بدأت نوال كامل مسارها الفني كراقصة فلكلورية، قبل أن تنتقل إلى التمثيل، وتنوعت تجربتها بين المسرح والسينما والتلفزيون. تعاملت مع كبار الفنانين، من بينهم منصور الرحباني في مسرحية "صيف 840"، ونبيه أبو الحسن في مسرحية "عرس الأخوات"، وكلوفيس عطاالله في مسرحية "عكس السير"، وزياد الرحباني في مسرحية "لولا فسحة الأمل" وصباح في فيلم "أيام اللولو". حضورها الفني كان مكثفاً على الشاشة الصغيرة في العامين الأخيرين بعد ابتعاد عنها دام 4 سنوات، حيث شاركت في مسلسلات "خمسة ونص"، و"بالقلب"، و"ما فيّ" بجزأيه و"لو ما التقينا" المقرر عرضه على الشاشات اللبنانية في رمضان المقبل، بعد عرضه في الكويت العام الماضي، كما تحضر لمشروع جديد لا يزال قيد التحضير.
كامل التي تعاملت مع فناني الجيل الذهبي وفناني الجيل الحالي، هل ترى أن الجيل الفني السابق كان أكثر وفاء للمهنة من جيل اليوم، توضح "هذا الأمر لا يقتصر على الفنان فقط، بل يشمل كل الناس. في الماضي كان هناك احترام للأكبر سناً وتقديراً للصغير، واليوم فُقد الحس الإنساني في كل المجالات، ولم يعد هناك وجود للرحمة والإنسانية. هذا الجيل أناني، لأنه نشأ على تربية فاسدة وخطأ، ولا بد أن ينعكس الأمر بشكل سلبي على كل المجتمع، حيث تسود المصالح الشخصية على حساب القيم والأخلاق والمبادئ".
صباح وزياد وتجار سوق الخضار
واستحضرت كامل تجربتها مع الفنان زياد الرحباني في مسرحية "لولا فسحة الأمل" قائلة "ليت الكل مثله، من ناحية طريقة تعامله واحترامه للفنان وللعمل. كان دفع لنا بدل أتعابنا خلال التمارين التي تمتد لشهرين أو ثلاثة أشهر، وهذا الأمر لا يفعله أي منتج آخر في لبنان، كما أنه منظم بشكل كبير، ودقيق في مواعيده. عندما كان ينتهي تصميم الديكور كان يمسك بيدينا ويجعلنا نسير كالقافلة ويجول بنا كي لا نتأذى، كما أنه لا يوجه كلاماً نابياً للممثل. زياد الرحباني فنان حقيقي يحترم نفسه وغيره وعمله. أما الفنانة الراحلة صباح التي شاركت معها في فيلم "أيام اللولو"، فهي إنسانة متواضعة جداً. ومع أنه لم تجمع بيننا أي مشاهد في الفيلم، لكني فوجئت بأنها تحفظ اسمي عندما عدنا والتقينا في افتتاح إحدى مسرحياتها". وتضيف كامل "اليوم نحن نشارك في مسلسلات مع شركات محترمة، ويمكن القول، إن المعاملة جيدة، ولكن بعض مديري الإنتاج يتكلمون مع الممثلين كما يتكلم "التجار في سوق الخضار" ويعتبرون أن هذا الأمر نوع من "الشطارة"، ولكنني لا أهتم لأن العمل لا يتوقف عليهم. أما بالنسبة للممثلين فهم بشر، بعضهم ناضج ومثقف وأجد متعة في العمل معهم، وبعضهم الآخر مختلف تماماً ووجودهم يكهرب الأجواء".
وهل ترى أنها تنال حقها مادياً ومعنوياً، كممثلة صاحبة خبرة وتجربة، تلعب أدواراً ثانوية أم أن نجوم الصف الأول هم الأوفر حظاً من هاتين الناحيتين، توضح كامل "أنا لم ألعب أدوار البطولة المطلقة، وأعتبر أن كل ممثل بطل في الدور الذي يؤديه، لأن المسألة عندي لا تتوقف عند أدوار البطولة. وبقدر ما يلعب الممثل دوره باحتراف بقدر ما يترك أثراً إيجابياً عند الناس، وهذا أمر واضح وليس كلاماً لمجرد الكلام. كل أدواري وصلت للناس وتحدثوا عنها وأشادوا بها وكذلك الصحافة، وعندما يذكرون اسمي يسبقونه بعبارة الممثلة المبدعة"، وتضيف "وبالنسبة للأجر، لا ينال الممثل حقه في لبنان. ومهما كان حجم المبلغ الذي يدفعه المنتجون ويعتبرونه جيداً، لكنه لا يفيه حقه، لأن العمل الفني ليس سهلاً، والممثل يشتغل بكل حواسه وأعصابه ويسخرهما من أجله. فهو يخرج من "مزاج" وينتقل إلى آخر، ويبكي ويضحك، ولأننا نعيش في لبنان في ظروف غير مستقرة، فنحن مجبرون على مسايرة شركات الإنتاج من الناحية المادية، لكي لا تُفلس ويتوقف عملها وعملنا. وفي حال عُرض عليّ عمل اليوم، فإنني لا أعرف هل أتقاضى أجري بالدولار أم بالليرة اللبنانية، وكم المبلغ الذي سوف أتقاضاه. ولكن مهما كانت الظروف، وحتى كانت الأوضاع مستقرة، فمن المؤكد أن الممثل لا ينال حقه في لبنان، وبالنسبة لممثلي الصف الأول، فلا أعرف كم يتقاضون؛ لأنني لا أكون حاضرة عند توقيع عقودهم".
عرض وطلب
إلى ذلك، ترى كامل أن مهنة التمثيل تقوم على العرض والطلب وتوضح "عندما يعرض عليّ دور ما، أعتذر عنه في حال كانت مساحته "بلا طعمة" ولا أبعاد فيه، ولكن في حال أعجبني، أقبل به، ولا أهتم لمساحته بقدر اهتمامي بالشخصية في القصة. أنا أقرأ النص كاملاً، ولا أكتفي بقراءة دوري فقط، ولا يمكن أن أقبل بذلك على الإطلاق". ولأنه لا توجد أعمال تصورّ بنصوص منجزة كما يؤكد معظم الممثلين، تجيب "هذا صحيح، خصوصاً الأعمال الرمضانية وهنا (ناكل الضرب) كممثلين. وهذا الأمر حصل معي في عملين، ولكن لم أستطع أن أفعل شيئاً. يومها قرأت النص وأعجبتني الشخصية وقصة المسلسل، والكاتب والمخرج كانا رائعين، وعندما سألت ماذا سيحصل مع الشخصية، أخبروني بالتفاصيل، لكن عندما أصبحنا في منتصف التصوير تغير كل شيء. أخلاقياً، لم أتمكن من الانسحاب وترك كل شيء ورائي"، وتتابع "مشكلة الأعمال الرمضانية أنهم ينتظرون حتى اللحظة الأخيرة كي يباشروا التصوير، ثم يبدأ الركض لإنجاز العمل بسرعة لكي يكون جاهزاً للعرض في شهر رمضان". وهل يؤثر هذا الوضع على صورتها كممثلة؟ تجيب "الشخصية لا تتشوه كثيراً، ولكن تختلف أبعادها. وربما يعود السبب في اللجوء إلى هذا الأمر، إلى قرار القيمين على العمل بتصوير جزء ثان منه، فيغير الكاتب النص لكن من دون أن يشوهه ويترك النهاية مفتوحة، وهنا يُصاب الممثل بالصدمة ولكن المشاهد لا يعرف ولا يتأثر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تخفي كامل أن هناك نصوصاً مسطحة في بعض الأعمال وتضيف "شاركت في البعض منها ولكنها كانت مسطحة إلى حد ما. لا يمكنني أن ألعب شخصية بلا نكهة، ولكني قبلت بأدوار أخف من غيرها لأنني كنت بحاجة إلى العمل، لعدم وجود مورد رزق آخر أعتاش منه". وهل تركت هذه الأعمال غصة في نفسها؟ تقول "الغصة موجودة دائماً. مجرد قبولي بتلك الأعمال هو غصة بحدّ ذاتها، مع أنني وضعت كثيراً من نفسي وجهدي فيها".
كامل التي تعرضت للاغتصاب في عمر المراهقة، سبق لها أن أطلت على الشاشة وتحدثت عن هذه التجربة من دون تردد، وحول هذا الموضوع تقول "ما الذي يمنع من أن أتحدث عنه. كلنا نمر بظروف صعبة في هذه الحياة، والاغتصاب الجسدي أهون بكثير من الاغتصاب المعنوي الذي يمكن أن يرافقنا مدى العمر. يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يتصالح مع ذاته، وأن يسامح لكي يتحرر داخلياً. حياة الإنسان أهم وأغلى بكثير من أي عقبة يمكن أن تعترض طريقه. لم أسمح للاغتصاب بأن يوقف حياتي، والإنسان يجب أن يتطور ويتقدم، والكارثة إذا لم يفلح في ذلك، وعلينا أن نتعلم من كل الأشياء والتجارب". وتصف كامل الاغتصاب بـ"التجربة القاسية والصعبة جداً" وتتابع "لكنني حولتها إلى تجربة إيجابية بإيماني. هناك أمور لا يمكن تخطيها من دون إيمان، ولم أسمح لحياتي أن تتوقف بسبب نقطة سوداء اعترضتني، لأن الحياة قيمة لا تقدر بثمن. عندما تعرضت للاغتصاب بكيت وحزنت، ولم أتجاوز أزمتي إلا بعد فترة طويلة، ولكني رفضت أن أمضي عمري وأنا أبكي على الأطلال". في المقابل نفت كامل أن تكون قد خضعت لعلاج نفسي لتجاوز أزمتها، وقالت "لست ضد العلاج النفسي في حال شعر الإنسان أنه لا يستطيع أن يتجاوز أزماته، ولكنني تمكنت من أزمة الاغتصاب بالإيمان وباتخاذ قرار بالخروج منها".