ارتفعت أسهم عملاق الإنترنت الصيني "علي بابا" في بورصة هونغ كونغ، مقتفية أثر ارتفاع أسهم الشركة لدى إغلاق الأسواق الأميركية بنهاية تعاملات أول أيام الأسبوع الاثنين. وكانت أسهمه ارتفعت بنحو 9 في المئة لدى إغلاق "وول ستريت" لتبدأ التداول في هونغ كونغ على ارتفاع بنسبة 4 في المئة قبل أن تستقر عند إغلاق الأسواق الآسيوية على ارتفاع بنحو نصف نقطة مئوية.
بعد الغرامة
قد يبدو ارتفاع أسهم مجموعة "علي بابا" بعد فرض السلطات الصينية غرامة عليها يوم السبت في عطلة السوق بنحو 2.8 مليار دولار مخالفاً للمنطق، إذ في حالة اتهام أي شركة بممارسات احتكارية وتغريمها، يبتعد المستثمرون عنها وتنخفض أسهمها.
لكن ما حدث مع "علي بابا"، حتى بفرض غرامة بمبلغ غير مسبوق في الصين، أزال عدم اليقين الذي كان محيطاً بالمجموعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي. وبدأ القلق مع قرار السلطات المالية الصينية وقف الطرح الأوّلي لأسهم مجموعة "آنت" المالية التي تملك مجموعة "علي بابا" 33 في المئة منها. ومع فرض الغرامة الهائلة وقرار هيئة تنظيم الأسواق الحكومية الصينية بأن تصبح مجموعة "آنت" مجموعة مالية شبه خاضعة لإشراف بنك الشعب (المركزي) الصيني، انتهى قلق المستثمرين بشأن حملة بكين عليها. فقد تخلّصت مجموعة "علي بابا"، التي أسسها الملياردير الصيني جاك ما، من ذراع مالية كانت هدفاً للسلطات.
وهناك تفسير منطقي للحملة على مجموعة "آنت"، التي توسّعت بسرعة هائلة في البلاد في فترة قصيرة. فلم يعُد نشاطها قاصراً على المدفوعات الإلكترونية عبر تطبيقها الشهير "علي باي"، بل تمدّدت نحو الإقراض والائتمان. وعلى الرغم من تصريحات جاك ما بأن الإجراءات الصينية إنما تتعارض مع نهج البلاد لتشجيع التكنولوجيا المالية، فإن ممارسات "آنت" أصبحت تثير مخاوف المسؤولين عن الاقتصاد المحلي.
ضمانات البنوك
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فالشركة توفّر القروض الصغيرة وقروضاً للأعمال المتوسطة بضمانات من البنوك عبر اتفاقات تخوّل الشركة بيع تلك القروض من دون أن تتحمّل في النهاية أي مخاطر. أي أنها تقرض من لا تتحقق البنوك من وضعهم الائتماني، بالتالي قد لا يستطيعون سداد ديونهم، ثم تبيع تلك القروض عبر سندات دين وتكسب في الحالتين من دون أي مسؤولية عليها. ويشبه ذلك بالضبط ما حدث مع قروض الرهن العقاري في السوق الأميركية قبل الأزمة المالية العالمية في 2008.
بالطبع لا تريد السلطات الصينية أن يكون تطور قطاعها المالي ونشاط الابتكار في التكنولوجيا المالية على حساب تكوين فقاعة يمكن أن تؤدي إلى أزمة، كما حدث مع رهونات وسندات القروض العقارية الأميركية قبل أكثر من عقد من الزمن. وهذا ما يرجّح احتمال أن تطال إجراءات السلطات المالية والاقتصادية الصينية شركات أخرى غير "آنت" التابعة لمجموعة "علي بابا".
أسهم مغرية
إلى جانب نهاية القلق من حملة السلطات الصينية على مجموعة "علي بابا"، هناك أسباب تتعلق بعوامل السوق تجعل سهمها مغرياً للشراء، وذلك ما زاد إقبال المستثمرين عليها، بالتالي ارتفاع سعر سهمها بعد الغرامة وتخلّصها من مشكلة شركة "آنت".
لا يزال سعر سهم "علي بابا" رخيصاً، مقارنة بسعر سهم شركات مماثلة مثل "فيسبوك". فقبل ارتفاعها الاثنين، كان سعر السهم عند 237 دولاراً مقابل أكثر من 300 دولار لسهم "فيسبوك"، على الرغم من أن "علي بابا" تتوقع مبيعات في 2021 بما يصل إلى 94 مليار دولار، ربعها دخل صافي للمجموعة، بينما لا تتوقع "فيسبوك" مبيعات بأكثر من 84 مليار دولار هذا العام.
تتميز "علي بابا"، بين كبريات شركات الحوسبة السحابية، بأنها تربط عملاءها بها في كل عملياتهم. كما أن الشركة ليست مجرد منصة إلكترونية، بل توفّر حزمة كاملة من التطبيقات المرتبطة بها. وعلى المتعاملين معها استخدام أدواتها في الدفع والتحويل وكل جوانب أي عملية تجارية، على عكس منافساتها التي يمكن للمتعاملين معها الدفع عن طريق طرف ثالث. ولا تمثّل تلك الممارسة أي انتهاك لقواعد المنافسة بحسب قواعد السوق الحالية.
لكن هيئة سوق المالية الأميركية بدأت الإعداد لإجراءات وقواعد جديدة تتعلق بتسجيل الشركات الصينية على المؤشرات الأميركية، وذلك بقرار من إدارة الرئيس دونالد ترمب السابقة ولم توقف إدارة جو بايدن العملية. لكن تلك القواعد والإجراءات تحتاج إلى نحو ثلاث سنوات قبل أن تصبح نافذة. ومن بين بنودها، شرط تدقيق السلطات الأميركية حسابات الشركات الصينية التي تسجّل على مؤشرات الأسهم الأميركية. ومع رفض الصين لذلك الإجراء، يتوقع أن تقوم السلطات المالية الأميركية بشطب شركات صينية من على مؤشرات أسواق "وول ستريت" حين تنتهي من تلك القواعد الجديدة وتطبّقها.
إلا أن المحللين في السوق لا يرون خطراً على مجموعة "علي بابا" من احتمال شطبها من الأسواق الأميركية، أو على الأقل ليس في المدى القريب. بالتالي أمام المستثمرين فرصة للاستفادة من السعر المتدني للمجموعة لتحقيق مكاسب.
الإجراءات وشركات التكنولوجيا
ويرى بعض المحللين الأميركيين أن استمرار إجراءات السلطات الصينية تجاه الشركات المالية وشركات التكنولوجيا المالية يدفع تلك الأخيرة إلى أن تصبح قواعد عملها أقرب للاتساق مع قواعد الأسواق الأميركية. وفي هذا مكسب لأسواق "وول ستريت" بزيادة عدد شركات التكنولوجيا الصينية عليها من ناحية، والتزام تلك الشركات القواعد المالية والمحاسبية الأميركية من ناحية أخرى.