ما بين الرهان على التعافي، واستمرار العمل وفق سياسة "حذرة"، يواصل منتجو النفط تحركاتهم للاستفادة من التحسن الملموس في مؤشرات الاقتصاد العالمي وتحريك سوق النفط التي شهدت تعافياً كبيراً خلال الفترة الماضية بعد ما استقر سعر خام القياس العالمي "برنت" أعلى مستوى الـ60 دولاراً. لكن ربما تشير الموجة الثالثة لفيروس كورونا، والتي تجتاح العالم في الوقت الحالي، إلى عدة صعوبات ربما تواجه سوق النقط على المدى القريب، ما يؤكد استمرار تحالف "أوبك+" في انتهاج سياسة حذرة على الرغم من الآمال بتحسن وشيك مع انتشار توزيع لقاحات فيروس كورونا في عديد من دول العالم.ووفق البيانات الحديثة، فإن أكثر من 130.81 مليون نسمة أُصيبوا بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، في حين وصل إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن الفيروس إلى مليونين و985785. كما تم تسجيل إصابات بالفيروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019.
استئناف زيادة الإنتاج تدريجياً
كانت مجموعة "أوبك+" وعلى رأسها السعودية وروسيا، قد توصلت إلى اتفاق، الخميس الماضي، يقضي باستئناف زيادة إنتاج النفط الخام تدريجياً اعتباراً من مايو (أيار) المقبل، وعلى مدى ثلاثة أشهر، بعد فترة من تثبيت ضخ الخام بهدف تحقيق الاستقرار في سوق الطاقة العالمية. جاء ذلك خلال الاجتماع الـ51 الذي عقدته المجموعة التي تضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاءها العشرة، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس. وبموجب الاتفاق، ستقوم المجموعة باعتماد زيادة الإنتاج 350 ألف برميل يومياً في مايو (أيار) ومثلها في يونيو (حزيران)، ثم 400 ألف برميل يومياً في يوليو (تموز). ويمثل الاتفاق استجابة لضغوط داخلية وخارجية طالبت بتعزيز العرض من النفط الخام للاقتصاد العالمي المنتعش، بعد تداعيات صعبة بسبب أزمة كورونا.وقالت منظمة "أوبك" في بيان صدر في ختام اجتماع، اليوم، إنه تم "الاتفاق على تعديل مستويات الإنتاج لشهور مايو ويونيو ويوليو 2021، مع الاستمرار في الالتزام بالآلية المتفق عليها في الاجتماع الوزاري الـ12 لمنظمة "أوبك" وغير الأعضاء المنعقد في ديسمبر 2020، لعقد الاجتماعات الوزارية الشهرية لـ"أوبك" وغير الأعضاء، لتقييم ظروف السوق واتخاذ قرار في شأن تعديلات مستوى الإنتاج للشهر التالي، بحيث لا يزيد كل تعديل على 500 ألف برميل يومياً".
رهان حذر على انتعاش اقتصادي
في ما كشف تقرير حديث لشركة "وورلد أويل"، أن موافقة "أوبك+" على زيادة إنتاج النفط الخام تدريجياً في الأشهر المقبلة يضع رهاناً حذراً على انتعاش اقتصادي صيفي مع تعافي العالم من جائحة كورونا.وأوضح التقرير أن قرار المنتجين في "أوبك+" جاء مفاجئاً وتحدى توقعات السوق للمرة الثانية في أقل من شهر حيث وافقت المجموعة على إضافة أكثر من مليوني برميل يومياً إلى إمدادات النفط العالمية، من مايو إلى يوليو المقبلين ما سيعيد نحو ربع النفط الخام الذي ما زالوا يحجبونه بعد إجراء تخفيضات كبيرة قبل عام استجابة لمتطلبات مكافحة الوباء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أنه مع ارتفاع أسعار النفط واستقرارها أعلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، تطالب العديد من الدول من "أوبك+" بتوفير مزيد من الوقود للاقتصاد العالمي المتسارع بخاصة مع ارتفاع تكاليف السلع الأخرى أيضاً ما ترك البنوك المركزية من الولايات المتحدة إلى الصين تتصارع مع احتمالية ارتفاع التضخم في الوقت الذي تضخ فيه حكوماتهم تريليونات الدولارات في مجال الحوافز المالية.وذكر أن "أوبك" وحلفاءها أصبحوا أكثر اقتناعاً بأن الطلب على النفط أصبح الآن على قدم وساق مع قيام دول مثل الولايات المتحدة بتوسيع برامج التطعيم الخاصة بها.
ضغوط تضخمية على مستوى العالم
التقرير أشار أيضاً إلى أن "أوبك+" وافقت على زيادة حصص الإنتاج ولكن بشكل حذر، لا سيما أن خفض الإنتاج دعم كثيراً أسعار النفط، ومع ذلك يجب أن يساعد اتفاق المنتجين أيضاً في تجنب الارتفاع الحاد في الأسعار مع ارتفاع الطلب على النفط. وذكر أن كبار المستهلكين، خصوصاً الولايات المتحدة والهند، طالبوا "أوبك+" بالعمل على إبقاء الأسعار تحت السيطرة؛ خوفاً من أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة الضغوط التضخمية في جميع أنحاء العالم؛ على الرغم من ضعف استهلاك النفط في أوروبا مع قيام فرنسا وألمانيا وإيطاليا بتمديد أو فرض عمليات إغلاق جديدة بسبب ارتفاع حالات الإصابة بوباء كورونا.وأشار التقرير إلى أنه في المقابل نجد استخدام الوقود ينمو بسرعة في أميركا كما أن مؤشرات الطلب من الصين قوية.
الطلب على النفط
وأشار إلى أن قرار "أوبك+" باستئناف الزيادات المرحلية لا يعني المضي على الوتيرة نفسها في الفترة المقبلة بل ستتم مراجعة كل خطوة كل شهر ما يسمح لها بالتوقف مؤقتاً إذا كان نمو الطلب على النفط مخيباً للآمال، لافتاً إلى أن مفاجأة قرار "أوبك+" بزيادة الإنتاج كانت كبيرة، وذلك بسبب توقعات مسبقة للمحللين راهنت على أن المجموعة ستقوم بتمديد حصص الإنتاج لمدة شهر واحد على الأقل.وأوضح أن مجموعة "أوبك+" كانت قد وافقت في ديسمبر الماضي على جدول شهري لتعديلات الإنتاج التدريجي بما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا للأشهر الثلاثة المقبلة ولكن بعد زيادة العرض بشكل جماعي في يناير (كانون الثاني) الماضي امتنعت المجموعة عن القيام بأي زيادة أخرى بسبب الشكوك حول قوة الطلب.وأكد أن قرار الزيادة يرجع في جانب منه إلى الاستجابة لمطالبات دول الاستهلاك لضخ مزيد من النفط وتهدئة وتيرة صعود الأسعار، مشيرا إلى أنه داخل "أوبك+" نفسها فضلت روسيا منذ فترة طويلة زيادة الإنتاج والآن تحرص بعض الدول الأخرى على الإشارة إلى أن العرض يمكن أن يرتفع خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث من المتوقع أن يتعافى الطلب خلال صيف نصف الكرة الشمالي.