استمرت المواجهات بين الشرطة التي استخدمت خراطيم المياه، ومتظاهرين قاموا برشقها بالحجارة وزجاجات حارقة، حتى وقت متأخر من ليل الخميس الجمعة في بلفاست حيث أدى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى زعزعة توازن محلي هش.
وتجمع مئات الشبان والمراهقين في وقت مبكر من مساء الخميس في منطقة غرب المدينة التي تشهد توترا سياسيا متصاعدا مرتبطا ببريكست. وذكر صحافي من وكالة فرانس برس أن بعضهم كدس قطعا من الطوب في عربة سوبرماركت.
وبدا السكان مترددين في الإدلاء بأي تعليقات.
وقام الشبان الذين وضعوا كمامات وكان بعضهم ملثمين برشق حواجز الطرق التي أقامتها شرطة مكافحة الشغب بسيارات لاند روفر مدرعة، بالحجارة والطوب ومفرقعات وزجاجات حارقة. وكان دخان كثيف يتصاعد في بعض الأماكن بعد انفجار زجاجات المولوتوف.
وصدت الشرطة المسلحة بهراوات ودروع المشاغبين بينما اكتفى سكان الحي بمراقبة ما يحدث من نوافذ بيوتهم.
استخدمت الشرطة خراطيم مياه ضخمة عندما حاولت مجموعة من الرجال اقتحام حاجز بسيارة مخربة بالقوة.
ودعت الشرطة بمكبرات الصوت المتظاهرين إلى التفرق تحت طائلة توقيفهم. وحذرت شرطية من أنه "يمكن استخدام القوة".
ودعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ونظيره الأيرلندي ميشال مارتن والرئيس الأميركي جو بايدن إلى الهدوء.
كما حاولت الشرطة مناشدة الأشخاص المؤثرين في المجتمع لثني السكان عن الانضمام إلى أعمال الشغب. وتجمع بضع عشرات من كبار السن من رجال ونساء الخميس بالقرب من المواقع التي وقعت فيها أعمال العنف في اليوم السابق ما منع مثيري الشغب من الاقتراب أو إخماد حريق في مكان قريب.
وأدت أعمال العنف التي وقعت في الأيام الماضية إلى إصابة أكثر من خمسين شرطيا وأعادت إلى الأذهان ذكرى ثلاثة عقود من "الاضطرابات" بين الجمهوريين وخصوصا الكاثوليك المؤيدين لإعادة التوحيد مع أيرلندا، والوحدويين البروتستانت، التي أسفرت عن سقوط 3500 قتيل.
عنف غير مسبوق
وكررت الحكومة البريطانية، اليوم الجمعة، دعوتها إلى الهدوء بعد اشتباكات جديدة بين مثيري الشغب والشرطة في أيرلندا الشمالية، حيث يُخشى أن يقوض خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي السلام الهش في المقاطعة.
ومنذ أكثر من أسبوع، تشهد المقاطعة البريطانية أعمال عنف لم يحدث مثيل لها منذ سنوات، خصوصاً في مناطق الموالين الوحدويين ذات الغالبية البروتستانتية، حيث خلقت عواقب الخروج من الاتحاد الأوروبي شعوراً بالخيانة والمرارة.
وعلى الرغم من دعوات لندن ودبلن وواشنطن إلى وقف أعمال العنف، اشتعلت العاصمة بلفاست مجدداً ليل الخميس الجمعة.
وفي حي غربي، استهدفت شرطة مكافحة الشغب التي علقت بين فكي كماشة بين الجانبين، بزجاجات حارقة وحجارة عندما حاولت منع مئات المتظاهرين الجمهوريين من التوجه نحو الوحدويين. وجرى صدهم باستخدام خراطيم المياه.
أعمال العنف التي أوقعت أكثر من خمسين جريحاً حتى الآن في صفوف الشرطة، أعادت إلى الذاكرة الاضطرابات التي تسببت بمقتل 3500 شخص خلال ثلاثة عقود في مواجهات دامية بين الجمهوريين ومعظمهم من الكاثوليك أنصار الوحدة مع أيرلندا وبين الوحدويين البروتستانت المدافعين عن الانتماء للمملكة المتحدة.
دعوات التهدئة حبر على ورق
في مواجهة هذا التصعيد، كررت الحكومة البريطانية دعوتها إلى التهدئة التي ظلت حتى الآن حبراً على ورق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن وزير النقل غرانت شابس على قناة "سكاي نيوز"، "العنف ليس الوسيلة لحل المشكلات"، معتبراً الوضع "مقلقاً جداً". وأضاف "علينا أن نحرص على أن يتحاور الناس لحل مشكلاتهم، ولكن ليس بالعنف".
والخميس ضم رئيسا وزراء بريطانيا وأيرلندا صوتيهما لكل قادة أيرلندا الشمالية لإدانة أعمال العنف هذه "غير المقبولة".
وأعلنت دبلن "علينا المضي قدماً من خلال الحوار والعمل على المؤسسات التي أنشأتها اتفاقية الجمعة العظيمة"، التي أنهت الاضطرابات في عام 1998.
ودعا البيت الأبيض أيضاً إلى التهدئة معرباً عن "القلق"، في حين عبر جو بايدن الفخور بأصوله الإيرلندية، عن قلقه من عواقب بريكست على السلام في المقاطعة.
منذ اتفاق الجمعة العظيمة يسود "سلام في الظاهر" كما تقول فيونا ماكماهون البالغة 56 سنة من سكان المقاطعة. وتضيف "أنها مشكلة متجذرة، وليست فقط ناجمة من بريكست".
"بريكست" يزعزع التوازن
لكن، بريكست أسهم في زعزعة التوازن الهش في المقاطعة من خلال إعادة فرض الرقابة الجمركية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتفادياً لعودة الحدود بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، تجري هذه العمليات في موانئ أيرلندا الشمالية.
على الرغم من فترة تكيف، فإن هذه القواعد الجديدة تعطل الإمدادات ويندد بها الوحدويون باعتبارها حدوداً بين أيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة، وخيانة من جانب لندن.
وأعلن نائب محلي من حزب شين فين الجمهوري لـ "بي بي سي"، "هناك وسائل سياسية للتطرق إلى البرتوكول" الإيرلندي الشمالي. وأضاف "دعونا لا نحاول إيجاد أعذار للمجموعات الإجرامية التي لا ينبغي أن تكون موجودة بعد 23 عاماً على اتفاق الجمعة العظيمة".
والأسبوع الماضي، اندلعت أعمال العنف في مدينة لندنديري قبل أن تمتد إلى أحد الأحياء الجمهورية في بلفاست وحولها خلال عطلة عيد الفصح.
والخميس، أعلن جوناثون روبرتس المسؤول في الشرطة "لم نشهد اضطرابات بهذا الحجم منذ سنوات في بلفاست ومناطق أخرى"، مشيراً إلى مشاركة صبية في الـ 13 والـ 14 من العمر في الصدامات بـ "تشجيع" من راشدين.
كذلك، تصاعد التوتر بعد قرار بعدم محاكمة 24 من أعضاء حزب "شين فين" الذين حضروا في يونيو (حزيران) جنازة بوبي ستوري، الشخصية البارزة في الجيش الجمهوري الإيرلندي، في انتهاك صارخ لقيود كورونا.