بدأت الأسواق الآسيوية تعاملات، اليوم الخميس، متباينة وسط أداء ضعيف مع عمليات البيع الكبيرة لأسهم شركات التكنولوجيا الصينية. وتتبعت آسيا كالمعتاد خطى إغلاق أسواق "وول ستريت" بنيويورك، الأربعاء، بتراجع طفيف في مؤشراتها الرئيسة، باستثناء "ناسداك" لشركات التكنولوجيا الذي هبط بأكثر من اثنين في المئة.
وعلى الرغم من ارتفاع العقود المستقبلية للأسهم الأميركية في آسيا بشكل طفيف، فإن ذلك لا يعني أن المؤشرات الأميركية سترتفع عند الفتح. أما أوروبا فتعاني مؤشرات الأسواق من ضغط الموجة الجديدة من وباء كورونا، والتضارب في استجابة الحكومات لها ما يزيد عدم اليقين بشأن الاقتصاد، ويمثل ضغطاً نزولياً على أسواق الأسهم.
ويتوقع أن تستمر الأسواق في أداء متباين ومتذبذب حتى آخر مارس (آذار) في ظل غياب أي أحداث كبرى تؤثر في السوق. يضاف إلى ذلك أيضاً استقرار سوق السندات نسبياً، كما بدا من مزاد الخزانة الأميركية، الأربعاء، على سندات قصيرة الأجل لمدة خمس سنوات، حيث كانت التغطية للسندات المباعة في المزاد معقولة.
وأنهى سوق السندات تعاملات الأربعاء على نسبة عائد معقولة على سندات الخزانة متوسطة الأجل لمدة عشر سنوات، التي تعتبر المؤشر القياسي لأسواق السندات في العالم. فبلغ العائد عليها 1.62 في المئة بعد ما ارتفع في الأيام الماضية إلى ما فوق 1.6 في المئة.
شهادات متوقعة
كانت الأسواق تنتظر أي تلميح من المسؤولين عن السياسة النقدية والمالية في الولايات المتحدة يشير إلى تغير ما في السياسات يؤثر على السوق سلباً أو إيجاباً. إلا أن وزيرة الخزانة جانيت يلين، في أول ظهور لها أمام الكونغرس في منصبها الجديد ضمن إدارة الرئيس جو بايدن، لم تضف كثيراً سوى تعهدات بأن تطلع نواب الشعب على خطط الخزانة في كل إجراء، ودافعت عن بعض التوجهات المالية للإدارة الجديدة، بما فيها احتمال زيادة بعض أنواع الضرائب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يؤثر ذلك كثيراً بالنسبة للمتعاملين في الأسواق الذين كانوا مهتمين أكثر بشهادة رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيروم باول. إلا أن شهادة الأخير جاءت كما هو متوقع تماماً، إذ كرر ما صرح به في الأيام الماضية وما جاء في بيان الاجتماع الشهري للجنة السياسات النقدية بالاحتياطي الأسبوع الماضي. إذ كرر رئيس الاحتياطي توقعات تحسن أداء الاقتصاد مع الخروج من أزمة وباء كورونا في ظل التوسع في التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس. وأكد مجدداً أن الضغوط التضخمية في الاقتصاد مع نموه بأكثر من المقدر سابقاً ليست مشكلة، ولن تؤدي إلى تغيير في السياسة النقدية.
وجدد باول التعهد بأن البنك المركزي سيفعل كل ما بوسعه لدعم الانتعاش الاقتصادي حتى يصبح النمو قوياً ومستداماً. ويعني ذلك أن الاحتياطي سيبقي على أسعار الفائدة قرب الصفر، وسيستمر في برنامج التيسير الكمي (شراء السندات) بقيمة 120 مليار دولار من دون تغيير.
أما ما كانت تنتظره الأسواق، تحديداً ما يتعلق بسوق السندات التي يرتفع العائد عليها ويقل سعرها في الأسابيع الأخيرة، فلم يعن كثيراً للسوق. فقد اعتبر باول أن الارتفاع في العائد على السندات "عملية منظمة وليست مضطربة"، بالتالي فذلك لا يمثل أي قلق للاحتياطي الفيدرالي.
وكان العائد على سندات الخزانة ارتفع من 0.92 في المئة مطلع هذا العام إلى نحو 1.64 في المئة حالياً. وفي الأسابيع الأخيرة أدى ارتفاع العائد إلى تراجع مؤشرات أسواق الأسهم، حيث قدر المتعاملون في السهم أن تحرك سوق السندات يعني احتمالات ارتفاع معدلات التضخم بشدة، بالتالي لجوء الاحتياطي إلى رفع أسعار الفائدة.
لكن جيروم باول قال في شهادته أمام الكونغرس، إن ارتفاع العائد "ليس إلا تعبيراً عن زيادة الثقة في نمو الاقتصاد بسرعة وبقوة"، وهذا لا يقلق الاحتياطي ما دام الارتفاع ليس مثيراً للاضطراب.
السندات والأسهم
شهادات باول ويلين تعزز من توقعات المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية لتحول المستثمرين المؤسساتيين أكثر من الأسهم إلى السندات في الأيام المقبلة. وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن صناديق الاستثمار بدأت بالفعل في الآونة الأخيرة التخلي عن التركيبة التلقيدية لمحافظها الاستثمارية لتميل أكثر نحو السندات.
ويحرص مديرو الاستثمار في الصناديق الكبرى التي تستثمر في سلة أصول لتقليل المخاطر وضمان العائد الجيد على أن تكون نسبة استثماراتهم 60 في المئة في السهم، و40 في المئة في السندات في المتوسط. إلا أنه في الأسابيع الماضية سحب كثيرون من نسبة الاستثمار في الأسهم، وأضافوا إلى نسبة الاستثمار في السندات.
ويفسر ذلك التراجع المستمر في مؤشرات الأسهم في الأسواق الرئيسة في الأسابيع الأخيرة. فمع ارتفاع العائد على السندات وانخفاض سعرها وضعف سوق الأسهم تميل الصناديق إلى ضمان عائد ثابت بالتحول إلى السندات.
ويقدر بنك جيه بي مورغان الاستثماري وقطاع الاستثمار في بنك أوف أميركا، أن صناديق معاشات التقاعد الخاصة في الولايات المتحدة ستسحب 88 مليار دولار إضافية من استثماراتها في الأسهم، وتضخها في سوق السندات. كما يتوقع أن تبيع صناديق استثمار أخرى ما يصل إلى 136 مليار دولار من الأسهم لتحولها إلى سوق السندات.
وبحسب جيه بي مورغان، يتوقع أن يتخلص صندوق معاشات التقاعد الحكومي الياباني، الذي يدير 1.6 تريليون دولار، من أسهم بقيمة 44 مليار دولار ليحولها إلى شراء سندات. أيضاً يقدر بنك أوف أميركا أن يسحب الصندوق السيادي النرويجي 70 مليار دولار من استثماراته في الأسهم ويحولها إلى استثمار في السندات.
وتعني تحركات سوق السندات المتوقعة تلك أن أسواق الأسهم ستشهد ضغوطاً في الأسابيع المقبلة، بسبب تحول مستثمرين كبار من الأسهم إلى السندات. ويبقى تأثير العوامل الأخرى في السوق ضعيفاً إلى حد ما مما يعني فترة أداء مضطرب تقريباً.