توقفت، الخميس، ولليوم الثاني على التوالي حركة الملاحة في أقصر ممر ملاحي يمر منه 30 في المئة من عدد السفن والحاويات في العالم.
توقيف الحركة جاء بقرار رسمي حيث علقت هيئة قناة السويس المصرية حركة الملاحة بشكل مؤقت، صباح الخميس، لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات العملاقة الجانحة بالممر الملاحي منذ، الثلاثاء الماضي.
التوقف السادس
ولا يعتبر توقف حركة الملاحة بقناة السويس الأول من نوعه، بل يعد الحادث الأخير هو السادس منذ افتتاح القناة للمرة الأولى أمام الملاحة العالمية عام 1869، حيث كانت المرة الأولى عام 1882 بعد اندلاع "الثورة العرابية" وأغلقت القناة لمدة أسبوع.
وأثناء الحرب العالمية الأولى، توقفت حركة الملاحة لمدة 24 ساعة فقط، ثم توقفت للمرة الثالثة في الحرب العالمية الثانية لمدة 67 يوماً، وبعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أُغلق الممر ستة أشهر كاملة، وجاءت المرة الخامسة عقب نكسة 5 يونيو (حزيران) عام 1967 واستمر الإغلاق لنحو 8 سنوات لتأتي سفينة "إيفر غيفن" التي تحمل علم بنما لتوقف الحركة مجدداً منذ الثلاثاء الماضي.
وأعلنت هيئة قناة السويس في بيان رسمي، تعليق حركة الملاحة بالقناة مؤقتاً، الخميس، لحين الانتهاء من أعمال تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة "إيفر غيفن" الجانحة بالكيلومتر 151 ترقيم قناة.
وأوضح أن حركة الملاحة بالقناة شهدت، الأربعاء، عبور 14 سفينة من بورسعيد ضمن قافلة الشمال كان من المستهدف إكمال مسيرتها في القناة وفقاً للتوقعات الخاصة بانتهاء إجراءات تعويم السفينة الجانحة، إلا أنه مع تواصل أعمال تعويم السفينة كان لا بد من التحرك وفق السيناريو البديل بالانتظار بمنطقة البحيرات الكبرى لحين استئناف حركة الملاحة بشكل كامل بعد تعويم "إيفر غيفن".
والسفينة الجانحة، والتي تعد واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم بطول 400 متر وحمولة 224 ألف طن، جنحت، صباح الثلاثاء الماضي، بعد أن اختل توجيهها وسط رياح عاتية وعاصفة ترابية، مما يهدد بتعطيل شحنات عالمية لأيام، وفقاً لبيان رسمي صادر عن قناة السويس.
"القاهرة لا تتحمل التعويضات"
وقال رئيس هيئة قناة السويس السابق، الفريق مهاب مميش، إن توقف حركة الملاحة في القناة بسبب جنوح سفينة لا يحدث للمرة الأولى.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن هيئة قناة السويس قادرة على تعويم السفينة الضخمة، واستدرك قائلاً "لكن الأمر يحتاج إلى وقت وحسابات فنية دقيقة تتعلق بحمولة السفينة وتوزيع حمولاتها على جسم السفينة وفق حسابات هندسية معقدة".
وحول الحديث عن مسؤولية القاهرة عن دفع تعويضات للشركات المالكة للسفن والحاويات نتيجة التأخير في المرور من القناة، أكد أن مسؤولية إدارة السفينة "إيفر غيفن" تابعة لقائد وربان السفينة فقط، وليست مسؤولية المرشدين السياحيين في القناة، لافتاً إلى أن آراء المرشدين في قناة السويس تعتبر استرشادية فقط لقائد السفينة، بحسب الاتفاقيات الموقعة بين هيئة قناة السويس والشركات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع أن مصر لن تتحمل تعويضات تأخير، بل على العكس تماماً من حقها أن تطلب تعويضات من الشركة المالكة للسفينة الجانحة.
حجم السفينة الضخم عائق
وقد عقد حجم السفينة الضخم عمليات تعويمها كما قال جان ماري ميوسيك الأستاذ في جامعة بول فاليري في مونبولييه (جنوب شرقي فرنسا) والمتخصص في النقل البحري. وأضاف "لهذه السفن غاطس كبير، خصوصاً أنها كانت محملة بكامل طاقاتها تحت العارضة يكون مستوى الماء ضئيلاً"، مؤكداً أن على السلطات أن تأخذ الوقت الضروري "للتحرك بشكل جيد"، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع "يجب الحرص أيضاً على عدم إلحاق الضرر ببنية السفينة في المناورات لتعويمها وتوزيع الجهود بعناية على طول هيكلها". وأكد أن "خبرات الخدمات التقنية لهيئة القناة عالية" للقيام بعمليات كهذه.
الشركة المالكة تُقر
في سياق مواز أقرت خطوط "إيفر غيفن" التي تدير السفينة الجانحة في قناة السويس بمسؤولية الشركة المالكة عن تكاليف الأزمة. وقالت "إيفر غيفن" إن شركة "شوي كيسن كايشا" اليابانية المالكة للسفينة مسؤولة عن نفقات عملية التعويم ومسؤولية الطرف الثالث وتكلفة الإصلاح.
وأضافت أن الشركة استعانت بفريقي إنقاذ بحري من هولندا واليابان لتعويم السفينة، بعد فشل جهود حثيثة للتعويم على مدار 48 ساعة وفقاً لـ"رويترز".
وقبل إقرار "إيفر غيفن" قدمت شركة "شوى كيسن" اليابانية التي تملك السفينة العالقة الاعتذار، الخميس، وقالت إنها تعمل على حل الموقف وقالت في بيان إن جنوح السفينة لم يسفر عن إصابات أو تسرب نفطي. وأضافت الشركة أن عملية تحريك السفينة "بالغة الصعوبة" لكن جنوحها لم يسفر عن إصابات أو تسرب نفطي، وأكدت "نعتذر بصدق عن التسبب في قدر كبير من القلق".
الحركة في ميناء الأدبية مستقرة
وقال رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يحيى زكي، إن الحركة الملاحية في ميناء الأدبية التابع للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مستقرة.
وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن الميناء يوجد به حالياً 7 سفن تتوزع بين ناقلة زيوت وثلاث سفن بضائع إضافة إلى 3 سفن صب جاف، لافتاً إلى أن عمليات الشحن والتداول تسير بشكل طبيعي ومنتظر خروج سفينتين خلال ساعات قليلة.
30 في المئة من ناقلات الحاويات تمر من القناة
ووفقاً لـ"رويترز" "ربما تتأثر التدفقات التجارية بين آسيا وأوروبا بشدة إذا استمر الوضع، مما سيؤدي إلى حدوث تأخير كبير في حالة اضطرار السفن إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح الأطول من القناة بأسبوع". وذكرت الوكالة أن نحو 12 في المئة من حجم التجارة العالمية يمر عبر قناة السويس الحيوية، منها 30 في المئة من ناقلات الحاويات.
وعبرت القناة خلال العام الماضي، 18 ألفاً و928 سفينة بإجمالي حمولات صافية 1.17 مليار طن، "ثاني أعلى حمولة صافية في تاريخ القناة"، بحسب بيانات سابقة لهيئة قناة السويس.
وبحسب البيانات الرسمية حققت قناة السويس خلال السنوات الخمس الماضية عائدات بلغت 27.2 مليار دولار، وذلك منذ افتتاح المجرى الجديد لقناة السويس في أغسطس (آب) 2015.
6.3 مليار دولار إيرادات متوقعة في 2024-2025
وتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع إيرادات قناة السويس إلى نحو 5.3 مليار دولار في العام المالي المقبل، ثم 5.7 مليار دولار في العام المالي 2022-2023 على أن تصل إلى 6 مليارات في العام المالي 2023-2024، و6.3 مليار في العام المالي 2024-2025 .
ووفقاً لـ"بلومبيرغ" فإن التقارير المبدئية تشير إلى أن تكلفة انسداد القناة تبلغ نحو 400 مليون دولار في الساعة الواحدة، بناء على حسابات تشير إلى أن حركة المرور المتجهة غرباً تبلغ قيمتها نحو 5.1 مليار دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقاً تبلغ 4.5 مليار دولار تقريباً.
فيما ذكرت وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" هذا الأسبوع أن قناة السويس اضطرت إلى التعامل مع سفن حاويات أكبر من أي وقت مضى حيث بلغ متوسط حمولة كل سفينة 119000 طن في 12 شهراً حتى 28 فبراير (شباط) 2020 من 93500 طن في عام 2015.