دوامة البحث عن لقاح فعّال من جديد".
وبالعودة إلى الحديث عن الأوضاع في مصر، أوضح عنان أن وزارة الصحة المصرية حصلت حتى الآن على 150 ألف جرعة لقاح ما بين لقاحَي "سينوفارم" الصيني و"أكسفورد – أسترازينيكا" البريطاني، ما يكفي لتطعيم نحو 70 ألفاً من الكوادر الطبية. مشيراً إلى أن مصر تحتاج العام الحالي إلى تطعيم أكثر من 21 مليون مواطن، منهم 500 ألف من الكوادر الطبية، ومثلهم من أصحاب المهن المرتبطة بالطب، إلى جانب نحو 20 مليوناً ممن تزيد أعمارهم على 65 وأصحاب الأمراض المزمنة.
سعر جرعة اللقاح
وكانت هالة زايد وزيرة الصحة المصرية قد أعلنت في كلمتها أمام مجلس النواب، الشهر الماضي، عن التعاقد مع الاتحاد الدولي للأمصال "جافي" على 40 مليون جرعة لقاح لفيروس كورونا، وأوضحت في مؤتمر صحافي أن الدولة ستوفر 100 مليون من التطعيمات، وأن سلسلة التبريد التابعة للوزارة تستطيع حفظ حتى 140 مليون جرعة لقاح.
وعن التكلفة قالت الوزيرة في تصريحات تلفزيونية إنه من الممكن أن يبلغ سعر الجرعة 100 جنيه (6.4 دولار أميركي) على أقصى تقدير، مع تحمّل الدولة التكلفة للفئات الفقيرة.
فيما أكد عنان أن مصر "ليست متأخرة" في عملية الشراء، لأنه جرى إبرام اتفاقات توريد تكفي أكثر من 20 مليون مواطن، ما يعني 20 في المئة من السكان، وهي النسبة التي توافقت عليها السلطات الصحية المصرية مع منظمة الصحة العالمية، لأن تطعيم تلك النسبة يعني تقليل الوفيات بنسبة 88 في المئة، وحين تتجاوز نسبة متلقي التطعيم 70 في المئة تقل الوفيات 96 في المئة، ما يجعل نسبة خطورة فيروس كورونا تتشابه مع فيروس الإنفلونزا الذي لا تتجاوز الوفيات نتيجته 0.5 في المئة من المصابين.
شحنات مرتقبة
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن مصدر في وزارة الصحة أن مصر سوف تستقبل في الأيام القليلة المقبلة 300 ألف جرعة من اللقاحات، 200 ألف من "سينوفارم" الصيني و100 ألف من "أسترازينيكا" الإنجليزي، ترسل لهيئة الرقابة على المستحضرات الدوائية لإجراء 4 تحاليل لتحديد مدى أمانها، كما أعلنت وزيرة الصحة قبل أيام قرار الحكومة الصينية إهداء 300 ألف جرعة إلى مصر.
وتمر آلية شراء اللقاحات في مصر بمراحلعدة، أولها إبرام اتفاق يسمّى "نية الشراء"، ثم يدخل الملف العلمي لنوع اللقاح في هيئة الدواء المصرية لإجراء أبحاث واختبارات مدة شهر، وفي حالة الموافقة ينتقل الملف إلى هيئة الشراء الموحد للمستلزمات الطبية، التي تتولى عملية تنفيذ الشراء والدفع من موازنة الدولة.
وحتى الآن، منحت هيئة الدواء المصرية الترخيص باستخدام لقاحي "سينوفارم" الصيني و"أكسفورد" البريطاني، كما تبحث حالياً لقاحات أخرى مثل "موديرنا" و"فايزر".
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد علق على ملف التطعيم ضد فيروس كورونا خلال مداخلة هاتفية على إحدى القنوات التلفزيونية قبل أيام، إذ قال إن الدولة وجدت أن هناك ما يتراوح بين 30 مليون مواطن إلى 35 في شريحة الفئات الأولى بالحصول على اللقاح، مثل الأطقم الطبية وكبار السن ومصابي الأمراض المزمنة، ما يعني الحاجة إلى 70 مليون جرعة. مضيفاً أن التمويل متوافر، وطمأن الناس أن "حملة التطعيم تسير على الأطقم الطبية، وحجم التجاوب يتراوح ما بين 45 في المئة و50 من المستهدف". لافتاً إلى رفض البعض التطعيم.