دعا تقرير جديد في مجال حقوق الإنسان، موسكو إلى تحمّل مزيد من المسؤولية عن التداعيات الإنسانية الناجمة عن النزاع السوري المستمر منذ 10 سنوات.
ويوثّق التحقيق الذي أجرته مجموعة من المنظمات غير الحكومية الروسية الاستخدام الواسع النطاق للاعتقالات التعسفية والتعذيب والاغتصاب والتكتيكات العشوائية على صعيد السلاح وفي المجال العسكري من قبل مجموعة من الأطراف الفاعلة تتراوح بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والنظام السوري.
واستناداً إلى 150 مقابلة معمّقة أُجرِيت على مدى سنتين، يصف التقرير العواقب المترتبة على "العقد المدمر من الزمن" الذي خلّف أكثر من نصف مليون قتيل، فضلاً عن 130 ألف معتقل أو مخفي في سوريا.
لكن دور روسيا، التي تسبب تدخلها العسكري إلى جانب النظام السوري عام 2015 في تحويل النزاع لصالح الحاكم المطلق بشار الأسد، هو الذي يجذب الانتباه في شكل خاص.
ويشير التقرير إلى أن "الغالبية الساحقة" من مصادر المقابلات لم تعتبر روسيا منقذاً. وبدلاً من ذلك، اعتُبِرت روسيا أداة لتمكين الرئيس الأسد "مجرم الحرب"، وكانت شريكة لنظامه في عدد من "الهجمات العشوائية والمستهدفة".
واتُّهِم التحالف الروسي السوري باستهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات، "باستخدام إحداثيات توفرها الأمم المتحدة لضمان سلامة المنشآت المدنية".
ولم يتمكّن المؤلفون من زيارة سوريا، ولم يستطيعوا إثبات صحة عدد من التقارير عن جرائم الحرب، بما في ذلك أدلة على تنفيذ القوات السورية هجمات بالبراميل المتفجرة وغاز الكلورين. لكن الاتساق في شهادات الشهود مع بيانات أخرى، بما في ذلك مقاطع الفيديو والصور، دفع الباحثين إلى استنتاج مفاده بأن المزاعم تتمتع بـ"درجة عالية من المصداقية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول مؤلفو التقرير إن دافعهم إلى إتمام العمل كان جهل مواطنيهم بحرب خيضت باسمهم. وكتبوا: "إن الرأي العام الروسي لا يملك القدر الكافي من المعرفة للحكم على من نساند من الأشخاص والجهات".
وبتأثير من أجهزة الإعلام التابعة للدولة، التي لا تزال تستبعد الأدلة على جرائم الحرب في سوريا باعتبارها مؤامرة، يواصل الروس بغالبيتهم اعتبار الصراع (في سوريا) معركة بسيطة بين قوى الخير والإرهابيين الإسلاميين المتطرفين.
ويرفض التقرير الروايات الروسية الرسمية حول التدخل عام 2015. ويفيد بأن موسكو لم تكن مدفوعة بالنزعة الإنسانية، كما تقول، بقدر ما وجّهتها "الرغبة في حرب مظفرة قصيرة لتعزيز النفوذ... والحضور العسكري والوصول إلى احتياطات النفط السورية".
ويقول المؤلفون: "عندما نقدّم العامل المتعلق بالمدنيين الذين يموتون كل يوم... نرى قدراً أعظم من المسؤولية عن مستقبل سوريا يقع... أولاً وقبل كل شيء على عاتق روسيا".
ومما يثير الدهشة أن الدور الذي تؤديه منظمات المرتزقة المرتبطة بالكرملين مثل "فاغنر" Wagner، التي تورطت في معارك دموية دارت رحاها في حقول النفط في المنطقة، يمرّ مرور الكرام.
مثلاً، تبدو مقاطع فيديو ظهرت عام 2017 وتبرز تعرّض مواطن سوري للتعذيب وقطع الرأس وتقطيع الأوصال وإشعال النار فيه على أيدي مرتزقة تابعين لمؤسسة "فاغنر" الروسية على ما يبدو. وبدأ شقيق الرجل عملية فريدة للحصول على العدالة في المحاكم الروسية الشهر الماضي.
ونفت موسكو استهداف البنية التحتية المدنية والطبية، أو التورط في جرائم حرب يُزعَم أن النظام السوري يقودها.
لكن المؤلفين قالوا إن تقريرهم الذي يهدف إلى "بناء الجسور " يدور حول الاعتراف بالفرص التي أتت مع (تزايد) نفوذ موسكو الجديد على النظام السوري.
ويقول التقرير: "النفوذ يترتب عنه مسؤوليات".
© The Independent