ما الذي جرى الأيام القليلة الماضية في مفاعل نطنز الإيراني النووي؟
المؤكد أن طهران لم تعلن التفاصيل بالكامل، لكن المقطوع به هو أن حدثاً جللاً، يرقى إلى مستوى الهجوم الكامل على تلك المنشأة المهمة للغاية لبرنامج إيران النووي، قد جرت بها المقادير، والمعروف فقط ـ بحسب الرواية الإيرانية الأولى ـ هو انقطاع التيار الكهربائي، فيما الأخبار المتواترة تقول، إن الخسائر قد تصل إلى مرحلة إعاقة عمل المفاعل لفترة تطول أو تقصر وفقاً للأضرار.
لم يكن هجوم الأيام المنصرمة هو الأول من نوعه، فقد تعرضت إيران لسلسلة من تلك الهجمات، الأمر الذي يطرح علامة استفهام مفادها: هل باتت الهجمات السيبرانية بديلاً فاعلاً وناجعاً للمعارك العسكرية التقليدية، وهل الأمر قاصر على مواجهة طهران وإشكالياتها، أم أنه ينسحب على العديد من أماكن الصراعات المحتدمة حول العالم؟
بين الدبلوماسية القسرية والهجوم المسلح
أتكون الولايات المتحدة الأميركية قد فتحت صندوق باندورا؟ هكذا يتساءل "فريدريك دوزيه"، البروفيسور في المعهد الفرنسي للجغراسيا في جامعة باريس الثامنة، وأستاذ كرسي كاستكس للاستراتيجية الافتراضية.
يخبرنا دوزيه أنه في عام 2012 كشف الصحافي ديفيد سانجر، في صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل برنامج "ستوكسنيت"، وهو فيروس معلوماتي شديد التعقيد والتطور، اخترعته المخابرات الأميركية بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية، بهدف تشويه البرنامج النووي الإيراني سراً.
يمثل هذا النوع الجديد من عمليات التخريب، ضرباً من الطريق الثالث بين سبيل الدبلوماسية القسرية والهجوم المسلح، وهو يعتبر تخريباً من نوع جديد خارج إطارات النزاعات المسلحة، وكثيراً ما يعتبره الخبراء أول فعل معروف من أفعال الحرب الرقمية، أو الـ"سايبر – حرب"، بسبب انتسابه إلى دولة، أي إلى فاعل دولتي، وبالنظر إلى مستوى تطوره وتعقيده وطبيعة فعله وتأثيره.
وقد أظهرت المعلومات التي كشفها عميل وكالة الأمن القومي الأميركي المنشق، إدوارد سنودن، المدى الذي لا نظير له، ولا شبيه، أو المبلغ الذي بلغته الترسانة الأميركية، حتى ولو كان من المعروف أن دولاً أخرى تقوم بأعمال هجومية عبر شبكات التواصل الافتراضية، مثل الصين وإسرائيل وروسيا، وبخاصة في نزاع هذه الأخيرة مع أوكرانيا، حيث يبدو أن المخابرات الروسية قد استخدمت معرفتها الجيدة بالشبكة لتخترق المنظومات وتجمع المعلومات الاستراتيجية.
إرغام الأعداء من دون حرب
ما جوهر الحرب السيبرانية؟ باختصار غير مخل، وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "راند" الأميركية الرافد الرئيس للبنتاغون بالدراسات والرؤى المتطورة، يمكن القول إنه القدرة على الإرغام، في مواجهة الأعداء من غير حرب كلاسيكية تقليدية تفوح منها رائحة النار والبارود.
التقرير المشار إليه قام عليه، ديفيد س. غومبرت، وهانس بيننديك، وتم تحضيره لمصلحة القوات المسلحة الأميركية، وفيه أن الولايات المتحدة قد تجد أن استخدام القوة العسكرية– كما هو واضح في الحالة الإيرانية– لمواجهة التهديدات العديدة والمتنوعة للأمن الدولي، والتي ستظهر خلال السنوات المقبلة، بات يتصف بصعوبة، وكلفة وخطورة متزايدة.
وعلى الرغم من أنه قد لا يكون هناك بديل عن القوة العسكرية في بعض الظروف، فإن المشرعين الأميركيين اكتشفوا أنهم قد يحتاجون إلى خيارات غير عسكرية أفضل، ينتقون من بينها، وقد جاء في مقدمها العمليات الهجومية الإلكترونية.
هنا قد يبدو من نافلة القول الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية قوة عظمى، فما زالت حتى اليوم هي من يخترع التكنولوجيات– الناعمة والصلبة– التي تنشط وتوسع في هذا المجال. إنها هي من يقوم بتوفير أكثر المحتويات: المعلومات، والتطبيقات، والترفيه، والأخبار، والنقاش، والتواصل الاجتماعي، والأفكار.
ولعله من المثير الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تفضل أن يبقى محور الفضاء الإلكتروني– الإنترنت– مفتوحاً وآمناً من الهجمات السيبرانية، إلا أنها في بعض المواقف تجد أنها البديل الأقل ضرراً، لا سيما إذا كانت توفر الدم الأميركي في المواجهات المسلحة المباشرة ، وهنا يطفو على السطح الدور المتقدم الذي تقوم به وكالة الأمن القومي الأميركي U.S. Nationla Security Agency بما تملكه من قدرات تقنية وتشغيلية مهمة، تتضمن هذه القدرات تكنولوجيا ووسائل متطورة في مجال الأمن الإلكتروني، إضافة إلى القدرة على تنفيذ تحركات هجومية.
في أهداف ونوعية السيبر – حرب
غالباً ما يكون الحجر هو الهدف الرئيس للهجومات السيبرانية، وليس البشر، وإن كان من الوارد سقوط بشر في المواجهة لا سيما إذا كانت ضمن جولات وصولات معارك شديدة الوطأة، كمثل التلاعب بحركة الطيران المدني، أو خطوط السكك الحديدية، بمعنى نقاط التماس مع الجماهير الغفيرة.
يقصد بالحجر المعنى الواسع، بما يشتمل عليه من بنى تحتية معلوماتية، لا سيما القطاعات العسكرية، حيث تكون القواعد الحربية وإدارتها هدفاً رئيساً للمهاجمين، عطفاً على منصات توزيع الكهرباء والطاقة، الجسور والكباري، وسائل الإعلام ومحطات التلفزة والإذاعة، ناهيك عن قطاع البنوك والمال والأعمال.
ومن الواضح أنه ليس هناك إجماع على تعريف الحرب السيبرانية، ولا يزال الموضوع خاضعاً للسجال بين الجامعيين والخبراء، ففي كتابه "الحرب الرقمية لن تقع" Cyberwar will not take place ينتقد توماس ريد، استخدام هذا المصطلح، مذكراً بأن الحرب تشتمل حكماً على ثلاث خصائص: إذ ينبغي لها أن تكون عنيفة (بمعنى استخدام القوة الغاشمة) مع إمكان تسببها في قتل بشر، وأن تكون أداة لغايات سياسية، وبعد أن يستعرض الهجمات السيبرانة المعروفة، يستنتج أنها تتلخص إلى هذا الحد أو ذاك، بأعمال تخريب وتجسس وهدم وتدمير.
التخوم الفضائية والمخاوف الواقعية
هل فكرة الحروب السيبرانية مرحب بها في أي وقت وكل وقت؟
يبدو أن هناك وجهاً آخر غير معروف في هذا السياق لتلك النوعية من الحروب الخفية، ولهذا فإن هناك عدداً من الخبراء مترددين في استخدام السيبر– حرب بكثرة، لا سيما وأنه من شأن ذلك تمويه وإخفاء حقيقة الأهداف بإضافاء طابع افتراضي على أخطار وأعمال حقيقية وعينية. فالهجمة تظل هجمة، والجريمة تظل جريمة، سواء أكان سبيلها إلى الوجود، الشبكات المعلوماتية أم غير ذلك.
في تقرير مؤسسة راند، ندرك أن هناك مفارقة في عالم الحروب السيبرانية، تبدأ من عند الولايات المتحدة الأميركية ذاتها، فعلى الرغم من امتلاكها هذه القدرات الفائقة، فإن حكومة الولايات المتحدة تحترس من شن حرب إلكترونية، ذلك لأن المجتمع والاقتصاد الأميركي يعتمدان بشدة على شبكات الكمبيوتر، وباعتراف راند، فإنهما ضعيفان أمام التدخل الذي قد يحصل فيهما.
يفرق الخبراء الأميركيون بين مستويين من الحروب السيبرانية، التكتيكي والاستراتيجي.
على المستوى التكتيكي يفترض أن الحرب الإلكترونية جزء لا يتجزأ من القتال، ويتم التخطيط لها على هذا الأساس.
لكن الولايات المتحدة تنفر بشدة من الحرب الإلكترونية على المستوى الاستراتيجي، حيث يمكن أن تتعرض بنيتها التحتية الرئيسة واقتصادها لضرر كبير، حتى وإن كان ضرراً مؤقتاً، وترى واشنطن أن حرباً إلكترونية شاملة لن يربح فيها أحد.
هذا التباعد يزيد في حدته غياب الثقة الكاملة بالتمكن من تفادي الرد، والتحكم بالتصعيد من مستوى الحرب الإلكترونية التكتيكية إلى مستوى الحرب الإلكترونية الاستراتيجية.
والثابت أن الولايات المتحدة قد تستطيع أن تصنع "حواجز نارية"، على سلم التصعيد الإلكتروني، عن طريق الاستعانة بمزيج من أحدث ما تم التوصل إليه في مجال الاستخبارات والتكنولوجيا، إضافة إلى بروتوكولات فعالة في القيادة والتحكم، وحتى ذلك الحين، قد يكون من الضروري أن تهدد الولايات المتحدة بتنفيذ هجمات إلكترونية استراتيجية من أجل ردع الآخرين عن القيام بها، وفي ذات الوقت فإنه يمكنها القيام بعمليات تكتيكية من حين إلى آخر، وبخاصة إذا كانت الخطوة قبل الأخيرة في المواجهة المسلحة.
هنا يحق التساؤل: هل ما جرى في مفاعل نطنز قبل أيام ضرب من ضروب الهجمات الأميركية من النوع التكتيكي وليس الاستراتيجي، وسواء جرى الأمر من خلال واشنطن بمفردها، أو بالتنسيق مع حكومة نتنياهو التي تتوعد وتتهدد صباح مساء كل يوم بالقيام بعمل منفرد ضد برنامج إيران النووي خصوصاً، وبقية برامجها العسكرية لا سيما الصاروخية بشكل عام؟
طهران و"عملية الألعاب الأولمبية"
الشاهد أنه منذ عام 2009 بدأت سلسلة من الهجمات السيبرانية المتواصلة، كما ارتفعت وتيرة الصراع بين واشنطن وطهران في 2020 بنوع خاص، وبات الإقرار رسمياً بأن الهجمات السيبرانية في القلب من استراتيجيتهما.
هل وفر فضاء الإنترنت مجالاً بديلاً للصدام العسكري الذي قد يؤدي إلى حرب كاملة؟
هذا هو ما جاء في تقرير لموقع "إيران بريمر"، والذي أشار إلى أن كل جانب يحاول تجنب الصراع المباشر.
الجانب الإيراني من ناحيته، وفي أواخر يوليو (تموز) الماضي، اعترف بأن الحملة السيبرانية التي استهدفت بنية إيران التحتية ارتفعت خلال الشهور الماضية، وبسبب التكنولوجيا المعقدة لهذه الهجمات، قالت إيران إنها على الأرجح صادرة عن حكومات أجنبية.
كان من الطبيعي وقتها أن تتوجه أصابع الاتهام إلى واشنطن، وبخاصة في ظل العداء السافر من قبل إدارة دونالد ترمب، لنظام الملالي، بل إن "إيران برايمر"، وفي تقرير له أشار إلى أن ترمب منح وكالة الاستخبارات المركزية في سبتمبر (أيلول) 2018 مزيداً من الصلاحيات لشن هجمات إلكترونية على البنية التحتية المدنية.
التقرير عينه يميط اللثام عن استهداف إيران من قبل الأميركيين قبل ذلك بسنوات، والانطلاقة كانت من عند حملة سرية تدعى "عملية الألعاب الأولمبية"، بدأت في عام 2006 تحت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، من أجل استهداف قدرات إيران النووية.
لم تتوقف المواجهات عند باراك أوباما، فقبل أن يمضي في طريق الاتفاق النووي عام 2015، أمر بتوسيع الحملة لتشمل الأسلحة الإلكترونية ضد منشآت التخصيب النووية الإيرانية، ويبدو جلياً أن عملية فيروس "ستوكسنيت"، والذي ضرب مفاعل نطنز في 2010 كانت تحت قيادة وبإشراف أوباما نفسه.
هل وقفت إيران صامتة أمام هجمات أميركا؟
ربما كانت المحاولات الإيرانية لاختراق حسابات مواطنين أميركيين في يونيو (حزيران) 2020، بهدف تأليب جموع الشعب بعضهم على بعض، وإثارة الديمقراطيين ضد الجمهوريين، هو ما جعل واشنطن تكثف هجماتها السيبرانية على إيران، والرصد يمكن أن يخبرنا عن عمليات ثنائية عدة جرت بين الجانبين.
هل من تطور جديد قاد إلى عملية نطنز الأخيرة التي ربما جاءت كبديل لاشتعال نيران معارك حقيقية يدرك الطرفان ضراوتها؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
طهران والمضي في طريق النووي
أغلب الظن أن واشنطن أدركت نوايا إيران الحقيقية، وسعيها المستمر والمستقر من أجل الوصول إلى العتبات النووية، وهناك أدلة عدة جعلت الأمر بمثابة قناعة مؤكدة عند الجانب الأميركي.
في أوائل أبريل (نيسان) الحالي، دشنت إيران رسمياً أجهزة متطورة للطرد المركزي، تعمل على تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر، وقد بث التلفزيون الرسمي الإيراني حفل التدشين في محطة نطنز بشكل رسمي، والذي شارك فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني.
في ذلك اليوم بدأت إيران بضخ اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي، والتي وصفت بأنها جيل جديد، وقد قال روحاني في كلمة له بالمناسبة "إن ما نفتتحه اليوم من مشاريع يختلف عن المشاريع الأخرى التي افتتحناها".
في ذلك النهار، اعتبرت أجهزة الاستخبارات الأميركية، أن إيران تمارس نوعاً فجاً ومباشراً من الضغوطات على إدارة بايدن لإرغامها على رفع العقوبات أولاً، واستئناف اتفاق 2015 من غير تعديل أو تبديل، وهو ما لن ترضى به الولايات المتحدة بحال من الأحوال.
في اليوم عينه ورد إلى الرئيس الإيراني ما يلي "إن أهداف إيران من الصناعة النووية واضحة ومعروفة، فهي تريد استخدام التقنيات النووية في المجالات الأخرى كالصناعة والزراعة والطب والطاقة وإنتاج الكهرباء".
من الواضح أن ما جاء على لسان روحاني لم يلق إلا الاستنكار في الداخل الأميركي، وربما كان التقرير الذي نشرته مجلة "ناشيونال ريفيو" الأميركية، وفيه تحدث خمسة من كبار الخبراء السياسيين والاستخباريين الأميركيين عن اقتراب إيران الشديد من حيازة القنبلة النووية، إن لم تكن تمتلك بعضاً منها بالفعل منذ عام 2003، والعهدة على مدير الاستخبارات المركزية السابق جيمس وولسي، أحد واضعي التقرير، سبباً رئيساً في عدم مصداقية روحاني.
ولعل المتابع لمشهد المفاوضات الأخيرة بين الجانبين الإيراني والأميركي، يمكنه متابعة الرفض الإيراني الواضح للعرض الأميركي الخاص برفع بعض العقوبات عن إيران إذا أوقفت العمل في أجهزة الطرد المركزية وتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، والعهدة هنا على الراوي، مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
يعن لنا التساؤل: هل قامت واشنطن أم تل أبيب بالهجوم الأخير على نطنز؟
مهما يكن من شأن الإجابة، فإن عطباً كبيراً أصاب المفاعل الذي يعد قلب مشروع إيران النووي، وهو عطب يمكن تصنيفه في خانة الهجمات السيرانية التكتيكية لا الاستراتيجية، وربما تنتظر واشنطن وتل أبيب، ردود الفعل الإيرانية، وهل ستراعيان ما يعرف بميزان الانتباه العسكري، أي مقابلة القدرات، والتحسب لأي خطوة هوجاء من جانب القادة الإيرانيين، أو أي عمليات انتقامية قد تقود إلى تصعيد المشهد السيبراني مرة جديدة إلى مستوى هجمات استراتيجية تحدث شللاً تاماً، شاملاً وكاملاً، في بنية إيران التحتية، مدنية كانت أو عسكرية.
السيبر – حرب وضباب المعارك التقليدية
قديماً استخدم كارل فون كلاوزفيتز، الجنرال والمؤرخ والمنظر العسكري الألماني الأشهر تعبير "ضباب الحرب" Fog of war، فهل جاءت الحروب السيبرانية بأدواتها المختلفة، لكي تساعد في التخلص من تلك الضبابية، أي إزالة عدم القدرة على التنبؤ في ساحة المعركة؟
المؤكد أن الميزة الرئيسة لهذا النوع من أنواع الحروب، بشقيه التكتيكي والاستراتيجي، هي أنها تعمل على كسب الحروب بصورة سريعة من خلال ضرب القلب الاستراتيجي للخصم، بدءاً من نظم المعرفة، مروراً بطرق النقل والاتصالات، والكثير مما أسلفنا، ذلك أن مذهب تلك الحرب يسمح بتطوير القدرة على استخدام القوة، ليس فقط بطرق تقلل من التكاليف التي يتحملها الطرف الذي يشن الهجوم، ولكنها تتيح أيضاً تحقيق النصر من دون الحاجة إلى تعظيم تدمير العدو.
ويبقى التساؤل الأخير: هل الهجمات السيبرانية فعل حرب يبرر الرد عليه بكل الوسائل، كما الحال في الحروب التقليدية بين الجيوش المرئية براً وبحراً وجواً؟
في عام 2011، راح البيت الأبيض يؤكد أنه يمكن اعتبار الهجمات السيبرانية فعل حرب يبرر الرد عليه بكافة الوسائل، بما في ذلك الرد بواسطة الأسلحة التقليدية، بل إنه يبيح الضرب على نحو وقائي استباقي (في حالة الخطر الوشيك).
وفي عام 2012 تمت صياغة رؤية من قبل فريق خبراء من منظمة حلف شمال الأطلسي، تتضمن توصيات بتطبيق قانون النزاعات المسلحة في الفضاء السيبراني، لا سيما لجهة إضفاء الشرعية على الرد المسلح.
قد يعني ذلك أن الحروب السيبرانية، قد تضحى في وقت لاحق حروباً عسكرية تقليدية، وهذا ما يمكن أن تجري به الأقدار في حال النموذج الإيراني.
تبدو إشكالية الحروب السيبرانية معقدة، فالتشابك الكبير في القضايا والأهداف السياسية والاقتصادية والدفاعية في الفضاء السيبراني، يعقد المناقشات، بما فيها تلك التي تدور بين الأمم المتحدة المتحالفة على الصعيد الأمني، ولكن المتنافسة على الصعيد الاقتصادي والتجاري.
إلى أين يمضي العالم؟
ربما تكون ساحات طهران النووية حقل تجارب لفصل جديد من الحروب المغايرة في قادم الأيام.