بموافقة إسرائيل على تزويد الأردن بحصة إضافية من المياه، تكون عمّان وتل أبيب قد نزعتا فتيل أزمة جديدة بينهما بعد أشهر من الاشتباك الدبلوماسي والكلامي.
وبعد أسابيع من المماطلة وإصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تأجيل الرد على الطلب الأردني، منح الضوء الأخضر للسلطات الإسرائيلية المعنية، لنقل حصة إضافية من المياه إلى المملكة التي تعاني فقراً مائياً منذ نشأتها.
يأتي ذلك بعد توتر كبير بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، إثر منع الجانب الإسرائيلي ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله من زيارة المسجد الأقصى لإحياء ذكرى الإسراء والمعراج، وعلى إثر ذلك، رفضت السلطات الأردنية في اليوم التالي منح نتنياهو إذناً لاستخدام المجال الجوي الأردني، في رحلة كان يخطط لها، إلى الإمارات.
ضغط من بايدن
وقال مراقبون، إن موافقة نتنياهو جاءت بعد ضغوط من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يمتاز بصداقة قوية مع العاهل الأردني، وكان من أوائل زعماء العالم الذين أبدوا وقوفهم إلى جانبه بعد الكشف عن ما وصفته السلطات بـ"المخطط التآمري"، أخيراً، معبراً عن دعمه الملك عبد الله الثاني بكلمات مقتضبة قال فيها "تذكر أن لديك صديقاً في واشنطن".
المراقبون يرون أيضاً في تراجع نتنياهو عن تصلبه بمثابة رسالة ود للأردن ومحاولة منه للنأي بإسرائيل عن الاتهامات التي تتردد في الصحافة الغربية، حول ضلوعها بشكل أو بآخر في الأحداث الأخيرة.
ووفقاً لموقع "واللا" الإسرائيلي، فإن نتنياهو خضع لمطالب أميركية، وضغوط أجهزة أمنية داخل بلاده، نصحته بعدم المضي قدماً في التصعيد ضد الأردن.
مياه "السلام"
وتقول الصحافة الإسرائيلية، إن اتفاقية وادي عربة للسلام الموقعة بين الجانبين عام 1994، تنص على تزويد إسرائيل للأردن بحصة سنوية غير مجانية من المياه من بحيرة طبريا قدرها 55 مليون متر مكعب، لكن إسرائيل تتهم الأردن بتجاوز الكمية المتفق عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مصدر أردني مطلع في تصريح نشره الإعلام الرسمي، إن عمّان طلبت من الجانب الإسرائيلي تزويدها بـ8 ملايين متر مكعب إضافية من المياه، موضحاً أن تل أبيب تزود المملكة بـ35 مليون متر مكعب سنوياً، وليس 55 مليون متر مكعب.
ويشهد الأردن ضائقة مائية سنوياً، بخاصة في فصل الصيف، حيث يتضاعف الطلب على المياه، ويبلغ معدل استهلاك الأردن السنوي للمياه 108 ملايين متر مكعب، وهو ثاني أفقر دولة في العالم بالمياه، كما أن موجات اللجوء المتكررة إلى المملكة من سوريا والعراق شكلت ضغطاً على البنى التحتية ومن بينها المياه.
وبحسب مصادر داخل الحكومة الأردنية، فإن الأردن استشعر الخطر من مماطلة نتنياهو الأخيرة في ملف المياه، الأمر الذي دفعه للمضي قدماً بمشروع تحلية مياه البحر، وهو ملف ظل حبيس الأدراج لسنوات بسبب كلفته العالية.
الأمن المائي ورقة ضغط
بدوره يوضح الباحث السياسي صالح المعايطة، أن ملحق المياه كان أهم الملاحق عند توقيع اتفاقية السلام، وكان ينص على أن يتشارك الأردن مع جواره هذه المياه بنسبة 40 في المئة.
يضيف المعايطة "الأردن لا يطلب ولا يتوسل فحقه في هذه المياه مشروع، وإسرائيل تماطل منذ سنوات وليس الآن، لاعتقادها أن الأمن المائي يشكل عامل ضغط على الأردن".
ويكشف المعايطة عن "سلسلة ممارسات إسرائيلية بحق المياه الأردنية، كمحاولتها إضعاف روافد نهر الأردن وتلويثه، وقيامها بإنشاء ناقل لتحويل مياه اليرموك إلى بحيرة طبريا، ما أضعف نهر الأردن بحيث لم يعد مستمر الجريان"، مؤكداً أن "إسرائيل تسرق المياه الجوفية في جنوب المملكة، فضلاً عن قيامها ببناء ستة سدود شمال نهر اليرموك، ومماطلتها في مشروع ناقل البحرين".