في المملكة المتحدة، سيكون متاحاً أمام الشباب دون الثلاثين من العمر اختيار بديل من لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا"Oxford-AstraZeneca المضاد لـ"كوفيد- 19"، عقب ظهور دليل يشير إلى صلة تربط بين اللقاح وحالات تجلط دم نادر تماماً.
إذ ذكرت "اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين"Joint Committee on Vaccination and Immunisation لدى الحكومة البريطانية، أنّه في حال توفّر لقاح بديل من "أكسفورد/ أسترازينيكا" ينبغي تقديمه للأشخاص الراشدين الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً ولا يعانون أصلاً حالات صحية ولا تطرح الإصابة بفيروس كورونا مخاطر عليهم، وذلك عندما تتجه البلاد إلى توسيع نطاق حملة التلقيح كي تشمل بقية السكان.
وفي سياق متصل، أوصى بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني سكان المملكة المتحدة، بـ"التمسّك به ثقتهم الكاملة" في لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا" واللقاحات المضادة الأخرى، بينما ذكر زعيم "حزب العمال" البريطاني كير ستارمر إنّ اللقاح "آمن وفاعل وينقذ آلاف الأرواح"، مضيفاً أنه حريّ بالناس الوثوق "في أطبائنا وعلمائنا".
تأتي تلك التطوّرات في وقت ذكرت هيئة تنظيم الأدوية في المملكة المتحدة أنّ البلاد شهدت 79 حالة من تجلطات نادرة في الدم ترافقت مع انخفاض في الصفائح الدموية، وهي حالة تعرف طبياً باسم "نقص الصفائح" thrombocytopenia.
وذكرت "هيئة تنظيم الأدوية الأوروبية"European Medicines Regulator أنّها تعتقد أيضاً أنّ صلة تربط الآن بين لقاح "أسترازينيكا/ أكسفورد" وتلك التجلّطات الدموية النادرة، لكنها أضافت أنّ استخدامه ما زال آمناً وينبغي الاستمرار في إعطائه للأشخاص البالغين.
في سياق متصل، صرّحت "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" في المملكة المتحدة أنّه من بين 79 حالة من تجلّط الدم توفي 19 شخصاً، ثلاثة منهم دون الثلاثين من العمر. وحدثت الحالات الـ79 كلها بعد تلقي الجرعة الأولى من اللقاح. وقد تراوحت أعمار المصابين بين 18 و79 عاماً، وتوزّع هؤلاء بين 28 رجلاً و51 امرأة، علماً أنّ ثلاثاً من تلك النساء كنّ يتناولن موانع حمل فموية، فيما كانت امرأتان تأخذان علاجاً بالهرمونات البديلة. [توضيحاً، يعرف عن موانع الحمل والهرمونات البديلة أنها تزيد من إمكانية حدوث تجلطات في الدم].
واستطراداً، يرى مسؤولون صحيِّون بريطانيون إنّ لقاح "أسترازينيكا" ما زال آمناً بالنسبة إلى الغالبية العظمى من المرضى. وتذكيراً، أُعطيت 20 مليون جرعة منه في شتى أنحاء المملكة المتحدة، ما أسفر عنه إنقاذ ما يقدر بحوالي ستة آلاف شخص، وذلك استناداً إلى متوسط معدل الوفيات بين من يصابوا بـ"كوفيد" في المملكة المتحدة. بناء عليه، يبلغ خطر حدوث التجلّطات الدموية النادرة حوالي حالة واحدة من بين كل 250 ألف جرعة من اللقاح.
في إحاطة إعلامية عُقدت بعد ظهر الأربعاء الفائت، ذكر جوناثان فان تام، نائب كبير الأطباء في إنجلترا، إنّ القرار (التوصيات الأخيرة بشأن اللقاح) كان "تصويباً لمسار" برنامج التطعيم في المملكة المتحدة، ولن يؤدي إلا إلى تأثير ضئيل في تقديم اللقاحات في البلاد. وكذلك ذكر فان تام أنّ جميع الخبراء الحكوميين "منكبّون على هذه المسألة" و"يبحثون فيها من دون توقف تقريباً". وضرب مثلاً على ذلك بإنه "إذا أبحرت على متن سفينة ضخمة عبر المحيط الأطلسي، من المنطقيّ أن تضطر إلى تصويب المسار ولو مرة واحدة في أقل تقدير" خلال الرحلة. وشدّد جوناثان فان تام على أنّ "اللقاحات ما زالت السبيل إلى خروج المملكة المتحدة (من الجائحة). إنها الطريقة التي تتيح لنا إعادة حياتنا إلى سابق عهدها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الإطار نفسه، تناول تلك المسألة أيضاً البروفيسور واي شين، رئيس "اللجنة المشتركة للتلقيح والتحصين"، مشيراً إلى إنّ من أخذوا الجرعة التحصينية الأولى من "أسترازينيكا" يجب أن تكون جرعتهم الثانية منه أيضاً. وأضاف، "لا ننصح بوقف أيّ تطعيم لأيّ فرد أو أيّ مجموعة". وكبديل من ذلك، نصحت لجنته بأن يعود "اختيار" اللقاح من عدمه إلى المتلقين أنفسهم.
وأضاف، "بالنسبة إلى شخص يبلغ من العمر 31 أو 32 عاماً، يتعيّن عليه اتخاذ قراره بنفسه. مع ذلك نرى إنّ ترجيح الكفة ضدّ "كورونا" يكمن في الخضوع للتطعيم نفسه" [بغض النظر عن نوع اللقاح].
وفي نفسٍ مماثل، رأت جون رين، الرئيسة التنفيذية لـ"هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" في بريطانيا، إنّ "أنظمة المراقبة" المتعلقة بالتطعيم ضدّ "كوفيد- 19" في المملكة المتحدة "تكتشف الآن آثاراً جانبية محتملة يخلّفها لقاح "أسترازينيكا" لدى عدد قليل جداً من الناس".
وفق الدكتورة رين، "تتعزّز الأدلة (بشأن علاقة لقاح "أسترازينيكا" بتجلطات الدم النادرة)، وقد خلُصت مراجعتنا إلى أنّه على الرغم من وجود احتمال قوي، ثمة حاجة إلى مزيد من العمل بغية إثبات، بما لا يقبل الشكّ، أنّ اللقاح قد أفضى إلى تلك الآثار الجانبية".
وأضافت الدكتورة رين، "بناءً على الأدلة المتوفِّرة حالياً، لا تزال منافع لقاح "أسترازينيكا" ضدّ "كوفيد- 19" تفوق المخاطر بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الناس، نظراً إلى ما يسببه الفيروس من مضاعفات صحية والاضطرار إلى دخول المستشفى والوفاة نتيجة الإصابة به. وتصبّ نسبة المخاطر إلى المنافع (المتعلقة بلقاح "أسترازينيكا") في مصلحة كبار السن، بيد أنّ (المخاطر والمنافع) متساويان أكثر فيما يتصل بفئة الشباب الأصغر سناً".
في ضوء ما تقدّم، تنصح "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" أيّ مريض يواجه أعراضاً صحية بعد مرور أربعة أيام من تلقيه اللقاح أن لا يتردّد في طلب المشورة الطبية. ومن بين الأعراض، صداع شديد أو مستمرّ أو عدم وضوح في الرؤية، وضيق في التنفس، وألم في الصدر، وتورّم في الساق أو ألم مستمر في البطن، أو ظهور كدمات غير عادية على البشرة أو بقع محددة خارج البقعة التي حُقِنَ اللقاح فيها.
وفي نفسٍ مُشابِه، لاحظ منير بير محمد، رئيس "لجنة الأدوية البشرية"، إنّ الأشخاص الذين سبق أن عانوا اضطرابات في الدم تُفاقم خطر التجلط، يجب أن يحصلوا على حقنة "أسترازينيكا" شرط أن تفوق فوائدها كل المخاطر المحتملة. واستناداً إلى ذلك، ينبغي على كل شخص واجه مضاعفات تخثّر الدم بعد تلقيه الجرعة الأولى من لقاح "أسترازينيكا"، ألا يأخذ جرعة ثانية منه.
وكذلك لاحظ محمد أن فيروس "كوفيد- 19" نفسه يُعرف عنه تسبّبه في اضطرابات تخثر الدم، إذ يعاني حوالي 23% من مرضى كورونا في أقسام العناية المركزة، شكلاً من التجلطات الدموية.
© The Independent