أثار إعلان 12 نادياً من أندية النخبة الأوروبية مساء الأحد، تدشين مشروع دوري السوبر الأوروبي، جدلاً واسعاً، نظراً لكونه بطولة انفصالية لا تندرج تحت لواء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وذراعه الأوروبي (يويفا)، وهو ما يعني انسحاب الأندية الكبرى من بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وتدمير الشكل الحالي لمسابقات كرة القدم في القارة العجوز، وهو ما قد يكون مجرد بداية لتجارب مشابهة في القارات الأخرى.
وتضم البطولة المقرر انطلاقها في "أقرب وقت ممكن" بحسب البيان الصادر الأحد، السداسي الكبير في الدوري الإنجليزي الممتاز، مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي وأرسنال وتوتنهام، مع ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد من إسبانيا وميلان ويوفنتوس وإنتر ميلان من إيطاليا، ومن المقرر استقطاب ثلاثة أندية كبرى أخرى لإكمال الـ 15 عضواً المؤسسين.
بين الترهيب والترغيب
ورداً على الإعلان المثير للجدل، دان "فيفا" و"يويفا" واتحادات كرة القدم وروابط الدوريات في إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا هذه الخطط، وهددوا باستبعاد الأندية المشاركة في دوري السوبر من الدوريات المحلية واستبعاد اللاعبين المشاركين فيه من المسابقات الدولية للمنتخبات مثل بطولة أمم أوروبا "يورو" وكأس العالم.
ولجأ "يويفا" أيضاً لسلاح الترغيب، بالمسارعة في إعلان النظام الجديد لبطولة دوري أبطال أوروبا، المقرر العمل به بداية من 2024، والذي تضمن زيادة عدد الأندية إلى 36 نادياً بدلاً من 32.
ويعتمد النظام الجديد لمنافسة النخبة الأوروبية خوض كل فريق 10 مباريات في مرحلة المجموعات، بدلاً من ست مباريات في النظام الحالي، قبل التأهل للأدوار الإقصائية.
ومن المنتظر أن يلجأ النظام الجديد للمنافسات الأوروبية لترضية الأندية الكبرى بضمان تأهلها للبطولة بغض النظر عن موقعها في منافسات بطولاتها المحلية.
أرباح خرافية للأندية المؤسسة
وتخشى الجهات الحاكمة لكرة القدم العالمية الانطلاق الفعلي لدوري السوبر الأوروبي، لما سيكون له من تأثير تدميري لكرة القدم التي نعرفها حالياً، إذ سيتسبب في خسائر مالية وتسويقية هائلة، وسيغير شكل البطولات المألوفة منذ عشرات السنين.
وجاء في البيان التأسيسي للبطولة المستحدثة، الذي أعلن بنك جيه بي مورغان الأميركي تمويلها، أن الأندية المؤسسة ستحصل على 3.5 مليار يورو، لدعم خطط الاستثمار في البنية التحتية ومواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا.
ومن المقرر أن يتم تقسيم المبلغ الإجمالي على أربعة مستويات بحسب قوة وتاريخ كل نادٍ مشارك، بحيث تحصل ستة أندية على مبلغ يصل إلى 350 مليون يورو، وتقل مبالغ الأندية الأخرى لكنها تبقى قياسية مقارنة بما تحصل عليه من المشاركة في دوري أبطال أوروبا.
قبل بداية الموسم الحالي 2020-2021، توقعت رابطة الأندية الأوروبية انخفاضاً هائلاً في الإيرادات في جميع الدوريات الأوروبية، لتخسر أندية كرة القدم الأوروبية ما يصل إلى 4 مليارات يورو بسبب استمرار تفشي جائحة فيروس كورونا، وهو ما أجبر "يويفا" على تغيير طريقة عمل نظام توزيع الإيرادات خلال العامين المقبلين.
وكان من المنتظر أن يصل إجمالي دخل "يويفا" من المسابقات الأوروبية لرقم قياسي تاريخي هو 3.86 مليار يورو من منافسات الأندية مثل دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي، تأتي من أربعة مصادر دخل هي، إيرادات البث بقيمة 3.3 مليار يورو بنسبة 85.8 في المئة، و478 مليون يورو من الحقوق التجارية بنسبة 12.4 في المئة، و50.3 مليون يورو من التذاكر والضيافة بنسبة 1.3 في المئة و19.5 مليون يورو من مصادر أخرى متنوعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المبلغ الإجمالي البالغ 3.86 مليار يورو، يحتفظ "يويفا" بمبلغ 295 مليون يورو كحقوق للتنظيم والإدارة، وحوالي 276 مليون يورو كمدفوعات ثابتة، و260 مليون يورو لاستثمارات كرة القدم الأوروبية في المناطق النامية، ويتم تقسيم 2.55 مليار يورو المتبقية إلى ثلاثة أجزاء، بحيث تحصل أندية دوري أبطال أوروبا على 2.04 مليار يورو، و510 مليون يورو للدوري الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي.
وكانت أندية دوري أبطال أوروبا تبدأ في حصد الإيرادات بداية من 30 مليون يورو للأندية التي يتم إقصاؤها في مرحلة البلاي أوف بواقع 5 ملايين يورو لكل منها.
ووفقاً لعوامل توزيع الأرباح في دوري أبطال أوروبا، حصل بطل الموسم الماضي بايرن ميونيخ الألماني على ما مجموعه 130 مليون يورو، و111 مليون يورو لنادي ليفربول بطل البطولة في موسم 2018-2019، وهو تقريباً ثلث ما ستحصل عليه الأندية المؤسسة لبطولة دوري السوبر الأوروبي.
خسائر مالية ضخمة للنظام الحالي
وبينما تُقدر إجمالي القيمة التسويقية لأندية بطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم الحالي قرابة 13.6 مليار يورو، باتت المسابقة مُهددة بخسارة 8.89 مليار يورو، بنسبة 66 في المئة من إجمالي قيمتها بخروج الـ 12 نادياً المُعلن عنها، مع احتمال فقدان مبالغ أضخم مع زيادة عدد المشاركين في البطولة إلى 20 نادياً (15 مؤسسون + 5 أندية متغيرة كل موسم).
ومع خسارة دوري أبطال أوروبا للأندية الأهم في المنافسة الذين يحققون أكبر نسب المشاهدة والمتابعة والحقوق الإعلانية، ستصبح المسابقة الأوروبية بلا قيمة تذكر.
ووفقاً لتهديدات الدوريات المحلية باستبعاد الأندية المشاركة في دوري السوبر الأوروبي من الدوريات الوطنية، سيمتد الأثر التدميري بحيث يصبح الدوري الإنجليزي الممتاز بلا السداسي الكبير ويتحمل خسارة استبعاد أندية تقدر قيمة لاعبيها بحوالي 4.8 مليار يورو، وهو نصف القيمة التسويقية للبطولة ككل، ويكون الدوري الإسباني بلا ريال مدريد وبرشلونة وريال مدريد والدوري الإيطالي بلا يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان.
"الدوري الجديد يهدف إلى إنقاذ كرة القدم"
قال فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد، الاثنين، إن القرار المثير للجدل بإنشاء دوري السوبر الأوروبي اتخذ "لإنقاذ كرة القدم"، وكان مدفوعاً في جزء منه "بعدم اهتمام الشباب" باللعبة. وقال الرئيس الجديد لدوري السوبر، إن كرة القدم بحاجة إلى التطور والتأقلم على الأوقات الحالية.
وقال بيريز في برنامج "إل شيرينجيتو دي جوجونيس" بالتلفزيون الإسباني، "كلما كان هناك تغيير، يوجد دائماً أشخاص يعارضونه... ونحن نفعل ذلك لإنقاذ كرة القدم في هذه اللحظة الحاسمة. الجماهير تتناقص، والحقوق تتناقص، وكان لا بد من القيام بشيء ما. لقد تعرضنا للتدمير جميعاً. يجب أن يتغير التلفزيون حتى نتمكن من التأقلم".
وأضاف، "لم يعد الشباب مهتمين بكرة القدم. لماذا؟ لأن هناك الكثير من المباريات قليلة الجودة التي لا تثير اهتمامهم، ولديهم منصات أخرى لإلهاء أنفسهم". وقال بيريز، إن الأندية الكبرى تخسر أموالاً وتحتاج إلى حافز جديد. ومضى قائلاً، "لقد خسرنا معاً خمسة مليارات (يورو). في موسمين خسر ريال مدريد 400 مليون".
وتابع، "عندما لا يكون لديك دخل بخلاف التلفزيون، فأنت تقول إن الحل هو تقديم مباريات أكثر جاذبية يمكن للجماهير من جميع أنحاء العالم مشاهدتها في وجود كل الأندية الكبرى، وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أنه إذا امتلكنا دوري السوبر بدلاً من دوري أبطال أوروبا سنكون قادرين على تقليل خسائرنا".
وأثارت هذه الخطوة إدانة واسعة النطاق في الرياضة والمجتمع، لكن بيريز تجاهل الانتقادات وألقى الضوء على احتمالية إقامة المزيد من المباريات الكبرى.