يزور وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف العاصمة السعودية الرياض ضمن حراك سياسي لافت يشهده البلد تكلل بلقاءات جمعت قياداته بوفود إسلامية وخليجية وعربية. وعقد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء في الرياض، مؤتمراً صحافياً دانا فيه الاعتداء الذي تعرضت له المنشآت النفطية السعودية في رأس تنورة شرق البلاد.
وتناول الطرفان خلال اللقاء القضايا الحاضرة على طاولتهما دائماً، إذ لا تغيب أسعار النفط و"أوبك" عن نقاشات مسؤولي البلدين، إضافة إلى صراعات ومشكلات المنطقة التي باتت روسيا جزءاً منها عبر مشاركتها المباشرة في سوريا، وبشكل نسبي في ليبيا، ومن طريق الحضور السياسي في اليمن والعراق.
إلا أن تصدر ملف الحوثيين والاعتداءات التي تتعرض لها السعودية مقدمة المؤتمر الصحافي، واللغة الحادة التي تحدث بها الطرفان ضد الميليشيات، تضع اللقاء في سياق لقاءات الأيام الماضية التي تحولت فيها الرياض إلى محطة لاستقبال قادة وسياسيين من مختلف مناطق العالم، أكدوا دعمهم الرياض في مواجهة الاعتداءات التي لقيت إدانة دولية واسعة على المستويات كافة.
"شيك على بياض"
وكان لافتاً في اللقاء حديث لافروف، الذي لم يخف تمسكه بالحل السياسي واستبعاده أية فرصة لإنهاء انقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية إلا عبر احتوائهم ضمن عملية سياسية، إلا أنه وجّه رسالة حادة إلى الميليشيات قائلاً، "على الحوثيين ألا يفهموا أن رفع اسمهم من قوائم الإرهاب الأميركية شيك على بياض لمواصلة العنف".
في المقابل، قال الوزير السعودي إن بلاده مستعدة لاتخاذ "الإجراءات اللازمة والرادعة لحماية مكتسباتها الوطنية، ومقدرات وأمن الطاقة العالمي من الهجمات الإرهابية التي تستهدف المنشآت النفطية والملاحة البحرية"، مُجدداً دعم الرياض الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية عقب المكتسبات التي حققها اتفاق الرياض. وأضاف، "تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة يعد خطوة مهمة في فتح الطريق أمام حل سياسي متكامل للأزمة، ونؤكد دعمنا لجهود المبعوث الأممي للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار والبدء بعملية سياسية شاملة".
سوريا وإيران
لقاء الوزيرين اليوم أفرد مساحة ليست بالقليلة للأزمة السورية التي تشارك فيها موسكو بشكل مؤثر، مهد له لقاء أمس 9 مارس (آذار)، بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتيف.
وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن تفاصيل اللقاء، إلا أن اقتصاره على المبعوث الروسي، إضافة إلى ما تم طرحه في اللقاء الوزاري اليوم، يمكن أن يساعد في توقع ما تم تداوله حينها، إذ علق الأمير فيصل على هذا الملف قائلاً، "ندعم الوصول إلى حل سياسي في سوريا يضمن سلامة المدنيين ويحميهم من المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تعطل التوصل إلى حل شامل"، مؤكداً دعم الرياض لعودة دمشق إلى الجامعة العربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أكد الطرفان حرصهما على إبقاء منطقة الخليج بضفتيها خالية من الأسلحة النووية، انطلاقاً من منع إيران من تطوير قنبلتها، قبل أن يختتم الوزير الروسي زيارته إلى الرياض بلقاء ولي العهد السعودي.
مطار الرياض المزدحم
وعلى الرغم من أن لقاء الأمير والوزير لم ترشح عنه تفاصيل كثيرة، إلا أن حضوره في زخم الزيارات الدولية التي تشهدها الرياض خلال اليومين الماضيين يعطيه أهمية قصوى.
فقبل الزيارتين الروسيتين، استقبل الأمير محمد بن سلمان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الثامن من مارس الحالي، تلاه لقاء ثان في اليوم ذاته مع ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.
واختتم رئيس وزراء ماليزيا، محيي الدين ياسين، زيارته للسعودية التي بدأت بمكة والمدينة، بالنزول في مطار الرياض قبل العودة إلى كوالالمبور.
وتكتسب الزيارة أهميتها من كونها تعيد العلاقة بين قطبين مهمين في العالم الإسلامي إلى سياقها، بعد أن أخذت مساراً لم يعتده الطرفان، بالنظر إلى مستوى التوتر الذي شابها خلال فترة رئاسة مهاتير محمد لماليزيا.
ووقع الطرفان ثلاث اتفاقات، يتعلق الأول بمحضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي - الماليزي، فيما كان الثاني في مجال قدوم الحجاج والمعتمرين، أما الثالث فحول مذكرة تفاهم في مجال الشؤون الإسلامية.
كما شهد اليوم التالي زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، قبل أن يختتم لافروف جدول الزيارات اليوم.
ولم تنشر وكالات الأنباء تفاصيل كافية عما بحثه المسؤولون خلال زيارتهم الرياض، لكن الأيام ستفصح عن بعض منها، فيما يمكن قراءة بعضها الآخر وفق سياقات الملفات السياسية.
ذكرى عاصفة الحزم
وتحل بعد أيام، أي في الـ 25 من مارس، الذكرى السادسة لانطلاق الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي سمتها الرياض "عاصفة الحزم".
وخلال الأيام التي تسبق الذكرى، تطلق السعودية حملة جوية كبيرة ضد الميليشيات الحوثية في صنعاء على غرار تلك التي بدأت بها الحرب، بعد أن كانت علقت قصفها لعدد من المناطق التي لا تشهد اشتباكات، بحسب وزير الخارجية السعودي.
وأتى التصريح بعد ساعات من إعلان الرياض اعتراض 12 طائرة مسيّرة اتهمت ميليشيات الحوثي بالوقوف خلفها، ومحاولة استهداف منشآت نفطية سعودية شرق البلاد بصواريخ ومسيّرات، قالت الرياض إنها "أتت من طريق البحر".
واستئناف العمليات الجوية المكثفة ليس الرابط الوحيد بذكرى عاصفة الحزم، إذ إن مراقبين يرون تشابهاً في الحراك السياسي الذي تشهده الرياض هذه الأيام، وبين ذاك الذي سبق الـ 25 من مارس 2015، ما يعطي صورة مغايرة للذكرى السادسة بخلاف السنوات الماضية.