نزل المتظاهرون مجدداً إلى الشوارع الأحد 28 مارس (آذار) في ميانمار غداة يوم القمع الأكثر دموية منذ الانقلاب في الأول من فبراير (شباط) مع مقتل أكثر من مئة شخص بينهم سبعة أطفال، في أعمال عنف نددت بها المجموعة الدولية بشدة.
وقال شهود، إن قوات الأمن في ميانمار أطلقت النار على تجمع أثناء جنازة واحد من بين 114 قتيلاً سقطوا السبت.
وقال ثلاثة أشخاص تحدثوا لوكالة "رويترز"، لم ترد تقارير حتى الآن عن سقوط قتلى أو جرحى في إطلاق النار على الجنازة في مدينة باغو قرب العاصمة التجارية رانغون لكن المشيعيين فروا من إطلاق النار الذي وقع أثناء جنازة طالب في العشرين من عمره.
وتظاهر المواطنون مرة جديدة الأحد، للمطالبة بإعادة الديمقراطية فيما تنظم مراسم دفن في مختلف أنحاء البلاد. ونزل متظاهرون في وقت مبكر حاملين الأعلام إلى شوارع باغو في شمال شرقي رانغون وفي مونيوا (وسط) ومدينة موي كونغ الصغيرة في ولاية كاشين (شمال).
وكان الناشطون المطالبون بإعادة الديمقراطية دعوا إلى تظاهرات السبت، بالتزامن مع تنظيم الجيش عرضاً عسكريا ضخماً سنوياً أمام قائد الجيش الذي بات يرأس الآن المجموعة العسكرية الجنرال مين أونغ هلاينغ.
بايدن يدين القمع الدموي
وأدان الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد القمع الدموي "المشين جداً" للمتظاهرين في ميانمار. وقال بايدن للصحافيين في تصريح مقتضب أدلى به في مسقط رأسه بولاية ديلاوير "إنه أمر مروع".
وأضاف "إنه أمر مشين للغاية وبناءً على التقارير التي تلقيتها فقد قُتل عدد كبير من الأشخاص من دون أي داع على الإطلاق".
بدوره وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "التصعيد غير مقبول للعنف" في ميانمار، واصفاً ما جرى في هذا البلد السبت بـ"يوم الرعب والعار".
وقال بوريل في بيان "أكرر إدانة الاتحاد الأوروبي للعنف الأعمى ضد شعب ميانمار، وأحض القادة العسكريين على التخلي عن هذا المسار الجنوني. هذه المأساة يجب أن تنتهي".
وأضاف "سنواصل استخدام آليات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك العقوبات، لاستهداف مرتكبي أعمال العنف هذه والمسؤولين عن إعادة مسار الديمقراطية والسلام إلى الخلف" في هذه الدولة الآسيوية، مطالباً "بمحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أفعالهم المخزية".
وفي بيان مشترك، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه والمستشارة الخاصة للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية أليس ويريمو نديريتو، إنه "يجب فوراً وقف الأعمال المخزية والجبانة والوحشية لعناصر الجيش والشرطة الذين صوروا وهم يطلقون النار على المتظاهرين أثناء فرارهم ولم يستثنوا حتى الأطفال الصغار".
وأفادت قناة "مياوادي تي في" التابعة للجيش عن سقوط 45 قتيلاً وتوقيف 552 شخصاً، السبت، مبررة القمع بالقول إن المتظاهرين استخدموا أسلحة وقنابل ضد القوات المسلحة.
وتشهد ميانمار أزمة خطرة منذ أطاح انقلاب عسكري بالحكومة المدنية بزعامة أونغ سان سو تشي.
تنديد باستخدام "القوة القاتلة"
وندد قادة الجيش في 12 دولة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وألمانيا، السبت، باستخدام ميانمار القوة القاتلة ضد المتظاهرين المدنيين العزل.
وجاء في بيان مشترك "بصفتنا قادة أركان، ندين استخدام القوة القاتلة ضد أشخاص عزل من قبل القوات المسلحة في ميانمار وأجهزة الأمن". وأضاف البيان "نحض القوات المسلحة في ميانمار على وقف العنف والعمل على استعادة احترام الشعب وثقته بعدما فقدتهما بسبب تصرفاتها".
وكانت الأمم المتحدة أشارت إلى تقارير تتحدث عن "عشرات القتلى بينهم أطفال ومئات الجرحى" فيما ندد أمينها العام أنطونيو غوتيريش بـ"أشد العبارات" بهذه "المجزرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على "تويتر" عن صدمة واشنطن من "سفك الدماء الذي ترتكبه القوات الأمنية" فيما رأى وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أن المجموعة العسكرية بلغت "دركاً جديداً" في قمع المتظاهرين، السبت.
من جهتها دعت السفارة الأميركية في رانغون رعاياها إلى الحد من تنقلاتهم الأحد.
وكتبت الهيئة القنصلية في تغريدة "في حال الاضطرار للتنقل، يجب توخي الحذر والتأكد من أن تكون هناك فرصة للتواصل مع عائلاتكم أثناء ذلك". وتعرض المركز الثقافي الأميركي في رانغون لطلقات نارية، السبت.
تهديد جديد
وخلال خطابه السبت في اليوم التقليدي للقوات المسلحة، دافع قائد المجلس العسكري الجنرال هلاينغ مجدداً عن الانقلاب وتعهد تسليم السلطة بعد انتخابات جديدة.
لكنه وجه تهديداً جديداً للحركة المناهضة للانقلاب محذراً من أن أفعال "الإرهاب التي يمكن أن تضر باستقرار وأمن البلاد" غير مقبولة. وقال إن "الديمقراطية التي نرغب بها ستكون غير منضبطة إذا لم يحترموا القانون وإذا انتهكوه".
ومساء السبت خلال مسابقة جمال دولية في بانكوك، غصت مرشحة ميانمار هان لاي بالدموع داعية إلى السلام.
وقالت في خطاب مؤثر "أنا آسفة فعلاً لكل الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في الشارع" مضيفة "ساعدوا ميانمار من فضلكم، نحن بحاجة لمساعدتكم الدولية".
واندلع العنف في كل أنحاء البلاد، حيث استخدم الجيش الرصاص الحي في أكثر من 40 منطقة من البلاد، بما يشمل رانغون أكبر مدن ميانمار بحسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين.
وأضافت الجمعية أن "قوات المجموعة العسكرية أطلقت النار بالأسلحة الرشاشة على مناطق سكنية ما أدى إلى مقتل عديد من المدنيين بينهم ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و 16 سنة". وقالت إن "قيام النظام العسكري غير الشرعي باستهداف الأطفال هو عمل غير إنساني فادح".
وأصيب صحافي من منطقة كايختو في ولاية مون (جنوب شرق) بجروح بالرصاص في الساق.
غارات جوية
وبموازاة ذلك أعلن "الاتحاد الوطني للكارن" وهو مجموعة متمردين من أقلية كارن الأتنية أنه تعرض لقصف جوي من المجموعة العسكرية الحاكمة في شرق البلاد، السبت، بعد ساعات على استيلاء المجموعة على قاعدة عسكرية.
ولم تعلق السلطات على هذه الاتهامات، ولم يعرف إن كان الهجوم أسفر عن سقوط قتلى أو جرحى.
وقالت هسا مون وهي من أتنية الكارن وناشطة في مجال حقوق الإنسان، إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب ثمانية على الاقل بجروح. وأوضحت لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" أن "الناس قلقون لمعرفة ما إذا كانت الغارات الجوية ستتكرر اليوم".
ويشكل هذا العمل أول هجوم جوي من نوعه منذ استيلاء الجيش على السلطة ضد اللواء الخامس لاتحاد كارن الوطني (إحدى كبرى الجماعات المسلحة في البلاد) الذي يقول إنه يمثل شعب كارن.
وأجبرت ضربات جوية جديدة الأحد ألفي شخص على النزوح من قريتين في ولاية كارن وعبور الحدود نحو تايلاند للاحتماء، وفق هسا مون.