يقف سعد البالغ من العمر 18 عاماً، أمام حطام مستشفى "ابن الخطيب" جنوب العاصمة العراقية بغداد للبحث عن ثلاثة من أفراد من أسرته الذين فقدوا خلال حادثة حريق المستشفى، ولم يجدهم حتى اللحظة بين جثث حوالى 82 شخصاً، بحسب مصادر أمنية عراقية.
وأم سعد أصيبت بوباء كورونا قبل أيام عدة، وكان يرافقها شقيقه وشقيقته قبل أن يُفقد أثرهم بشكل نهائي خلال الحادثة، ولهذا فإن سعد سيضطر إلى إجراء تحليل الحمض النووي "دي أن أي" بهدف التعرف إلى رفات أفراد أسرته الثلاثة.
لكن وزارة الصحة أبلغت سعد بضرورة الانتظار مدة شهر للحصول على نتائج يتعرف بواسطتها على المفقودين من أسرته، الأمر الذي رفضه سعد بغضب ودموع، وأبدى تخوفه من عدم التعرف إليهم خصوصاً بعد تلقيه معلومات عن استبدال بعض جثث الضحايا ودفنها من دون معرفة أسرها.
فارقوا الحياة خلال نقلهم
ويتحدث علي جبار، من أهالي منطقة الزعفرانية جنوب بغداد، الذي ساعد عشرات الأشخاص، عن وفاة عدد كبير من المصابين خلال نقلهم من المستشفى إلى أماكن أخرى بسبب رفع أجهزة الأكسجين عنهم، ونقلهم بسيارات عادية وليس بسيارات الإسعاف المخصصة لمثل هذه المهمة، ويضيف جبار أن أكثر من 10 اشخاص فارقوا الحياة أمامه أثناء إخراجهم من قاعات الإنعاش إلى الباحة الخارجية للمستشفى بعد فصل الأكسجين عنهم في محاولة لإنقاذهم ونقلهم إلى مراكز ومستشفيات أخرى، مشيراً إلى أن معظم الوفيات حدثت بسبب الاختناق والاحتراق.
نجت بأعجوبة
وتقول إحدى السيدات إنها نجت بأعجوبة هي ووالدتها التي كانت موضوعة على جهاز الأكسجين، بعد أن هربتا على إثر سماع دوي انفجارات عبوات الأكسجين، وانتشار الدخان في أرجاء المستشفى، وتعرّضت والدتها لخطر الوفاة بعد أن كادت تختنق نتيجة قلة الأكسجين قبل أن تحصل على عبوة أنقذتها من الموت بعد خروجها من المستشفى من أحد الناجين، لكن ما مرت به من الصعب نسيانه، وبخاصة أثناء هربهما من داخل المستشفى والهلع الذي أصاب المرضى وذويهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب ناجين أيضاً، فإن شباناً من منطقة جسر ديالى وآخرين من منطقة الزعفرانية هرعوا لنجدة المرضى وسط سحب الدخان داخل غرف المستشفى، التي أغلق بعضها لشدة النيران مما أدى إلى تفحم كثير من الجثث.
إنقاذ الضحايا
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أن أعداداً كبيرة من الأهالي شاركت في عملية إنقاذ الضحايا وسط لهب النيران والدخان الكثيف من دون أقنعة واقية.
وبحسب وزارة الداخلية، فإن عدد الضحايا في حادثة الحريق بلغ 82 شخصاً بينما أصيب ما لا يقل عن 110 آخرين في محصلة غير نهائية.
وأعلنت الحكومة العراقية، 25 أبريل (نيسان)، الحداد الوطني مدة ثلاثة أيام، معتبرة ما حصل "مساً بالأمن القومي العراقي"، وأصدرت سلسلة قرارات تضمنت كف يد وزير الصحة حسن التميمي، وعدد من المديرين العامين في الوزارة، ومحافظ بغداد محمد جابر العطا، وتشكيل لجنة تحقيقية تنهي عملها خلال أيام معدودة، وبمشاركة من لجنة الصحة البرلمانية، وتكليف النائب الثاني لرئيس البرلمان بأن يكون عضواً مراقباً في لجنة التحقيق.
وأمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اعتبار ضحايا الحريق شهداء، ومنح عائلاتهم كل حقوق الشهداء، إضافة إلى معالجة جرحى الحريق على نفقة الدولة بما في ذلك العلاج خارج العراق.
وشدد رئيس الجمهورية برهم صالح على ضرورة محاسبة المقصرين بحريق المستشفى، وقال صالح في تغريدة عبر "تويتر"، "فاجعة مستشفى ابن الخطيب هي جرح كل الوطن، ونتيجة تراكم دمار مؤسسات الدولة جراء الفساد وسوء الإدارة". وأضاف، "إظهار الألم والمواساة مع أبنائنا، ذوي الشهداء والمصابين، لا يكفي من دون محاسبة عسيرة للمقصرين، ومن دون إجراء مراجعة شاملة وجادة لإداء المؤسسات لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث".
مطالبات بإقالة وزير الصحة
وتصدرت صفحات التواصل الاجتماعي مطالبات بإقالة وزير الصحة وعدد من الكوادر العليا في الوزارة، كما تصدرت صور الضحايا منشورات صفحات التواصل مع قصص مؤلمة عنها، واتشحت صفحات أخرى بالسواد حداداً، وأضاء مواطنون في العاصمة بغداد، وخصوصاً في المناطق القريبة من المستشفى، الشموع حداداً على أرواح الضحايا.