حذر خبراء من خطورة تعرض الشباب الذين يُكافحون في سبيل العثور على وظيفة أثناء جائحة كورونا، إلى الاستهداف الإلكتروني من جانب مجرمين يسعون إلى استغلالهم كـ"بغال مال" money mules لنقل ثروات غير مشروعة.
إذ كشفت منظمة "سايفاس" Cifas لمكافحة الاحتيال عن اشتباهها بأكثر من 17 ألف قضية عمل فيها أشخاص تتراوح أعمارهم بين 21 و30 سنة في تحويل أموال أو نقلها عبر حساباتهم الشخصية، بغرض تبييض عائدات النشاطات الإجرامية.
وأكدت المنظمة أن عدد القضايا المشتبه بأنها قضايا نقل أو تحويل أموال غير مشروعة قد ارتفع بـ5 في المئة في أوساط الفئة العمرية المذكورة خلال 2020، مقابل تراجعه بـ12في المئة في أوساط الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ21 سنة.
واستناداً إلى ذلك، يكون العدد الإجمالي لقضايا نقل الأموال غير المشروعة قد ارتفع بـ27 في المئة منذ 2017.
وتعقيباً على تحذيرات من خبراء، أفادت "يوكاي فاينانس" UK Finance للتجارة المصرفية أن المجرمين يستغلون نقص العمالة ويلجأون إلى وسائل التواصل الاجتماعي وإعلانات الوظائف والرسائل الإلكترونية الخادعة كي يستهدفوا شباباً يسعون خلف "الربح النقدي السريع" وإقناعهم بتسليم تفاصيل حساباتهم المصرفية كي يتلقوا مبالغ مالية المطلوب منهم تحويلها مجدداً مع اقتطاع نسبة صغيرة منها. وبهذه الطريقة، يكون من الصعب على أجهزة إنفاذ القانون تعقب أموال المجرمين التي يُمكن أن تتأتى من الاتجار بالمخدرات والإرهاب وتهريب البشر.
وبصورة عامة، يُعتبر تحويل عائدات النشاطات الإجرامية جريمةً يُعاقب عليها القانون بالسجن لمدة طويلة، سواء كان الفاعل المتورط على علم ودراية بمصدر الأموال أم لم يكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب "سايفاس" Cifas، فقد استأثر الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و30 سنة بـ42 في المئة من صفقات تحويل الأموال غير المشروعة في 2020، مقابل 38 في المئة قبل ثلاث سنوات.
وقد يكون استخدام لغةً إلكترونية معينة على غرار "وكلاء تحويل المال" money transfer agents أو "المجهزين المحليين" local processors برفقة صور تُظهر أنماطاً فاخرة في العيش تشمل امتلاك سيارات أو نقود، بمثابة علامات تنذر بوجود نشاط إجرامي.
وكذلك أوضح المسؤولون عن الحملة أنه يُمكن للمجرمين خلق حسابات على منصات التواصل الاجتماعي والتسلل إلى مجموعات شعبية أو صفحات ذات اهتمامات خاصة، بحثاً عن أهداف ملائمة. كذلك يُمكنهم التستر تحت عباءة خدمات الرسائل الفورية المشفرة.
وبناء على ما تقدم، تطالب"يوكاي فاينانس" و"سايفاس" بإدراج الجريمة الاقتصادية والاحتيال، في مشروع القانون المرتقب بخصوص السلامة على الإنترنت. ومن شأن ذلك أن يُحمل المنصات الإلكترونية مسؤولية حذف المحتويات الاحتيالية، على شاكلة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي وإعلانات الوظائف التي تُستخدم لتجنيد "بغال المال" money mules.
وفي هذا السياق، ذكرت كاتي وروبيك، المديرة الإدارية للجريمة الاقتصادية لدى "يوكاي فاينانس" أن "المجرمين يفترسون "جيل كوفيد" وكل من يُكافح من أجل العثور على فرصة عمل في هذه الأوقات العصيبة، وذلك عن طريق نشر إعلانات وظائف مزورة لاستقطاب وسطاء ماليين".
وأضافت، "نود أن نحث الجميع على التزام جانب الحذر إزاء عروض عن كسب المال السهل والسريع، حتى لو بدا لهم العرض أروع من أن يكون حقيقياً، فالأرجح أنه كذلك".
ولفتت إلى أنه "بالنسبة إلى المنصات الإلكترونية، فنحن ندعوها إلى اتخاذ إجراءات سريعة في رصد وإزالة المحتويات التي تُستخدم من أجل الترويج لنشاطات نقل الأموال غير المشروعة أو تحويلها".
في سياق متصل، لفت مايك هايلي، الرئيس التنفيذي لـ"سايفاس" إلى أن "السماح لطرفٍ آخر باستخدام حسابك المصرفي بغرض تحويل الأموال، يعتبر أمراً غير شرعي. وقد تكون هذه التحويلات في ظاهرها غير مسيئة، لكن الأموال التي يُطلب منك تحريكها تأتي غالباً من عمليات احتيال وجرائم ارتُكبت بحق أفراد أبرياء في المجتمع".
وتابع، "نحن نرى اليوم مزيداً من الاختلافات في هذا النوع من النشاطات، كأن يُطلب من "البغال" شراء عملات مشفرة أو بطاقات هدايا بهدف التستر على الأموال المسروقة، ما يُصعب على المنظمات تعقب هذه الأموال وإعادتها إلى أصحابها".
ولاحظ أيضاً أنه "بالنسبة إلى المصارف، فقد بات لديها الآن تكنولوجيا متطورة في الكشف عن تحويلات الأموال غير المشروعة. وحينما يُقبض على الوسطاء، فمن الممكن أن يتوقعوا لحساباتهم أن تُقفل ويواجهوا صعوبة في الحصول على ائتمانات أو هواتف نقالة أو قروض مصرفية مستقبلاً. لذا، يقتضي الأمر أن تُبقي حسابك لنفسك وألا تنجر وراء المشاركة في هذا النشاط غير المشروع".
وكخلاصة، دعت "يوكاي فاينانس" و"سايفاس" الناس إلى اتباع نصيحة الحملة بعدم الانخداع وإعطاء تفاصيلهم المصرفية إلا إلى أشخاص يثقون بهم ويعرفونهم حق معرفة.
وفي سياقٍ متصل، أشار بول دايفيس، مدير مكافحة الاحتيال في "لويدز بنك" Llyods Bank إلى أن المحتالين يستخدمون صوراً وحسابات مزيفة بهدف استدراج الناس.
وأردف، "الأرجح أن العروض المغرية التي تبدو أروع من أن تصدق، بمعنى إنها غير حقيقية. لذا، فمن المهم أن يفكر الناس بعواقب مثل هذه العروض قبل أن يوافقوا عليها. وتشمل تلك العواقب خسارة حساباتهم المصرفية وتقويض رصيدهم الائتماني ومواجهة عقوبة السجن".
وفي 2018، شكل "لويدز بنك" فريقاً بهدف "رصد بغال المال". ومذاك، تمكن الفريق من كشف النقاب عن أكثر من 88 ألف حسابٍ وسيط وإنقاذ 60 مليون جنيه إسترليني (حوالي 85 مليون دولرا أميركي) من براثن محتالين.
(تقارير إضافية من وكالة "برس أسوسيشين")
© The Independent