وسعت الحكومة الجزائرية اهتمامها ليشمل الجالية المقيمة في الخارج، بالإعلان عن تسهيلات لفائدة الشباب المغترب لتشجيعهم على خلق مؤسسات مصغرة في بلدهم، في خطوة اعتبرت محاولة لامتصاص تذمر جزائريي الخارج.
تسهيلات للمهاجرين
وأوضح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، مراد زمالي، أن شروع البنوك الجزائرية في فتح فروع لها في بعض البلدان، من شأنه الإسهام في تسهيل تمويل مشاريع أبناء الجالية في الخارج، بخاصة أنه تم إسقاط شرط إثبات حالة "البطالة" التي كانت إحدى أهم العراقيل أمام المغتربين. وقال إن التسهيلات تسمح لشباب الجالية بالاستفادة من آليات أجهزة دعم التشغيل.
وأشار الوزير إلى وجود 60 مؤسسة مصغرة تم انشاؤها من قبل شباب الجالية الجزائرية في الخارج، بينها 50 مؤسسة في إطار وكالة دعم تشغيل الشباب، و10 أخرى ضمن صندوق التأمين عن البطالة.
وأكد أن عدداً كبيراً من المؤسسات المصغرة المستحدثة في إطار أجهزة التشغيل خلال السنوات الأخيرة، تتعلق بقطاعات الفلاحة والصناعة والسياحة والصناعات التقليدية، وكذلك تكنولوجيات الإعلام والاتصال، مبرزاً أن 67 في المئة منها تعود للشباب حاملي شهادات التكوين المهني.
استعادة الثقة؟
وأكد أستاذ الاقتصاد عمر هارون أن ما تقوم به الجزائر لأبنائها استثنائي، فالحكومة في هذه المرحلة لا تبحث عن أموال الجالية الموجودة في الخارج، بل تساوي بين المقيمين في البلاد وخارجها، في منح الامتيازات وتقديم التسهيلات.
وشدد على أن الإجراءات المعلن عنها أخيراً لصالح الجالية الجزائرية في الخارج خير دليل على ذلك، فوكالة دعم وترقية المقاولاتية سهلت بشكل كبير الاستفادة من تمويلاتها الخاصة بإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، والتي تصل إلى حوالى 65 ألف دولار أميركي، من دون الحاجة للحضور جسدياً، وذلك من خلال جعل كل المراحل تتم عن بعد وبسهولة كبيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال هارون إن هذه العمليات وغيرها هدفها الرئيس استعادة الثقة بين الدولة وأبنائها في المهجر، الأمر الذي يمكن أن يحقق منافع كبيرة للطرفين. فالجالية في الخارج يمكن أن تقدم على استثمارات مهمة في الجزائر، بخاصة إذا قامت بجلب التجربة والخبرة التي تمتلكها. في المقابل، تستفيد الدولة من عدد كبير جداً من أفراد الجالية الموجودين في الخارج.
وأضاف أن دخول مستثمرين من الجالية سيعطي السوق المحلية تنافسية أكبر وقدرة على التوسع وتطوير الإمكانيات التصديرية، لأن المغتربين يفهمون السوق الأوروبية وقادرون على توفير سلع تتلاءم والحاجات الخارجية مع تكاليف جد منخفضة، نظراً لأسعار الطاقة المتدنية واليد العاملة منخفضة التكلفة.
وختم أن تحقيق ما سبق يحتاج إلى إصلاحات اقتصادية عميقة أساسها عصرنة الجهاز المصرفي للسماح لهم بتحويل أموالهم إلى الجزائر، وتخفيف الأعباء البيروقراطية، وترقية المنظومة الجبائية والجمركية مع تحرير المبادرة الاقتصادية.
اهتمام تبون
ومنح الرئيس عبد المجيد تبون أولوية واهتماماً كبيرين لفئة الشباب، وسبق أن أمر برفع العراقيل أمامها لتمكينها من الإسهام في تطوير الاقتصاد ودفع عجلة التنمية المحلية.
وفيما أكد أن عهد العراقيل البيروقراطية قد ولى مع الممارسات السابقة، أمهل المحافظين وجميع الجهات ذات العلاقة بملف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة شهرين فقط لتمكين الشباب من أهدافهم. وقال "نرفض تحطيم آمال الشباب الراغب في بناء مستقبل بلده".
فتح الحدود أولوية
وفي السياق، أوضح البرلماني السابق المكلف بالجالية في الخارج، نور الدين بلمداح، أنه بخصوص استثمار الجالية، "كنت من الأوائل الذين تطرقوا لهذا الموضوع، وشجعنا تحقيقه بقوة"، بخاصة أن الخطوة تفتح المجال لنقل التكنولوجيا، لا سيما بالنسبة إلى مالكي شركات ناجحة في الخارج.
لكن المشكلة الأكبر، وفق بلمداح، هي أن الجالية همها الوحيد السماح لها بالدخول إلى البلاد، ومن ثم الاستثمار، "فلا يعقل أن تمنع شخصاً من زيارة عائلته، بينما تفتح معه حديثاً حول الاستثمار".
اعتراف ودمج
واعتبر ممثل الجالية الجزائرية في مدينة مونبلييه الفرنسية هشام مقلاتني، أن المغتربين بحاجة إلى الاعتراف بهم ودمجهم في الحياة السياسية والاقتصادية، داعياً السلطات إلى تشجيعهم على العودة بشكل مؤقت أو دائم، وذلك من خلال خلق مناخ مفعم بالثقة والاعتراف بشهاداتهم المحصلة في الخارج، وتشجيعهم على الاستثمار داخل بلادهم عبر الحد من بيروقراطية بعض الإدارات.