أعلن وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، أمس السبت، أن بلاده "تبذل جهوداً" من أجل إنتاج أول طاقة كهربائية من سد النهضة أغسطس (آب) المقبل. وقال بقلي إن إنتاج الطاقة سيكون "بعد نجاح" الملء الثاني الذي تستعد له أديس أبابا في موسم الأمطار في يوليو (تموز) المقبل.
أشهر حاسمة
وأكد الوزير الإثيوبي، في تصريح له على موقع وزارة المياه والري الإثيوبية، أن الأشهر المقبلة "تعد حاسمة لبناء سد النهضة". موضحاً "تجري أعمال على قدم وساق لإنجاح الملء الثاني الذي سيمكننا من إنتاج طاقة كهربائية عبر توليدها من توربينتين ضمن التوربينات التي يجرى تركيبها"، مشيراً إلى أن "الأعمال الميكانيكية تسير بشكل جيد ما يمكّن من تركيب بقية التروبينات الأخرى في السد".
وفي ما يتعلق بمسار التمويل الشعبي ذكر أن إسهامات الإثيوبيين في بناء السد بلغت 15 مليار بر إثيوبي (نحو 362 مليوناً و581 ألفاً و580 دولاراً). بينما وصلت إسهامات هذا العام فقط من المشاركات الشعبية 1.4 مليار بر إثيوبي (نحو 35 مليوناً و774 ألفاً و715 دولاراً).
وعن المحادثات المستأنفة التي بدأت في دولة الكونغو بكينشاسا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، أعرب بقلي عن تطلعه لما ستسفر عنه من نتائج، وقال "نتوقع أن يعيد الاجتماع مسار المفاوضات إلى طريقها والوصول إلى اتفاق مربح للجميع".
وكانت مصر والسودان طرفا التفاوض قد "أكدتا حرصهما" على التوصل إلى "اتفاق قانوني مُلزم" حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يراعي مصالح الدول الثلاث.
الوساطة الدولية الرباعية
وتجيء جولة المفاوضات الجديدة الحالية بعد خلافات استمرت خلال الأسابيع الماضية بشأن الوساطة التي طالبت الخرطوم بتوسيعها لرباعية، بحيث تضم أطرافاً دولية إلى جانب الاتحاد الأفريقي، وهو ما وافقت عليه القاهرة، بينما أصرت أديس أبابا على تمسكها بالوساطة الأفريقية السارية تحت رعاية رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس أنطوان تشيسيكيدي رئيس الاتحاد الأفريقي في دورته الحالية.
واستجابت مصر والسودان للدعوة التي وجهتها الكونغو الديمقراطية لعقد الجولة الجديدة من المفاوضات في كينشاسا على أمل التوصل إلى نتائج مرضية، بعد توقف استمر عدة أشهر في حيثيات فشل الأطراف في التوصل إلى حل خلال جولات سابقة من المناقشات التي كانت تحت إشراف جنوب أفريقيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتمسك القاهرة والخرطوم بإنفاذ اتفاق قانوني مع الطرف الإثيوبي في ملء وتشغيل السد، إضافة إلى مشاركة أطراف في تنسيق ملء بحيرة السد في ظل تخوف دولتي المصب من آثار سلبية جراء تفرد إثيوبيا بخطوات الملء والتشغيل في مراحله المختلفة.
وقالت مصر إن حرصها على تلبية دعوة كينشاسا جاء انطلاقاً من موقفها الداعي إلى إطلاق عملية تفاوضية "جادة وفعالة"، تؤدي إلى التوصل إلى "اتفاق قانوني مُلزم" حول الملء والتشغيل على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث.
وأعلن السودان تمسكه بالوساطة الدولية الرباعية في المفاوضات، وقال متحدث الخارجية السودانية، "إن مشاركة الوفد السوداني في مباحثات كينشاسا يهدف إلى تحديد منهجية التفاوض ومساراته والاتفاق عليها لضمان إجراء مفاوضات بناءة تتجاوز الجمود الحالي".
وضمن خلاف الملء الثاني لبحيرة السد الذي أعلنته إثيوبيا في يوليو المقبل، وترفضه كل من مصر والسودان، أكدت أديس أبابا، الثلاثاء، إطلاعها المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث بعملية الملء الثاني، وقال متحدث الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، الأسبوع الماضي، "أبلغنا المبعوث الأميركي للسودان دونالد بوث بأننا ماضون في الملء خلال يوليو المقبل، وإنهاء جزء من عملية البناء".
وفي تصريحات جديدة أكد وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكونن، أن "أديس أبابا تتجه حالياً نحو استكمال المراحل النهائية لعملية بناء سد النهضة".
تحديات الوسيط الكونغولي
هذا وتجيء التصريحات الإثيوبية "بشأن الجهود التي تبذلها أديس أبابا لإنتاج وتوليد أول طاقة من سد النهضة" بعد يومين من مناورات عسكرية أعلنها الجيش المصري، بتنفيذ تدريب مشترك بين القوات الجوية المصرية والسودانية في قاعدة مروى الجوية تحت اسم "نسور النيل 2". عقب تحذير الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "من المساس بحصة بلاده من مياه نهر النيل".
وتضفي التطورات الحالية وضعاً جديداً على المفاوضات المنطلقة حالياً تحت إشرف الكونغو الديمقراطية مصاعب على الوسيط الكونغولي، خصوصاً بعد إعلان إثيوبيا توليد الكهرباء عبر تشغيل توربينتين.
وبينما يفسر كل من طرفي المصب التوجهات الإثيوبية الأحادية في الملء والتوليد بالأعمال الاستباقية لعملية التفاوض، قبل التوصل إلى حل شامل لقضية السد، يرى مراقبون أنه على الرغم من المصاعب والتعقيدات فإن "تفاؤلاً يسود أجواء المفاوضات، لما تمثله مرحلتها الحالية من دقة، ومسؤولية تقع على عاتق كل الأطراف".
وكانت المناقشات قد بدأت فعلياً، أمس السبت عبر اللجان الفنية، بينما ستعقد وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية اجتماعات ثنائية اليوم الأحد مع نظرائها في الدول المعنية، لتهيئة الأجواء للأيام المقبلة للمفاوضات في جولتها الأولى.
وضمن التبادلات قال مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، السفير بانكول أديوي، إن دور الاتحاد الأفريقي في المفاوضات "حيادي"، ويهدف إلى تيسير المفاوضات بين دول مصر وإثيوبيا والسودان.