لم تهدأ إسرائيل متمثلة بأجهزتها الأمنية، السياسية والعسكرية، منذ التفجير الذي وقع في سفينة تابعة لرجل الأعمال الإسرائيلي، رامي أونغر، في عمان، وتواصل عقد اجتماعاتها الماراثونية لبحث سبل التعامل مع إيران، بعد اتهام الحرس الثوري الإيراني بإطلاق صاروخ أو اثنين، بحسب الأجهزة الأمنية، أثناء مرور السفينة بمحاذاة مضيق هرمز.
ونقل عن مسؤول أمني أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تراقب التطورات عن كثب، وتواصل إجراء تقييمات ومناقشات سرية حول الموضوع، لجمع المعلومات الاستخباراتية من أجل صياغة الموقف.
ولم يخفِ الإسرائيليون قلقهم من أن تختار إيران الساحة الحربية لمواجهة مع تل أبيب، محذرين من خطر اشتعال يهدد المسارات البحرية، بالتالي يمنع دخول السفن والبضائع إلى إسرائيل، ما سيلحق أضراراً اقتصادية كبيرة.
ووفق تقارير إسرائيلية، فإن 90 في المئة من واردات إسرائيل وصادراتها تجري عبر البحر، و12 في المئة منها (تبلغ قيمتها نحو 15 مليار دولار)، تمر في مضيق باب المندب، الذي تخشى إسرائيل من أن يكون النقطة الأسخن، والذي تستخدمه إيران ضدها.
ويرى أمنيون أن المرحلة الثانية، بعد الأضرار الاقتصادية، ستكون الصدامات العسكرية، التي تعتبر تل أبيب أن نشوبها قد يكون الأسوأ، حيث يقدر مسؤولون في سلاح البحرية أن إيران طورت قدرات هجومية تتيح لها تهديد السفن البحرية على مدى بعيد، ومن البر أيضاً.
وفي حين اعتبرت إسرائيل الهجوم على السفينة تجاوزاً للخطوط الحمراء، دعا مسؤولون للرد على هذا الهجوم، ودعم وزراء وسياسيون الموقف.
وفي أعقاب مشاورات أمنية، أطلق رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، تهديداً مباشراً تجاه إيران، بعد أن لمح إلى أنها تقف وراء استهداف سفينة HELIOS RAY، قبالة شواطئ عمان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاء تهديد كوخافي بعد أن دعا أكثر من أمني وعسكري إلى توجيه ضربة ضد إيران بعد أن تجاوز خطرها صناعة القنبلة النووية، إلى اعتداءات مباشرة ضد أهداف إسرائيلية. وبحسب كوخافي فإن الجيش "يعمل مقابل مختلف التهديدات التي تشكل خطراً عليه في الدائرة القريبة والبعيدة".
تزامناً مع تصعيد التهديدات الإسرائيلية ضد إيران، سواء من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أو وزير الأمن، بيني غانس، وغيرهما من المسؤولين السياسيين والأمنيين، تم الكشف عن توسيع مفاعل ديمونة، وإقامة منشأة أمنية إسرائيلية، جنوب غربي القدس.
منشأة أمنية إسرائيلية بعد توسيع مفاعل ديمونة
ووفق ما نشر عن هذه المنشأة، تظهر في الخرائط الإسرائيلية أنها منطقة مفتوحة، ومنطقة مغلقة في خرائط الطيران المدني. وأكدت صحيفة "هآرتس"، أنه توجد في هذه المنطقة قاعدة لسلاح الجو الإسرائيلي باسم "كناف 2"، في حين تحدثت مصادر إعلامية أخرى عن ثلاثة أسراب طائرات لصواريخ أرض – أرض من طراز "ياريحو" القادرة على حمل رأس حربي نووي.
مواجهة النووي الإيراني
في مقابل المطالبة المتزايدة لتوجيه ضربة ضد إيران، رداً على استهداف السفينة في عمان، حذر أمنيون من الاستمرار بالسياسة الإسرائيلية الحالية تجاه الملف النووي الإيراني.
ويرى جنرال الاحتياط، متان فلنائي، أن طهران باتت تملك أقرب من أي وقت مضى، قدرة نووية عسكرية. وأضاف "هناك حقيقة أخرى لا جدال فيها، وهي أن تقدم إيران في تطوير قدرة إنتاج وإطلاق سلاح نووي يشكل تهديداً علينا، ما يتطلب اتخاذ خطوات عملية وسريعة، وكل من يعتبر أمن إسرائيل في رأس اهتمامه، يجب أن يركز على تحسين الاتفاق الأصلي وعلى الجهود للتأكد من أنه ستأتي في المرحلة التالية المصالح، المعرفة والمفاهيم الإسرائيلية للتعبير عن نفسها عند بلورة الاستراتيجية والخطوات التكتيكية للإدارة الأميركية".
ويقود فلنائي حركة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، التي شكلت فريقاً خاصاً لبلورة توصيات لمتخذي القرارات في إسرائيل حول كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية من جهة، ومواجهة خطر النووي الإيراني من جهة ثانية. ويضم الفريق مسؤولين كباراً سابقين في الجيش الإسرائيلي؛ الموساد، والشاباك، وهيئة الأمن القومي، وفي لجنة الطاقة الذرية.
ومن ضمن التوصيات التي قدمت اتخاذ إجراءات فورية لضمان مواجهة تهديدين كبيرين على أمن إسرائيل: تطوير صواريخ تسمح بإطلاق قنبلة نووية، والسلوك المغامر لإيران في المنطقة وعلى طول حدود إسرائيل. إضافة إلى ذلك، أوصى الفريق حكومة إسرائيل بمطالبة الإدارة الأميركية بتوضيح التزامها منع تسلح إيران بسلاح نووي، حتى لو فشلت الجهود الدبلوماسية.
"حزب الله" وخطر دخوله خط المواجهة
في كل بحث يجريه الإسرائيليون حول خطر تصعيد مع إيران، يتصدر "حزب الله" وتعزيز قدراته الصاروخية والعسكرية الأبحاث الإسرائيلية، حيث القناعة الأمنية والعسكرية بأنه في أي مواجهة مع إيران سيدخل الحزب إلى ساحة المعركة، سواء مباشرة عبر الحدود الشمالية مع لبنان، أو دعم المنظمات المسلحة في غزة، أو تنفيذ عمليات في الخارج.
وفي سياق البحث عن خطر النووي الإيراني طرحت أجهزة الأمن تقريراً جديداً حول القدرات الصاروخية لـ"حزب الله"، ادعت فيه أنه يملك ألف صاروخ دقيق، ما يشكل أكبر خطر على إسرائيل.
وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس شعبة أساليب القتال والحداثة في الجيش الإسرائيلي، يقول عيران نيف "فضلاً عن النووي الإيراني فإن هذا هو التهديد الأكبر على إسرائيل اليوم. هذا هو الحدث. وعليه، تجرى تقييمات الوضع، وفي هذه الأثناء نحن نحاول العمل بطرق إبداعية أخرى لا تسمح لهم بالوصول إلى هناك".
وتحاول طهران و"حزب الله"، وفق تقرير أمني، مواجهة القصف الإسرائيلي ضد أهداف في سوريا، وتهريب الصواريخ إلى لبنان عبر "تهريب رزمة الدقة التي تتضمن حاسوباً صغيراً، وجهاز "جي بي أس" لتحديد الموقع الجغرافي، ومجنحات لتوجيه الصاروخ، وأعمال بسيطة نسبياً يمكن من خلالها تحويل الصواريخ إلى دقيقة".
وفي هذا الجانب، دعا عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، إلى فحص وتحديد التوقيت الصحيح للعمل ضد مشروع الصواريخ الدقيقة لدى "حزب الله"، في ظل الفهم بأنه يمكنه أن يؤدي إلى تصعيد واسع. وأضاف أن "وجود مئات الصواريخ الدقيقة لدى المحور الإيراني، وخاصة لدى "حزب الله"، يمكن أن يلحق بإسرائيل ضربة مدنية واسعة، تشمل منظومات حيوية، وهو تهديد استراتيجي لا يمكن السماح بتطوره".