بدأت تحركات برلمانية لسن تشريعات تساعد في تنظيم الأسرة المصرية، إذ أعلنت عضو مجلس النواب المصري رانيا الجزايرلي إعدادها مشروع قانون لتنظيم النسل ومواجهة الزيادة السكانية، موضحة أن المشروع المنتظر تقديمه للمجلس خلال أيام، ينص على حصول الأسرة التي تنجب طفلين على دعم كامل في الخدمات كافة إلى جانب مجانية التعليم وخدمات التأمين الصحي، وإذا تم إنجاب الثالث فيخفض 50 في المئة من قيمة الدعم والخدمات، أما الرابع أو أكثر فتحرم الأسرة من التمتع بأي خدمات مجانية أو مدعومة.
وأضافت خلال تصريحات صحافية، أن القانون في حال الموافقة عليه سيتم تطبيقه بدءاً من العام 2024، مؤكدة أنه سيرسل للمؤسسات الدينية للتأكد من عدم مخالفته الأديان وتعاليمها.
وكان عدد من النواب تقدم بمشروع قانون مشابه في مجلس النواب العام 2019، لكنه لم يصل مرحلة الإقرار النهائي قبل نهاية الفصل التشريعي.
تداعيات الزيادة السكانية
وحذّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال افتتاح بعض المشاريع التنموية منذ أيام، من تداعيات عدم تنظيم النسل، قائلاً إن بلاده تحتاج إلى تريليون دولار لتحسين الأوضاع المعيشية بالتناسب مع الزيادة السكانية، موضحاً أن معدل نمو السكان يجب أن يتناسب مع الموارد المتاحة للدولة، وأشار إلى أن عدم شعور المواطن بتحسّن الأوضاع المعيشية يرجع إلى الزيادة السكانية، مؤكداً أن إنجاب أية أسرة أكثر من طفلين يمثل مشكلة كبيرة.
وأعلنت وزيرة التخطيط هالة السعيد أن مصر زادت 20 مليون نسمة خلال ثماني سنوات، وقارنت بين عدد السكان عام 1950 الذي سجلت فيه مصر 20 مليون نسمة، والوضع الحالي الذي يشير فيه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى تسجيل 101.5 مليون نسمة. وكان الجهاز توقع وصول عدد السكان إلى نحو 120 مليون نسمة بحلول عام 2030، ونحو 153 مليون نسمة في 2052.
مولود كل 13 ثانية
وطالب الرئيس المصري بالوصول إلى معدل 400 ألف مولود كل عام، وإلا فلن يشعر المواطن بعائد التنمية، بينما سجلت مصر العام الماضي نحو 2.3 مليون مولود جديد سنوياً، إذ تسجل مولوداً جديداً كل 13 ثانية، بمعدل 6480 مولودا في اليوم، بحسب وزيرة التخطيط المصرية.
وتستهدف رؤية مصر الاستراتيجية لعام 2030 وصول معدل الإنجاب إلى 2.4 طفل لكل سيدة عام 2032، بدلاً من 3.4 طفل عام 2017، وذلك كسيناريو معتدل، بينما تأمل الدولة بأن تقل النسبة إلى 2.1 طفل لكل سيدة عام 2032، وفي عام 2052 أن تصل إلى 1.6 طفل لكل سيدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب وزيرة التخطيط، فإنه إذا استمر معدل الإنجاب بمتوسط 3.4 طفل لكل سيدة فمن المنتظر أن يصل تعداد السكان عام 2032 إلى 130 مليون مواطن، أما إذا تم تطبيق معدل الإنجاب وفقاً للسيناريو المتوسط (2.4 طفل لكل سيدة) فسيتم اختصام 7 ملايين مولود في عام 2032، وفي حال تطبيق السيناريو المرجو (2.1 طفل لكل سيدة) فسيتم توفير 9.9 مليون مولود في عام 2032 .
وبدأت مصر منتصف سبعينيات القرن الماضي برامج لتنظيم الأسرة، ونجحت في خفض معدل خصوبة المرأة المصرية من 5.6 طفل لكل امرأة عام 1976 إلى ثلاثة أطفال في 2008.
ولكن مع إهمال ملف الزيادة السكانية أعقاب عدم الاستقرار السياسي ارتفعت نسبة الإنجاب إلى 3.5 طفل للمرأة في 2014، لكن الدولة عادت إلى الاهتمام بالملف عبر إطلاق حملة "2 كفاية" في يناير (كانون الثاني) 2019، وهي حملة إعلامية وتوعوية تدعو إلى الاكتفاء بطفلين.
الرأي الشرعي
حول الرأي الشرعي في تنظيم الأسرة، قال مفتي الديار المصرية شوقي علام إنها من الأمور الجائزة شرعاً، ولا تتعارض مع روح الشريعة الإسلامية، مؤكداً عبر تصريحات تلفزيونية أن الإسلام يدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة، وحذّر من خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، لأنها ستكون "الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل كما جاء في النصوص الشرعية، ولذا يجب فهمها في إطار متكامل وشامل".
في المقابل، اعتبر مقرر المجلس القومي للسكان السابق عمرو حسن أنه من الأفضل تطبيق ما سمّاه الحوافز الإيجابية للأسر لتنظيم النسل، مثل صرف مبلغ مالي للأسر الملتزمة بطفلين فقط، أو إتاحة نقاط أكثر في بطاقات التموين، معتبراً أن تنظيم الأسرة أكبر مشروع استثماري، لأن الزيادة السكانية تلتهم أية طفرة في النمو الاقتصادي.
شكوك حول دستورية القوانين
وشدد على ضرورة توضيح الفارق بين مفهومي الحوافز الإيجابية والحوافز السلبية، والتي من بينها حرمان الطفل الثالث فأكثر من الدعم، مضيفاً أنه "لا يمكن تنفيذ مثل هذه التجارب في مصر، لأنها تخالف القانون والدستور وتتعارض مع الشريعة الإسلامية، إذ لا يمكن عقاب الطفل الثالث فأكثر على سلوك والديه بحرمانه من التعليم والخدمات الصحية أو الدعم التمويني".
وأضاف حسن أن البرلمان يمكنه المساعدة بتشريعات تغلظ عقوبة المأذون الذي يعقد قران الفتيات تحت 18 عاماً، ويشدد من عقوبة الأسر التي يتسرب أبناؤها من التعليم، كما طالب بتحقيق استقلال المجلس القومي للسكان عن وزارة الصحة لتكون الجهة المنوط بها تنفيذ الاستراتيجيات السكانية بدلاً من تشتت الجهود بين الوزارات المختلفة، مشيراً إلى أن غياب جهة موحدة تنفذ استراتيجية السكان التي تم إطلاقها عام 2014 أدى إلى عدم نجاحها، إذ كان من المستهدف أن يصل عدد السكان عام 2020 إلى 94 مليون نسمة، بينما سجلت مصر مع نهاية العام الماضي 101 مليون نسمة.