انتهت أمس جولة مواجهة جديدة بين الفلسطينيين وإسرائيل بتراجعها عن إجراءات وضعتها على باب العمود في القدس، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون "انتصاراً يؤكد جدوى المقاومة السلمية"، ووصفتها تل أبيب بأنها "محاولة للتهدئة".
وكان دور حركتي "فتح" و"حماس" في تلك الاحتجاجات محدوداً للغاية؛ بحكم سيطرة إسرائيل الكاملة على مدينة القدس، واعتبارها عاصمة لها، ومنعها بالقوة أي "وجود فلسطيني سيادي".
وتأتي تلك الاحتجاجات مع قرب حسم مصير إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في الـ22 من الشهر المقبل، في ظل اتجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأجيلها بسبب رفض إسرائيل الموافقة على إجرائها في القدس.
وفي تمهيد لتأجيل تلك الانتخابات التي حُرم الفلسطينيون منها منذ خمسة عشر عاماً قال الرئيس عباس، إنه "لن يقبل بأي حال من الأحوال القبول بإجراء الانتخابات العامة من دون حضور القدس وأهلها ترشيحاً ودعاية وانتخابات بحسب الاتفاقيات الموقعة".
لكن كل الدعوات الفلسطينية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية للضغط على إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات لم تثمر؛ حيث "رفضت تل أبيب ذلك، وأصرت على رفض إجراء الانتخابات حتى لا تتراجع عن مكاسبها في القدس"؛ بحسب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، الذي أضاف أن "المعركة في القدس أكبر من الانتخابات بكثير؛ فالإسرائيليون يريدون قتل العرب، وطردهم من المدينة، وليس فقط حرمانهم من الانتخابات"، وأشار إلى أن قضية الانتخابات "بسيطة أمام ما يجري من تهجير، وقتل للفلسطينيين في القدس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن القيادي في حركة "فتح" في القدس حاتم عبد القادر اعتبر أن "هبة القدس تمنح الفلسطينيين قوة وإصراراً على إجراء الانتخابات على رغم الرفض الإسرائيلي"، مضيفاً أن الشباب المقدسي "جاهز لمعركة فرض الانتخابات كما نجح في إزالة البوابات الحديدية". وأشار إلى أن احتجاجات القدس "لا تعطى مبرراً لتأجيل الانتخابات لكنها على العكس توفر الحافز لإجرائها".
القيادي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" عمر شحادة أكد أنه كان بإمكان الرئيس عباس استغلال الاحتجاجات في القدس لتكون "رافعة لإجراء الانتخابات في المدينة المحتلة على رغم الموقف الإسرائيلي، بدل التذرع برفض إسرائيل إجراءها". وطالب "بضرورة أن تكون الانتخابات في القدس جزءاً من تمرد شعبي لإشعال انتفاضة ضد استباحة إسرائيل لدماء الفلسطينيين، ونهبها أراضهم، وهدر كرامتهم".
كما اعتبرت حركة "حماس" "إزالة الشرطة الإسرائيلية حواجزها من باب العمود نموذجاً على قدرة الفلسطيني على التحدي والصمود وفرض إرادته على المحتل"، مضيفة على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم أن اعتماد "الفعل المقاوم على اختلاف أشكاله، ضمان للقدرة على الانجاز في القضايا الوطنية".
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية رفض تأجيل الانتخابات "ولو ليوم واحد"، محذراً من أن ذلك سيدفع "الشعب الفلسطيني إلى المجهول، وسيُولد إحباطاً لديه، وسيُعقد الوضع، وسيكرس الانقسام والفرقة".
ويرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن الرئيس عباس "استغل هبة القدس لتحويلها إلى سلم نجاة آمن للهبوط عن شجرة الانتخابات بأقل قدرة من التداعيات والأضرار". وأوضح أن الدعوات لتأجيل الانتخابات بلغت مرحلة مفصلية في ذورة المواجهات، وحاولت أن تستظل ببطولات الشعب الفلسطيني من أجل اتخاذ قرار تأجيلها بأقل ثمن ممكن". وأضاف أن السلطة الفلسطينية "استغلت الاحتجاجات الشعبية في القدس لتأجيل الانتخابات بدل البناء عليها من أجل تطوير منهج المقاونة الشعبية في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية".
في المقابل، أعلن المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية لوسائل الإعلام العربية وسيم بدر أن إزالة الحواجز جاء "بعد مشاورات مع مسؤولين محليين وقيادات دينية وتقييم للوضع، مع مراعاة أصحاب المحال التجارية الذين يحتاجون كسب العيش، ومن أجل خفض مستوى العنف"، وأضاف، "قواتنا ما زالت منتشرة على الأرض ولن نسمح بتجدد العنف".