أحياناً، نرى الممثل دينيس كويد يهرب من عاصفة ثلجية، وفي أحيان أخرى نستمع إلى محادثة بين مارك والبيرغ ونبتة بلاستيكية.
وبالنظر إلى السمعة المعروفة عن هوليوود باعتبارها موطن الليبراليين المناصرين قضايا المناخ بشدة، قد تعتقدون أن الأزمة البيئية ستكون أحد الموضوعات المفضلة في السينما.
في المقابل، تجد صناعة السينما عادة صعوبة في تصوير الواقع الرهيب لبيئتنا على الشاشة. وغالباً ما تُصور هذه القضية بطريقة متعثرة، أو يجري تجاهلها بالكامل.
هناك عدد من الأفلام الوثائقية التي أنجزت بإسهام أسماء لامعة حول موضوع أزمة المناخ، من الفيلم المؤثر "حقيقة مزعجة" An Inconvenient Truth الذي سانده نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور للتوعية بالأزمة العالمية، إلى عناوين أكثر حداثة كـ"مطاردة المرجان" Chasing Coral أو وثائقي "قبل الطوفان" Before the Flood الذي أنتجه النجم ليوناردو دي كابريو.
في المقابل، يحتل ذلك الموضوع حيزاً أصغر في عالم الأفلام الخيالية. إذ تُستخدم الكارثة البيئية بشكل متكرر كفرضية في أعمال فاشلة، كفيلم "2012" الذي نُسي سريعاً، أو فيلم "جيوستورم" Geostorm (وهو بحد ذاته كارثة من صنع بشري). وفي غالب الأحيان، تتناول هذه الأفلام موضوعي الحرية والعلم، ما يقدم الكارثة المناخية ضمن مشهد سخيف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على كل حال، تمكنت السينما في حالات أخرى، من طرح مشكلة البيئة بشكل صحيح. وسواء جاء ذلك من خلال أعمال درامية مستفزة كـ"اهربوا إلى الملجأ" Take Shelter، أو الرسوم المتحركة العبقرية كفيلم "الأميرة مونونوكي" Princess Mononoke الياباني، تمكن بعض صانعي الأفلام من بذل كثير من التفكير والخيال عند استكشافهم الأزمة المناخية على الشاشة.
إليكم في ما يلي عشرة من أفضل الأفلام التي تناولت الأزمة المناخية.
يوم ما بعد الغد The Day After Tomorrow
من بين جميع الأفلام الرائجة التي تتناول الكوارث البيئية وصدرت على مدار العقدين الماضيين، لا يزال فيلم "يوم ما بعد الغد" (2004) حاضراً بقوة كأي وقت آخر. إذ صدر ذلك الشريط خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش، وجاءعملاً سياسياً واضحاً تحت قشرة الفيلم السينمائي المسلي، وصرخة يائسة تجاه تقاعس الحكومة الأميركية في موضوع البيئة. من الناحية العلمية، إنه فيلم فوضوي، لكن الفكرة الأساسية في فرضيته، وهي أن الاستدامة البشرية تدفع العالم إلى حافة الكارثة، ما زالت صحيحة بشكل مخيف.
فيرن غالي: آخر غابة مطيرة FernGully: The Last Rainforest
تدور حوادث فيلم الرسوم المتحركة "فيرن غالي" (1992) في غابة مطيرة أسترالية غامضة. ويحكي قصة مجموعة من الجنيات اللواتي يرحبن بحطاب شاب. وكذلك يجب على أرواح الغابة وحيواناتها الدفاع عن موطنها ضد الحطابين وقوة ملوثة تعرف باسم "هيكساس". يقدم "فيرن غالي" مثلاً رائعاً من الرسائل البيئية الموجهة في الغالب إلى الأطفال، وحكاية بيئية معقولة أدت شخصياتها صوتياً مجموعة نجوم، من بينهم روبن ويليامز وتيم كاري وباميلا ألدون والثنائي الكوميدي العاشق للنباتات "تشيك وتشونغ".
تقليص الحجم Downsizing
في فيلم "تقليص الحجم" للمخرج أليكساندر باين (2017) الذي يضم طاقم عمل هوليوودي على أرفع مستوى، يجري تناول الأزمة المناخية بشكل واضح. ونرى مات ديمون وكريستين ويغ يتقلصان إلى حجم شديد الصغر ضمن بدعة تكنولوجية جديدة. يغص العمل بحبكته الدرامية، ويمكننا القول أكثر من اللازم، وسرعان ما يتحول الهجاء اللطيف الذي يدور في الضواحي في الفيلم، إلى استكشاف عن عدم المساواة في الثروة ونهاية العالم. إنه ليس فيلماً مخيفاً ولا مضحكاً على وجه الخصوص، لكن "تقليص الحجم" يستحق تقييماً عالياً بسبب تفرده التام في تناوله للموضوع.
الأميرة مونونوكي Princess Mononoke
غالباً ما تتناول أفلام الرسوم المتحركة المحبوبة للمخرج الياباني هاياو ميازاكي القضايا البيئية، ولكن قليلاً منها تناولها بشكل مباشر تماماً بمثلما فعل فيلم "الأميرة مونونوكي" الكلاسيكي (1998). إذ يحكي مونونوكي قصة صراع بين صناعيين من بني البشر (بقيادة السيدة إبوشي التي لا تعرف الرحمة) وقوى العالم الطبيعي. ويلقي نظرة مؤثرة تتجسد في رسوم متحركة جميلة، على الخسائر التي تلحقها البشرية ببيئتها، وكذلك يعرض ما يحدث عندما ترد البيئة الهجوم.
أفاتار Avatar
بعد النجاح الهائل في شباك التذاكر الذي حققه فيلم الرسوم المصنوعة بواسطة الحاسوب "أفاتار" (2009) للمخرج جيمس كاميرون واختفائه بشكل سريع من الذاكرة العامة، أصبح العمل هدفاً سهلاً نوعاً ما. على كل حال، يبقى هذا الفيلم الطويل السخيف المبكي، محملاً بالدلالات على نحو مدهش. وتدور حوادث العمل في واقع يشهد موت الأرض، بعدما دمرها مزيج من الاحتباس الحراري، ونضوب طبقة الأوزون والاكتظاظ السكاني. ويصب "أفاتار" اهتمامه على كوكب آخر يدعى "باندورا"، يواجه أيضاً كارثة مناخية نتيجة لسوء تصرف البشر.
اهربوا إلى الملجأ Take Shelter
يقدم مايكل شانون أداءً معذباً ومعقداً في فيلم "اهربوا إلى الملجأ" الذي أخرجه جيف نيكولز في 2011، حول رب أسرة شاب تكون له تجربة مع رؤى نهاية العالم. لن نتمكن أبداً من معرفة إذا كان يفقد عقله بالضبط أم أنه محق تماماً. عندما تصل الشخصية إلى مرحلة الرهاب والخوف، نعلم أن هناك احتمالاً دائماً أن تكون مخاوفه منغرسة في الواقع، والكارثة التي يخشاها أمر معقول للغاية، بغض النظر عن الجهد الذي نبذله في التغاضي عنها.
أُغير الطقس معك Weathering with You
تمكن صانع الرسوم المتحركة الياباني ماكوتو شينكاي من ترسيخ اسمه من خلال إخراجه أفلاماً مذهلة بصرياً، غالباً ما تسلط الضوء على عناصر الطبيعة (فيلم "حديقة الكلمات، اسمك The Garden of Words; Your Name). يضع فيلم "أُغير الطقس معك (2019) المناخ في صميم قصته، من خلال حبكة غريبة في ظروف خارقة للطبيعة. إذ يتصادق صبي في المدرسة الثانوية مع فتاة يمكنها التحكم في الطقس. إنه فيلم يدور حول التغير المناخي على وجه التحديد، وهو عمل يمكن الاستمتاع به لأقصى حد على المستوى البصري البحت. بقدر ما توحي رسالته، فإن تناوله لكارثة المناخ يرقى في النهاية إلى تقبل ممزوج بالاستهجان.
محطم الثلج Snowpiercer
لم يُخفِ بونغ جون هو، المخرج الكوري الموقر الذي حقق فيلمه الأخير "طفيلي" Parasite نجاحاً كاسحاً في الأوسكار قبل عامين، أيديولوجيته البيئية. وشكل فيلم "أوكجا" Okja الذي أخرجه في 2017 فيلماً غريب الأطوار، لكنه عمل قوي يتناول الهندسة الوراثية ورعاية الحيوان. وكذلك صوّر فيلمه الذي صدر قبل "أوكجا" حاملاً عنوان "محطم الثلج" (2013) في عالم يغطيه الجليد بعد محاولة فاشلة من البشر في وقف الاحتباس الحراري. ثمة عناصر كثيرة في هذا العمل. إنه في الغالب فيلم إثارة، يركز على الحرب الطبقية، لكن رسالة "محطم الثلج" البيئية ترافق الفيلم بأكمله.
أول إصلاح First Reformed
قد يكون فيلم "أول إصلاح" الصادر في 2017 أحد الأعمال الأكثر بؤساً في التعامل مع أزمة المناخ. إذ يروي قصة كاهن يسرف في شرب الكحول (الممثل إيثان هوك) ويغرق في اليأس بعد انتحار عالم بيئي متطرف محلي. وتسيطر إمكانية حدوث تغير مناخي مدمر على الشخصية التي يؤديها هوك، ما يدفعه إلى تخطيط عمل عنيف. في النهاية، ثمة إمكانية للخلاص، لكن "أول إصلاح" الذي كتبه وأخرجه بول شريدر، كاتب فيلم "سائق التاكسي" Taxi Driver، لا يقدم إجابات سهلة عندما يتعلق الأمر بالبيئة.
عالم الماء Waterworld
جاء فيلم "عالم الماء" (1995) سابقاً لعصره في نواح كثيرة، فهو فيلم إثارة بميزانية مرتفعة حقق صدى مدوياً، وتطرق إلى مخاوف معاصرة عدة بشأن مستقبل مناخنا. اشتهر بفشله في شباك التذاكر فشلاً ما زال نجمه كيفن كوستنر يعيش تبعاته منذ ذلك الحين. في المقابل، يمكنكم على الغالب رؤية تلك الأموال على الشاشة. ويبقى "عالم الماء" ما زال أحد الرؤى التي لا تنسى، في إدراكها تأثيرات الاحترار العالمي التي يحتمل أنها ستغير العالم.
© The Independent