فرضت إجراءات أمنية مشددة على الرئاسة السنغالية والمباني الرسمية في وسط العاصمة دكار، اليوم الجمعة، بعد يومين من الاضطرابات، وفي يوم تظاهرات ينطوي على خطورة احتجاجاً على اعتقال المعارض الرئيسي للسلطة عثمان سونكو الذي يمثل أمام القضاء.
وشهدت أحياء عدة في العاصمة ومدن أخرى في هذا البلد المعروف بأنه منطقة استقرار في غرب أفريقيا منذ الأربعاء، مواجهات بين شبان وقوات الشرطة وأعمال تخريب ونهب محلات تجارية، خصوصاً العلامات الفرنسية.
صدامات ومواجهات
واستمرت الصدامات ليلاً في ضواحي دكار، وأطلقت دعوة إلى التظاهر الجمعة يوم مثول المعارض سونكو أمام قاض.
وفقد محاموه لساعات أثر موكلهم المحتجز لدى الدرك، وكادوا يتحدثون عن "خطفه" من قِبل السلطات. لكنهم تمكنوا من معرفة مكانه في المركز الأمني التابع للمحكمة التي مثل أمامها نحو الساعة 11,00 بالتوقيت المحلي وغرينتش.
وأثار اعتقال عثمان سونكو، الأربعاء، وهو في طريقه إلى المحكمة حيث كان يفترض أن يُستجوب بتهم اغتصاب ينكرها، غضب مؤيديه.
ويقول كثير من السنغاليين إن توقيف المرشح الذي حلّ ثالثاً في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2019، ويعد من أهم المرشحين في الاقتراع المقبل في 2024، أدّى أيضاً إلى زيادة السخط المتراكم في هذا البلد الفقير في مواجهة قسوة الحياة منذ عام على الأقل وبداية الوباء.
وأسفرت الاحتجاجات عن سقوط قتيل واحد على الأقل الخميس جنوب البلاد. وذكر مسؤول محلي في يومبيول، إحدى ضواحي دكار، أن شخصاً ثانياً، هو بحسب وسائل التواصل الاجتماعي فتى، توفي لكن لم يتأكد ذلك رسمياً.
وهاجم المتظاهرون، مساء الخميس، مقر صحيفة "لو سوليي" الحكومية وإذاعة "آر أف أم" التابعتين لمجموعة إعلامية يملكها المغني والوزير السابق يوسو ندور، وتعتبران مقرّبتين من السلطة.
اعتقال سونكو
وقال شهود عيان إن متظاهرين هاجموا ليلاً سائقي السيارات على الطريق السريع في ضواحي دكار. وتعرّضت مبانٍ كثير من العلامات التجارية الفرنسية، بما فيها "أوشان"، لهجمات منذ الأربعاء، بينما أغلقت المدارس الفرنسية في البلاد.
ويسود توتر شديد الجمعة. فإضافة إلى الدعوة إلى التظاهر في جميع أنحاء البلاد، اقتاد دركيون عثمان سونكو ليمثل أمام قاض مكلف بالتحقيق في جرائم اغتصاب مفترضة يُتهم بارتكابها، كما يقول محاموه.
وأوقف سونكو بتهمة إخلاله بالنظام العام في أثناء توجهه إلى المحكمة. وقال أحد محاميه مي بامبا سيسي، إنه يخشى أن يُسجن موكله في نهاية جلسة المحكمة، وهو أمر سيؤدي على الأرجح إلى "تفاقم الغضب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونُشرت قوة كبيرة للشرطة حول مبنى المحكمة في حي بلاتو، مركز السلطة وعلى بعد مئات الأمتار جرى تطويق محيط مقر الرئاسة بحواجز تمركزت خلفها آلية مصفحة.
وذكر صحافي، من وكالة الصحافة الفرنسية، أن مبنى الجمعية الوطنية المجاور يخضع للمراقبة أيضاً.
ويواجه سونكو، 46 سنة، منذ بداية فبراير (شباط)، شكوى بتهمة الاغتصاب والتهديد بالقتل، رفعتها ضده موظفة في صالون تجميل كان يرتاده من أجل التدليك، لتخفيف آلام ظهره على حد قوله.
وينفي سونكو المناهض للنظام في خطابه هذه الاتهامات. وهو يتحدث عن مؤامرة دبرها الرئيس ماكي سال لاستبعاده عن الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ونفى الرئيس في نهاية فبراير ذلك، لكنه التزم الصمت بشأن هذه القضية منذ ذلك الحين.
الحكومة تحذر
وحذرت الحكومة من أنها ستتخذ "جميع الإجراءات الضرورية للحفاظ على النظام العام". كما حذر "بعض وسائل الإعلام" من تغطيتها "المنحازة".
وأعلنت السلطات منذ مساء الخميس تعليق بث قناتين تلفزيونيتين خاصتين قالت إنهما "عرضتا لقطات لأعمال العنف".
وتحدثت شبكات التواصل الاجتماعي عن اضطرابات للإنترنت، مثل تلك التي سجلت في عدد من البلدان بمبادرة من الحكومات في أوقات الأزمات.
وأكد "نيتبلوكس"، المرصد الذي يراقب هذه الانقطاعات، وجود قيود على شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، ما أثر في تقاسم الصور وتسجيلات الفيديو على مواقع "فيسبوك" و"يوتيوب" و"واتسآب" و"تلغرام"، بحسب المصدر نفسه.
وعبّر المدافعون عن حقوق الإنسان عن استيائهم من معالجة السلطات للأزمة.
وقالت منظمة العفو الدولية، في بيان، "يتعين على السلطات السنغالية أن توقف فوراً الاعتقالات التعسفية للمعارضين والنشطاء، وأن تحترم حرية التجمع السلمي والتعبير، وأن تكشف ملابسات وجود رجال مسلحين بهراوات إلى جانب قوات الأمن".