مر أسبوعان تقريباً على مغادرة بيرس مورغان استوديو برنامج "غود مورنينغ بريتن" الذي تبثه القناة الثالثة البريطانية غاضباً، أثناء بث البرنامج على الهواء، لينسحب بعدها تماماً من مهمة تقديمه، فبعد خطاب ثائر مباشرة على شاشة التلفزيون حول عدم تصديقه أن أفكاراً انتحارية كانت تراود ميغان، استقال مورغان من تقديم البرنامج الذي يبث على شاشة قناة "آي تي في" التلفزيونية إثر شكاوى من المشاهدين سجلت رقماً قياسياً.
ويواصل المحرر السابق لصحيفة "ديلي ميرور" الشعبية مناقشة قضيته أمام 7.9 مليون من متابعيه عبر "تويتر"، ومن المتوقع أن يوقع صفقة مربحة مع قناة "جي بي نيوز" التلفزيونية TV channel GB News ذات الميول اليمينية التي يترأسها أندرو نيل، لئلا يخشى أحد ما أن الجماهير الإلكترونية الواعية قد قذفته بالفعل إلى أقاصي الفضاء الخارجي.
لكن خروج مورغان من البرنامج الصباحي لا يزال يترك فجوة كبيرة في ثقافتنا، حفرة تحتاج إلى ردم، لكن بماذا بالضبط؟ بالقيح؟ أو الفضلات؟ أو ربما بـ جيريمي كلاركسون.
لا بد من الإشارة إلى أن كلاركسون ومورغان ليسا صديقين، فقد تردد أن الرجلين اعتدى أحدهما على الآخر بالضرب خلال مشادة شهيرة وهما في حالة سكر خلال حفل توزيع جوائز الصحافة البريطانية في العام 2004، وقال مورغان حينها، "لقد تسبب لي بندوب دائمة فوق الصدغ، لكن الجيد في الأمر أنه كسر إصبعه الصغير عندما ضرب رأسي لأنني قوي جداً". ومع ذلك، فقد رأى كلاركسون أنه من المناسب الدفاع عن خصمه السابق في عمود رأي نشره حديثاً في صحيفة "ذا صن"، وقد وصف المقدم السابق لبرنامج "توب غير" Top Gear الشهير في مقالته ميغان ماركل، التي كانت هدفاً لتجريح مورغان، بأنها "ممثلة تلفزيون محلي ضئيلة وسخيفة". وأضاف، "فلنرفع نخب ماركل. أتوقع أننا سنراها في غضون خمس سنوات تلتقط الصور بمفردها أمام "تاج محل" في الهند أو لاهية على ظهر يخت في البحر المتوسط، سيدرك بيرس المسن المسكين حينها أنه فقد عمله لسبب لا قيمة له على الإطلاق".
لا يحتاج المرء إلى شهادة عليا في علم النفس ليدرك أن كلام كلاركسون ينطوي على إسقاط عندما يكون الأمر بهذه الفجاجة، فمسيرة كلاركسون التلفزيونية الضئيلة السخيفة تعرضت للفضائح، بما في ذلك تاريخ من التصريحات العنصرية والمعادية للمثليين والأجانب وذوي الاحتياجات الخاصة.
تم تصويره في برنامج "توب غير" وهو يدعو رجلاً آسيوياً في غيابه بـ "صاحب العيون الضيقة" slope، ومرة أخرى وهو يستخدم كلمة "زنجي" n-word بينما كان يدندن أغنية في مقطع لم يُبث على الهواء ظهر في عام 2014. في نهاية المطاف، غادر برنامج "توب غير" عندما اُتهم بالاعتداء على أحد منتجي السلسلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على كل حال، نجت مسيرته المهنية، وها هو حالياً يقدم برنامج "ذا غراند تور" The Grand Tour عبر خدمة أمازون برايم للبث التدفقي، وبرنامج "من سيربح المليون" على شاشة "آي تي في"، مثله مثل رئيس حكومتنا الحالي، فإن كلاركسون يبدو كرجل يطلب منا ألا نأخذه على محمل الجد. لطالما صاغ هجومه بصفاقة جلفة، وهو أسلوب ناجع لتخفيف شدة سلوكه المرفوض. يبقى الصبيان صبياناً حتى عندما يكونون في سن الستين، وبالتأكيد يبدو أن خوض كلاركسون في فضيحة مورغان مجرد انحدار طبيعي، ومقايضة المثل بالمثل، وصراخ أجوف لا يحتمل مقابل صراخ أجوف مماثل.
ينجرف خطابنا الوطني نحو نزاع طويل الأمد حول من يقول الكلمة الأخيرة، ولدى كلاركسون القدرة على معرفة المكان الذي توقف فيه مورغان في منتصف خطابه، ومن المفارقة أن الإهانة التي تشيع بين عدد من المعلقين اليمينيين، ومفادها بأن الليبراليين مثل "ندف الثلج" مفتونون بتفردهم الهش، تقول شيئاً عن افتقارهم شخصياً إلى الأصالة.
جعجعة العرق الأبيض نفسها تصدر عنهم جميعاً، من مورغان إلى كلاركسون إلى نايجل فاراج، حيث يعيدون إنتاج الحجج الرجعية بطريقة مثيرة للغثيان.
كتب كلاركسون في عموده أن ماركل "تحظى باحترام كبير من قبل الشباب والأغبياء الذين يعتقدون أن تسويقها لنفسها كضحية سيؤدي يوماً ما إلى إسقاط النظام الملكي، لكن ذلك لن يحدث".
إنه محق بالطبع في أن أثر مقابلة أوبرا وينفري لا يذكر لإسقاط هيمنة عمرها قرون، لكنه مخطئ في اعتقاده أن ماركل ستتلاشى وتصبح في طي النسيان، فالصفقة المربحة التي وقعها دوق ودوقة ساسكس مع شبكة "نتفليكس" لإنتاج سلسلة من الأفلام الوثائقية، تعني أن ماركل ستكون حاضرة إلى حد كبير في المستقبل المنظور، أما بالنسبة للنظام الملكي، فمن الأفضل أن يكون متنبهاً، فمساندة جيريمي كلاركسون له هي أفضل ترويج لضرورة تشكيل الجمهورية البريطانية في هذا الوقت.
© The Independent