كشف البنك الدولي في تقرير حديث، أن جائحة كورونا أدت إلى تفاقم كثير من الأزمات المستعرة، وعلى رأسها 5 أزمات يتصدرها الصراع والعنف، إضافة إلى ارتفاع أعداد اللاجئين، مع ركود متوسط الدخل، وأيضاً تراكم الديون التي يتعذر الاستمرار في تحمل أعبائها، وأخيراً الأضرار الناجمة من تغير المناخ. وشدد رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، على ضرورة التحرك نحو الفرص والحلول التي تحقق نمواً اقتصادياً مستداماً واسع النطاق، دون إحداث أضرار بالمناخ أو تدهور بالبيئة أو ترك مئات الملايين من الأسر في حالة فقر. وأضاف، "استجاباتنا الجماعية للفقر وتغير المناخ وعدم المساواة ستكون هي الخيارات المحددة لعصرنا هذا". وأكد رئيس البنك الدولي، أن جائحة فيروس كورونا المستجد أحدثت أزمة صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، إذ عرضت للخطر أرواح ملايين من الناس وسبل كسب أرزاقهم، وأدت إلى زيادة معدلات الفقر وتفاقم أوجه عدم المساواة، وضياع ما تحقق من مكاسب إنمائية. ويتطلب السعي من أجل تحقيق تعاف عالمي تنفيذ 5 توصيات، أولاها، تقديم دعم مالي وفني متواصل ومتمايز ومُوجه للحكومات والقطاع الخاص، مع ضرورة تنسيق دولي قوي لاحتواء آثار الجائحة وتداعياتها، إضافة إلى استئناف التقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للبلدان، وإرساء الأساس لتنمية خضراء قادرة على الصمود وشاملة للجميع، وأخيراً مواصلة العمل على نحو وثيق معاً ومع الشركاء الآخرين لمساعدة استجابة البلدان النامية في مواجهة جائحة كورونا.
أزمة مزدوجة للدول محدودة الدخل
يسعى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى الوقوف على آليات وحلول مبتكرة تساعد على تطبيق فكرة شطب ديون الدول الفقيرة. وتخفيف الديون سيكون في مقابل استثمارات "مراعية للبيئة"، بما سياعد الدول الفقيرة على أداء واجبها في هذا الملف. وتواجه الدول متدنية الدخل أزمة مزدوجة، فإلى جانب الضغوط الممارسة عليها لتسديد دينها، عليها أيضاً مواجهة مشاكل بيئية، ما يضعها في وضع ضعف كبير، وفق ما أكدته كريستالينا جورجييفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، التي أوضحت أنه من المفيد ضرورة البحث عن حلول تربط بين المشكلتين متحدثة عن "تبادل الدين الأخضر". وشددت على أن "أزمة كوفيد-19 جعلت من الأصعب على الدول النامية مواجهة المخاطر المتزايدة التي يطرحها التغير المناخي" والكوارث البيئية. وقالت، إن هذه الدول المحرومة من أي هوامش في الميزانية، استخدمت مساعدات الطوارئ لمواجهة الأزمات الصحية والاقتصادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مشيرة إلى أنه من خلال زيادة عبء مديونية الحكومات التي كانت عند مستويات قياسية في الأساس قبل الأزمة، تجد الدول نفسها مع موارد أقل لاستثمارها في الانتعاش الاقتصادي الذي سيضع العالم على أسس مستدامة أكثر. وقالت مديرة الصندوق، "سنعمل مع البند الدولي وبحلول مؤتمر الأطراف السادس والعشرين سنتقدم على صعيد هذا الخيار. بطبيعة الحال يعود إلى الأطراف الدائنة والمدينة قرار اعتماده". وشددت على أن الضعف أمام الصدمات المناخية يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تخصيص تمويلات دولية. وأشارت إلى المنافع التي قد تستفيد منها كل الدول في حال "أولت اهتماماً أكبر للأزمة المناخية" مع إطلاق مشاريع توفر فرص عمل جديدة. وأضافت، "يكفي أن نأخذ مثال مصادر الطاقة المتجددة التي توفر سبع فرص عمل في مقابل فرصة عمل واحدة في قطاع الفحم التقليدي".
بابا الفاتيكان يوجه رسالة لمجموعة البنك الدولي
وفي رسالة للبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، طالب المشاركين في اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بضرورة وضع نموذج "لتعاف" قادر على توليد حلول جديدة أكثر شمولاً واستدامة لدعم الاقتصاد الحقيقي، ومساعدة الأفراد والمجتمعات المحلية على تحقيق أسمى طموحاتها وخير العالم أجمع. وشدد على ضرورة التركيز على نموذج للحياة الاقتصادية والاجتماعية يحقق الإنصاف والاستدامة، بحيث لا تمتلك فيه أقلية ضئيلة من سكان العالم نصف ثرواته. وقال إنه يجب إيجاد أشكال جديدة وخلاقة من المشاركة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تراعي صوت الفقراء وتلتزم إشراكهم في بناء مصيرنا المشترك. كما طالب بأهمية نشر "ثقافة التلاقي" التي يُمكن فيها الاستماع لكل صوت، ويستطيع الجميع الازدهار، وإيجاد نقاط التواصل وبناء الجسور، وتصور مشروعات طويلة الأجل تشمل الجميع ولا تقصي أحداً. مشيراً إلى أن هناك حاجة ملحة إلى خطة عالمية قادرة على خلق مؤسسات جديدة أو إحياء المؤسسات القائمة، لا سيما تلك التي تتعلق بالحوكمة العالمية. كما شدد على ضرورة المساعدة في بناء شبكة جديدة من العلاقات الدولية من أجل النهوض بالتنمية البشرية المتكاملة لجميع الشعوب.
الوصول للأسواق
وأوصى بابا الفاتيكان بمنح الأمم الأفقر والأقل نمواً حصة فعالة في اتخاذ القرارات، وتسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية، مع تحقيق خفض كبير في أعباء الديون على البلدان الأكثر فقراً التي تفاقمت جراء الجائحة، إضافة إلى مساعدة الناس على تطوير اللقاحات والحصول عليها وعلى الرعاية الصحية والتعليم والوظائف. مع العمل على الحد بدرجة كبيرة من استهلاك الطاقة غير المتجددة، أو مساعدة البلدان الأفقر على وضع سياسات وبرامج للتنمية المستدامة، وأيضاً تغطية تكاليف الابتكار المطلوب لذلك الغرض. وشدد على ضرورة الالتزام بالتضامن الاقتصادي والمالي والاجتماعي أكثر كثيراً من المشاركة في أعمال سخاء وكرم متفرقة، مع مكافحة الأسباب الهيكلية للفقر وعدم المساواة والافتقار إلى العمل والأرض والمسكن والحرمان من الحقوق الاجتماعية والعمالية. وقال التضامن في أوسع معانيه هو السبيل إلى صنع التاريخ، وأيضاً تدعيم الأسواق المالية بقوانين وتشريعات تنظيمية تكفل أن تعمل من أجل الخير العام، وتضمن أن يكون هدف التمويل ليس مجرد مضاربة . وقال، "إنما نحتاجه حقاً هو التضامن في اللقاحات على نحو يحظى بتمويل عادل، لأنه لا ينبغي لنا السماح لقانون السوق بأن تكون له الغلبة على قانون المحبة والصحة للجميع".