يعيش الإعلام المرئي اللبناني واقعاً مخيباً للآمال، في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان في هذه المرحلة، فقد تراجع إنتاج البرامج التلفزيونية، وخصوصاً برامج المنوعات والتوك شو والأعمال الفنية المهمة، ولم يعد هناك برامج ضخمة كالتي كانت تزين الشاشات اللبنانية سابقاً. بل إن معظم ما يعرض حالياً هو برامج بميزانيات متواضعة جداً، الأمر الذي تسبب في بقاء معظم مقدمي البرامج من دون عمل أو توجههم نحو مجالات أخرى يؤمنون من خلالها مورد رزقهم.
وفي ظل ازدهار واضح تعيشه سوق التمثيل، خصوصاً مع انتشار موضة المنصات، وجد بعض مقدمي البرامج ضالتهم في هذا المجال، الذي له علاقة، بشكل أو بآخر، بمهنتهم الأساسية، خصوصاً من ناحية الوقوف أمام الكاميرا التي اعتادوا عليها وأحبوها وأحبتهم وجعلت البعض منهم نجوماً.
في المقابل، وجد المنتجون في مقدمي البرامج، الخيار الأفضل للمشاركة في أعمالهم، لكونهم وجوهاً معروفة، ويملكون قاعدة جماهيرية لا بأس بها، ومتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، عطفاً على أنهم يتمتعون بالقبول عند الناس، ويتميزون بمواصفات شكلية يحتاج إليها أي ممثل لكي يطل على الناس.
وإذا كان المجال الفني في مرحلة ركوده شهد زحفاً من الممثلين والمغنين نحو تقديم البرامج، ففي المقابل، حقق مقدمو البرامج نجاحات لافتة في مجال التمثيل. وفي السنوات الأخيرة لمع اسم إيميه الصياح ودانييلا رحمة كممثلتين يستعان بهما لأدوار البطولة، وقبلهما كاتيا كعدي. وما لبثت أن كرت السبحة، ويعتبر محمد قيس آخر الإعلاميين الوافدين إلى عالم التمثيل، وهو يشارك حالياً ماريتا الحلاني في بطولة مسلسل "الحي الشعبي" الذي تقرر إرجاء عرضه إلى ما بعد شهر رمضان، بسبب التأخير في التصوير نتيجة أزمة كورونا.
التجربة الأولى
قيس يسعى إلى دخول المجال الجديد بقوة وثبات، وهو قبل بالعرض لأنه يشبهه ويرضيه. فالعمل فيه كثير من المشاعر والقصة متماسكة ومتناغمة، كما يقول، وهو يملك الخبرة الكافية التي تمكنه من معرفة القصص التي تجذب المشاهد، ويتوقع أن تكون الثنائية مع ماريتا الحلاني ناجحة وجميلة، خصوصاً أن صداقة متينة تجمع بينهما على المستوى الشخصي. ومع أن "الحي الشعبي" ليس العمل الأول الذي يعرض عليه، فسبق أن اعتذر عن مجموعة من المشاريع التمثيلية، لكنه وجد هذه المرة أن كل شيء مناسب له.
يؤكد قيس أنه لن يهجر الإعلام، ويشير إلى أن وضع المقدمين الذين دخلوا مجال التمثيل يشبه وضع كثير من الممثلين الذين اتجهوا نحو التقديم واستمروا في مهنتهم الأساسية، معتبراً أن المجالين لا يتعارضان مع بعضهما البعض، عدا عن أن التمثيل يمكن أن يفتح أمامه كثيراً من الآفاق.
في المقابل لا يتردد قيس في القول إن الإعلاميين الحقيقيين ليسوا مطلوبين كمقدمين، وحل مكانهم أشخاص تعدوا على المهنة، كما يحصل في مجال التمثيل. ويشير إلى أن هناك تركيبات معينة تطل بكثرة على الشاشة، وأن برامج الفضائح والبرامج المثيرة للجدل التي تعرضها الشاشات اللبنانية لا تستهويه، لا من قريب ولا من بعيد، وهو لا يشبه من يقدمونها ولا هم يشبهونه.
ويشدد قيس على أهمية التجربة الأولى له كممثل، لكنه يرى أيضاً أن البعض لم يوفقوا في تجاربهم الأولى، لكنهم ما لبثوا أن أصبحوا نجوماً. ويوضح أن قراره بدخول مجال التمثيل لا علاقة له بعمله كمقدم، والذي حقق من خلاله نجاحاً محلياً وعربياً. ولكن ما قبل كورونا ليس كما بعدها، وما قبل 4 أغسطس (آب) ليس كما بعده، وهو يرغب في خوض تجربة ثانية مختلفة، لكسر الروتين.
بدائل جديدة
طوني بارود قرر أن يخوض تجربة التمثيل مع الكاتبة منى طايع، فيقول إنه التقى بها أكثر من مرة، ويشرفه أن يشارك في عمل يحمل توقيعها. ويوضح أنه رغب في خوض هذه التجربة في هذا الوقت، مع أنه يوجد في المجال الإعلامي منذ نحو 30 سنة، لأنه أصبح يجمع بين النضج في شخصيته وشكله، وتحتاج الدراما إلى شخصيات تتمتع بمواصفاته الشكلية.
ويرى بارود أن التمثيل قد يكون خطوة جميلة في مسيرته المهنية، خصوصاً أنه يملك خبرة الوقوف أمام الكاميرا كما يتمتع بالحضور، ولا شيء يمنع مشاركته في أي عمل درامي، لكنه سيجمع بين الإعلام والتمثيل إذا نجح في التمثيل، شرط أن تكون أي خطوة يقدم عليها مدروسة، وتشكل إضافة إلى مسيرته المهنية.
ويلفت بارود إلى تراجع الإعلام وعدم توفر البرامج الضخمة، لكنه يرى أن مضمون هذه البرامج يمكن أن يكون جيداً، وعدم وجود برامج بإنتاج سخي، لا يعني الاعتكاف في البيت، بل يفترض بالإعلامي المخضرم، إيجاد بدائل جديدة. وربما فكرة جديدة أو إطلالة عبر السوشيال ميديا، لتوظيف خبراته وإثبات وجوده، بدل الجلوس في البيت وانتظار إدارة التلفزيون لكي تعرض برنامجاً عليه.
مورد رزق إضافي
أما كارين سلامة التي خاضت أكثر من تجربة تمثيلية، فتشير إلى جديتها في التعاطي مع مهنة التمثيل، لكن مأخذها على التمثيل أنه يجعلها تغيب كثيراً عن البيت، وهذا الأمر يقلقها لأنها شديدة التعلق بأولادها. وترى أنه مجال يشبه عملها الأساسي كإعلامية، لكونهما تحت الأضواء، عدا عن أن التمثيل يؤمن لها مورد رزق إضافي. وفي رأيها من يقول غير ذلك يكون منافقاً، وإن كانت مهنتها وملعبها الأساسي هو الإعلام.
وتعتبر سلامة أن المنتجين يفضلون التعامل مع المذيعات وملكات الجمال، لأن فيه مصلحة للطرفين. وتعيد سبب اختيارهم ملكات الجمال، لكونهن جميلات ويتمتعن بالشهرة، بينما وجود الإعلامية في أي مسلسل يعطيه قيمة إضافية.
أما عن سبب عدم اختيار المنتجين لها كبطلة في الأعمال التي تشارك فيها، كما في تجارب معظم المذيعات وملكات الجمال، فتقول إنهم ربما لم يجدوها بطلة، ولا تحب أن تتعب رأسها في التفكير في هذه الأسئلة كي لا تبقى في البيت. وتعتبر أن من يدخل مجال التمثيل يتعرض للكثير، لأنه مجال مخيف، ومليء بالمافيات والكومبينات، مع أنه القطاع الفني الوحيد الذي يعيش ازدهاراً، في ظل تراجع واضح في قطاعي الإعلام والغناء. وهذا ما يجعل الجميع يهجمون عليه، وهذا الأمر يتطلب جهداً لكي يجد الشخص مكاناً له. وتؤكد أن هذا الوضع لا يخيفها، لأنها لم تدخل المجال لكي تنافس أحداً، والممثلات لا يشعرن بأنها منافسة لهن، وبأنها لن تأخذ مكانهن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسام بريدي عاد في العام الماضي إلى الشاشة الصغيرة كممثل في الجزء الثاني من مسلسل "ما فيي"، في ظل اشتداد أزمة كورونا في لبنان وتوقف إنتاج البرامج الكبيرة، بعد ما أمضى 16 عاماً في هذا المجال قدم خلالها مجموعة من البرامج الناجحة.
لكن العودة إلى التمثيل كانت صعبة كما يقول بريدي، وما لبث أن اعتاد على الأجواء تدريجاً، حتى أنه تمنى في أيام التصوير الأخيرة لو أنه يستطيع إعادة تصوير المشاهد التي صورها في البداية، لأنه كان ليقدمها بأداء مختلف تماماً.
وبالنسبة إلى بريدي، يبقى الإعلام هو المجال الأساسي الذي يحبه وأعطاه من عمره مدة عشرين سنة، ويستمر فيه حتى اليوم. أما التمثيل فهو شغف وليس أكثر، وهو لا يحبذ خوض تجارب تمثيلية جديدة خلال الفترة المقبلة. ولم يقبل بمسلسل "ما فيي- 2" إلا لأنه وجد فيه عملاً كاملاً على كافة المستويات، دوراً ونصاً وإنتاجا وإخراجاً وتمثيلاً.