ربما لا يصدق البعض أن قبر الفنانة المصريَّة الراحلة ناهد شريف، (رحلت عن عالمنا في عام 1981)، ظل مجهولاً حتى أيام قليلة، ولم يكن أحد يعلم مكانه أو معلومات عنه، بل كان مثار تكهنات وتخمينات من قبل كثيرين، جميعها، أي التخمينات، أصابها الخطأ، خصوصاً بعد أن اُكتشف القبر رغم مرور 38 عاماً على الوفاة، بل وحضرت ابنتها الوحيدة باتريسيا من لبنان لزيارة قبر والدتها، ودعت أصدقاء الراحلة لمشاركتها تلك اللحظة... لكن كيف اكتشف القبر؟ وما سر اختفاء مكانه طوال تلك الفترة؟ هذا ما نكشفه في السطور القادمة...
جمال درويش، رجلٌ خمسينيٌّ، يعشق الفنانين، ترك تجارته وحياته وتفرَّغ لمتابعتهم، خصوصاً الراحلين منهم، قادته الصدفة إلى العثور على قبر الفنانة الراحلة ناهد شريف، ليقترن اسمه باسم الراحلة، ويكون له الريادة في هذا الأمر، التقته "اندبندنت عربية" ليسرد الحكاية ويكشف التفاصيل.
مديحة كامل... بداية الخيط
يحكي درويش تفاصيل القصة، يقول "تحدث معي رجلٌ عربيٌّ، عاشق النجمة الراحلة مديحة كامل، وطلب مني جمع كل المعلومات والأخبار والصور عنها بسبب حبه الشديد لها، وطلب مني أن أساعده في زيارة قبرها، والبيت الذي كانت تعيش فيه، وفي أثناء بحثي في مقابر المجاورين التقيت أحد الرجال، الذين يعملون بالمقابر في الدفن والحراسة، وفي أثناء بحثهما عن قبر مديحة كامل تعرفا إلى رجل آخر يعمل في حراسة المقابر، وقال لهما إنه لا يعرف قبر مديحة كامل، لكن يعرف قبر ممثلة قديمة مدفونة منذ نحو 38 عاماً، اسمها ناهد شريف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويستكمل عاشق الفنانين، "هنا تفجرت مفاجآت عديدة، أهمها أن لا أحد سواء من جمهور أو عشاق أو عائلة ناهد شريف يعرف طريق قبرها من دون وضوح أسباب ذلك، فأبلغت سيدة لبنانية كانت تبحث عن قبر ناهد شريف منذ فترة، وفرحت بشدة بعد علمها بالعثور على القبر، وقامت هذه السيدة بدور إنساني جداً (على حد قول درويش)، إذ تواصلت مع باتريسيا، الابنة الوحيدة للفنانة الراحلة ناهد شريف، وهي لبنانية الجنسية، والدها لبناني، وتعيش بين لبنان ولندن، وكانت باتريسيا أبلغتها عن رغبتها في زيارة قبر والدتها، التي لا تعرف أين دُفنت، ولم تزرها منذ وفاتها، وحضرت باتريسيا بصحبة السيدة اللبنانية لزيارة قبر ناهد شريف وسط دموع وحنين واشتياق".
باتريسيا تزور القبر وتلتقي أصدقاء الراحلة
وأضاف درويش، "تواصلت الإعلامية المصرية بوسي شلبي مع ابنة ناهد شريف، وطلبت منها باتريسيا أن تلتقي كل أصدقاء والدتها الراحلة من النجوم لتتعرف عليهم، وطلبت أيضاً أن تقابل كل من ساعد والدتها في فترة مرضها الأخيرة، التي سبقت موتها، وحاولت بوسي تحقيق أمنية ابنة ناهد شريف بقدر المستطاع، فجمعت عدداً من النجوم والنجمات أصدقاء ناهد منذ البداية وحتى النهاية، ومنهم النجمة الكبيرة نادية لطفي وشهيرة ورجاء الجداوي وبوسي ودلال عبد العزيز وميرفت أمين وسمير صبري، واستقبلوها بالفعل، وجميعهم لم يقابلوا باتريسيا منذ كان عمرها 4 سنوات، وبالتحديد قبل الساعات الأخيرة من وفاة والدتها بمستشفى المعادي عام 1981".
وأكد عاشق الفنانين، (الذي كان حاضراً في حياة النجمة الكبيرة قبل وفاتها)، "أن آخر جملة قالتها ناهد قبل رحيلها هي (كان نفسي أعيش عشان بنتي، بس ربنا عايز كده)، ثم احتضنت ابنتها وفارقت الحياة وسط وجود عدد كبير من النجوم، مثل نادية لطفي ونجوى فؤاد ونبيلة عبيد وكمال الشناوي، الذين لم يفارقوا رحلة ناهد سواء الفنية أو المرضية، وصاحبوها خلال رحلة علاجها من مرض سرطان الثدي، خصوصاً النجمة نبيلة عبيد، التي سافرت معها إلى ستوكهولم بالسويد لتلقي العلاج، حتى شفيت تماماً، وعادت إلى مصر، واستأنفت نشاطها الفني".
3 زيجات فاشلة
تزوجت ناهد شريف ثلاث مرات، الأولى من المخرج والمنتج محمد حلمي المهندس، وكان عمرها وقتها 18 عاماً، وكان يكبرها بنحو 20 عاماً، واستمر الزواج لفترة حتى وقع الطلاق رغم قصة الحب الكبيرة بينهما، ويعد المهندس هو مكتشفها الحقيقي، إذ منحها عدة أدوار مهمة في ثلاثة أفلام ضخمة أنتجت عام 1961 هي "تحت سماء المدينة" مع كمال الشناوي وإيمان، و"مخلب القط"، وأخيراً فيلم "أنا وبناتي" مع صلاح ذو الفقار وزكي رستم.
أمَّا الحب الكبير في حياة ناهد شريف فكان للفنان الكبير كمال الشناوي، وكان يكبرها بـ25 عاماً، وخجلت ناهد من مصارحته بحبها، لأنه كان متزوجاً وقتها، لكنه شعر بحبها له فتزوجها سراً، واستمر الزواج مدة 6 سنوات، لكنها لم تطق أن تستمر زوجة ثانية، ووقع الطلاق، ورغم ذلك ظل الحب موجوداً بينهما حتى وفاتها، وحسب رواية جمال درويش، فإن الشناوي هو من ساعد ناهد شريف أثناء مرضها للسفر إلى الخارج حتى تتلقى العلاج، إذ كانت في ذلك الوقت لا تملك أموالاً للعلاج، ولا للسفر، وفور علمه اتصل بمسؤولين بالحكومة ووزارة الصحة وتوسَّط حتى صدر قرار بعلاجها على نفقة الدولة، وسافرت بالفعل، وشفيت من المرض.
وعن الزيجة الثالثة والأخيرة لناهد شريف فكانت من مقامر لبناني اسمه إدوارد جيرجيان، وحذَّرها الجميع من الزواج منه، خصوصاً أنه لم يكن على نفس ديانتها، لكنها أصرت على الزواج، وظل كل منهما على دينه، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة باتريسيا.
أعمال مثيرة للجدل
رغم أن بدايتها الفنية كانت في دور الفتاة البريئة، فإنها تخلت عن هذا الدور تماماً، واحترفت أدوار الإغراء بدايةً من فيلم "شهر عسل بدون إزعاج" عام 1968.
كانت ناهد تنطلق بقوة نحو النجومية، لكن جاءت نكسة 1967، لتوقف نشاطها الفني بعد أن عانت السينما المصرية حالة ركود، لذلك حاول النجوم السفر إلى لبنان وتركيا لتقديم بعض الأفلام، وكانت ناهد واحدة من الذين فروا إلى لبنان من الكساد السينمائي في مصر، وللأسف قبلت ناهد تجسيد عديد من الأدوار الرديئة فنياً للحصول على المال لمواجهة نفقاتها ومصروفات شقيقتها القعيدة، التي كانت ناهد العائل الوحيد لها، ومن الأفلام التي أحدثت جدلاً، وأخذت عليها في حياتها الفنية فيلم "ذئاب لا تأكل اللحم"، الذي ظهرت فيه تقريباً عارية، وكانت أول ممثلة مصرية تظهر بهذا الشكل، وتم إنتاج الفيلم عام 1973، وشاركها بطولته من مصر عزت العلايلي، ومحسن سرحان، ومن إخراج اللبناني سمير خوري، وتم تصوير مشاهده بالكامل في الكويت، وقوبل الفيلم بهجوم كبير، إذ اعتبره البعض من الأفلام الإباحية، وتم منعه من العرض.
"السرطان" يسدل الستار
وفي عام 1979، هاجمها مرض السرطان فتخلى عنها زوجها اللبناني، وتركها في لبنان وحيدة، فعادت إلى القاهرة، وبعدها سافرت إلى السويد للعلاج، وشفيت ثم عادت إلى القاهرة، ولم تكن تتخيل أن المرض سيعود أكثر شراسة، وحينها أبلغها الأطباء بضرورة إجراء جراحة في لندن، فاضطرت إلى تكثيف نشاطها الفني لجمع أموال وتكاليف العملية، وسافرت بصحبة زوجها اللبناني، لكنه تخلَّى عنها في لندن، واستغل مرضها في جمع أموال ومساعدات، وهذا ما أزعجها بشدة.
لجأت الفنانة الراحلة إلى السفارة المصرية في بريطانيا للحصول على الطلاق منه، ووفرت لها السفارة أيضاً شقة بميدان "ميدل سيكس" في لندن، وبعد قضائها 4 أشهر للعلاج، ساءت حالتها الصحية، ورأى الأطباء أن الشفاء مستحيل، والأفضل لها نفسياً هو عودتها إلى القاهرة، وبالفعل عادت ودخلت مستشفى المعادي التابع للقوات المسلحة، وساءت حالتها الصحية وفارقت الحياة يوم 7 أبريل (نيسان) عام 1981.