بعد أيام من تراجع الفريق التابع للأمم المتحدة عن تهم الفساد وغسل الأموال التي وجهت للحكومة الشرعية اليمنية، علقت المؤسسة المالية الرسمية في البلاد على الخطوة بأنها منطقية لـ"عدم وجود أدلة تثبت ذلك".
وفي توضيح للإجراءات التي قدمها البنك المركزي لتفنيد اتهامات الفريق الأممي، أوضح أحمد بافقيه، مدير المركز الإعلامي والثقافة المصرفية بالبنك المركزي اليمني، خلال حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "البنك عمل طوال الأشهر الثلاثة الماضية بصمت للرد على التهم التي طاولت النظام المصرفي"، ابتداءً من رفض ما ورد في التقرير وقيامه بتفنيده من خلال الاجتماعات الافتراضية مع فريق الخبراء.
وأضاف، "قدمنا ردوداً مكتوبة تم إرسالها على ثلاث جولات مختلفة، وقدمنا الأدلة والبراهين من خلالها على سلامة إجراءاتنا".
بداية الأزمة
وبدأت الأزمة بعد صدور تقرير الأمم المتحدة السنوي بخصوص اليمن، الصادر في يناير (كانون الثاني) الماضي، وذكر فريق الخبراء المعني بتقييم الوضع اليمن أن البنك المركزي اليمني قام بشكل "غير قانوني" بتحويل 423 مليون دولار إلى رجال أعمال من وديعة سعودية بلغت قيمتها ملياري دولار، كانت تهدف إلى استقرار العملة اليمنية واستيراد عدد من المواد الغذائية الأساسية.
واتهم البنك بـ"تسهيل عمليات غسل أموال" بالتعاون مع "نافذين في الحكومة" لم يسمهم، الأمر الذي "أثر سلباً على وصول الإمدادات الغذائية الكافية". كما اتهم ميليشيات الحوثي بجمع ما لا يقل عن 1.8 مليار دولار من إيرادات الدولة عام 2019، لتوظيفها في تمويل مجهودها الحربي.
"معلومات جديدة" ترفع تهم الفساد
وعقب محادثات ماراثونية تخللت الفترة التي تلت صدور التقرير الأول مطلع العام الجاري، أجرت الأمانة العامة للأمم المتحدة، تعديلاً على التقرير، بعد أن طلب الفريق "اتخاذ الخطوات اللازمة لتحديث النص النهائي المقدم إلى مجلس الأمن"، بعد الأخذ في الاعتبار "المعلومات الجديدة التي تلقاها بعد صدوره".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودون الإدلاء بتوضيحات إضافية تكشف عن فحوى "المعلومات الجديدة"، قال إن "التعديلات الحالية تستند إلى الاستعراض الأولى الذي أجراه الفريق، على أساس جميع معلوماته المتاحة"، مشيراً إلى أن المراجعة "لم تظهر أدلة على الفساد أو غسل الأموال أو استيلاء النخبة"، في إشارة إلى الحكومة اليمنية.
استقرار السلع
وبخلاف التهم السابقة التي ذكر فيها أن الحكومة بددت الوديعة السعودية المودعة في البنك المركزي، أوضح التقرير الأخير أن "المعلومات الواردة تشير أيضاً إلى أنه بعد ضخ الوديعة السعودية، استقرت أسعار المواد الغذائية عام 2019".
وقال إن الفريق "يهدف إلى إجراء مراجعة عامة تشمل إعادة النظر في التوصية، إذ يلاحظ الفريق تأثير أعمال تحويل الأصول على الاقتصاد والأمن الغذائي لليمنيين، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية، ويقوض أمن البلد واستقراره عموماً، ويدعو مجلس الأمن إلى النظر في التوسع في المعايير المنصوص عليها في القرار 2140.
وأثار تقرير الخبراء الأول استياءً رسمياً في اليمن، بالتزامن مع تزايد الانتقادات ضد الحكومة وأدائها في الملف الإنمائي والاقتصادي، واتهامها من قبل قطاع واسع في الداخل اليمني ومراقبين اقتصاديين بعدم حزمها في ملفات الفساد والإثراء غير المشروع والمحاباة، ما فاقم الصعوبات المعيشية للمواطنين وأسهم في انهيار الاقتصاد في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
وأمام الضغط الذي سببه تقرير فريق الخبراء حينها، اضطرت الحكومة والبنك المركزي، إلى إصدار بيانات تتضمن إيضاحات حول الادعاءات المتعلقة بالوديعة السعودية المقدمة عام 2018 لتمويل السلع الغذائية والحفاظ على استقرار العملة الوطنية.
مقدرات اليمنيين تمول حرب الحوثي
وفي حين تراجع فريق الخبراء عن اتهاماته السابقة تجاه الحكومة الشرعية، أبقى التقرير في خلاصته الأخيرة على اتهامه السابق لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، المتضمن تسخيرها المقدرات الاقتصادية في المناطق التي تسيطر عليها، ومن بينها العاصمة صنعاء، لدعم مسلحيها في حربهم ضد الشعب اليمني.
وقال الفريق الأممي، إن الحوثيين "يؤدون وظائف تدخل في نطاق السلطة الحصرية لحكومة اليمن، إذ يجمعون الضرائب وغيرها من إيرادات الدولة، التي يستخدم جزء كبير منها لتمويل العمل الحربي".
وتشير تقديرات الفريق إلى أن الحوثيين "حولوا مبلغاً لا يقل عن 1.8 مليار دولار أميركي عام 2019، كان من المفروض في الأصل أن يملأ خزائن حكومة اليمن، وينفق في دفع المرتبات وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، من أجل تمويل عملياتهم".
وآثرت جماعة الحوثي الصمت تجاه اتهامات الأمم المتحدة، إذ لم تصدر أي تعليق في شأن التقرير في صيغته الأولى والأخيرة، لكنها قالت في وقت سابق، إنها أوقفت عدداً من المسؤولين في عدد من الوزارات الخاضعة لسيطرتها في صنعاء، بعد استعراض التقرير المرفوع من دائرة التحري والتحقيق واسترداد الأموال، بعد بلاغ قدم أمام الهيئة في شأن حصول وقائع فساد أثناء تنفيذ مشاريع ممولة من المنظمات الدولية في قطاعي البيئة والمياه.