دافع كبير المهندسين المختصين بنظام الخصوصية في شركة "أبل" عن تحديث نظام التشغيل الجديد المثير للجدل، باعتباره "محاولة لضمان حقوق المستخدمين واحترامها".
وبالتزامن مع إطلاق الميزة الجديدة، أعلنت شركة "أبل" لصحيفة "اندبندنت" أنه وعلى الرغم من النقاشات العلنية المستعرة بشأن مزايا الخصوصية الجديدة التي يتضمّنها النظام، ستتمكّن شركات الإعلانات من تقديم "نتائج رائعة ترضي كافة الأطراف".
وفي التفاصيل، يشتمل تحديث نظام التشغيل الخاص بأجهزة "آيفون" و"آيباد" والذي تمّ ترقيمه بـ iOS 14.5، على مروحة واسعة من التغييرات التي تضمّ مزايا جديدة. ولكن، لعلّ أكثرها قيمةً وأهميّة ومن دون شكّ الأكثر إثارة للجدل تتعلّق بإدخال ميزة شفافية تتبّع التطبيقات أو ما يُعرف بمصطلح ATT.
وستُجبر الميزة الجديدة المطوّرين على طلب الإذن لرؤية المعرف الفريد الذي يُستخدم حتى الآن لتتبع الهواتف ومستخدميها أثناء تنقلهم بين مختلف التطبيقات. ونظراً إلى أن الأرجح ألا يمنح غالبية المستخدمين الموافقة على تتبع الشركات المسؤولة عن التطبيقات لهم، من المفترض أن تُدخل الخطوة تغييرات جذرية على شركات الإعلانات بما فيها تطبيق "فيسبوك".
يُشار إلى أن الكشف عن الميزة للمرة الأولى حصل الصيف الماضي وكان من المفترض أن يُعمل بها مع طرح تحديث IOS 14 في سبتمبر (أيلول) الماضي. بيد أن شركة "أبل" ارتأت تأجيلها حتى عام 2021 قائلةً إنها بحاجة إلى مزيد من الوقت لضمان جاهزية المطوّرين لها.
ومنذ ذلك الوقت، واجهت "أبل" انتقادات لاذعة وصاخبة من الشركات بما فيها "فيسبوك". إذ اتّهم عملاق التواصل الاجتماعي شركة "أبل" بمعاقبة الشركات الصغيرة وتضليل العملاء كما زعم.
ولكن في سياق متصل، أشار إريك نوينشفاندر المختص بالخصوصية والمسؤول عن الميزة الجديدة في "أبل" إلى أنه يأمل في أن تسمح الأداة لهذه الشركات بالازدهار مع احترام خصوصية المستخدمين أيضاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاءت تعليقاته تزامناً مع ورود تقارير عن قيام مالك تطبيق "سنابشات" بالبحث عن سبلٍ للالتفاف على القواعد وأنه توصل إلى طريقة لجمع الكثير من المعلومات نفسها. وعند سؤال نوينشفاندر عن وجود أي خطر يتمثل في إمكانية إيجاد بعض المطورين طريقةٍ للالتفاف على نظام الحماية الجديد، أجاب أن هذا الأمر قد يعني أمراً من اثنين. وأوضح لـ"اندبندنت" قائلاً: "بعض المطورين يعتقدون أنهم توصلوا إلى طريقة لانتهاك السياسات والتسلل إلى أجهزة المستخدمين وانتهاك خصوصيتهم، ولكننا نبحث باستمرار عن هذه الانتهاكات، من خلال عملية مراجعة التطبيقات لدينا. وأعتقد أننا سنتوصل إلى صدهم، فهي مسألة تتخذ حيّزاً بغاية الأهمية بالنسبة لنا. ولكن تكمن الطريقة الأخرى في النظر إلى هذه المسألة في أنهم يجدون طريقة لتقديم خدمة إعلانات رائعة مع ضمان احترام أكبر لخصوصية المستخدم. وهذه هي النتيجة التي أتمنى حصولها". وأضاف قائلاً: "إنها نتيجة رأيناها على شبكة الإنترنت. فقبل بضعة سنوات، طرحنا تكنولوجيا أطلقنا عليها تسمية "منع التتبع الذكي"ITP أثناء تصفح محرك البحث "سافاري". وبرزت في ذلك الوقت مخاوف مماثلة بأن التكنولوجيا ستقضي على قدرة المعلنين على كسب الأرباح وبأن قيمة مستخدمي "سافاري" ستنخفض إلى الصفر في سوق تكنولوجيا الإعلانات وبأن مستخدمي "سافاري" سيحظرون عن الإنترنت وما شابه من الأمور التي لم يحدث أي منها. بل على العكس، ارتفعت إيرادات الإعلانات وهذا يدل على أنهم وجدوا طرقاً تحترم أنظمة الحماية التي يؤمّنها منع التتبع الذكي بالتزامن مع تزويد خدمة إعلانات قوية. وتمثّل هذه نتيجة رائعة لكافة الأطراف بمن فيهم المستخدمين".
وأشار نوينشفاندر إلى أنّ "أبل" استخدمت التأجيل بين الإعلان عن التحديث وطرحه الفعلي بهدف العمل على إنشاء أنظمة حماية جديدة رداً على التعليقات الواردة من المطوّرين. ويتضمّن هذا الأمر تعزيز أداة اسمها SKAdNetwork تتيح للمعلنين تتبع نجاح حملتهم الترويجية ولكن من دون أن يتمكنوا من رؤية معلوماتٍ تخصّ المستخدمين الأفراد. "شكّل هذا الأمر نتاج استمرارنا في التحدث مع مطورينا وفهم الأدوات المهمة لتزويد تجارب رائعة من دون التضحية بأي من أنظمة حماية الخصوصية".
وأتاح الوقت الإضافي أيضاً للمطورين بأن يثيروا المخاوف ويدخلوا التغييرات ويناقشوا المسائل على حدّ قوله، لئلا تتوقّع "أبل" حدوث مشكلات تقنية كبيرة خلال الطرح.
وأضاف نوينشفاندر: "سمعنا من المطورين في بعض الحالات بأنهم يحتاجون إلى مزيد من الوقت لإدخال تغييراتٍ على أنظمتهم لكي يتمكنوا من تقديم النتيجة المناسبة طبقاً لخيار المستخدم. وحظي فريق التطوير بوقتٍ أساسي للقيام بالعديد من هذه التغييرات التي ارتبط جزء كبير منها بنا. وأعتقد بحسب فهمي للموضوع أن هنالك وضوحاً جيداً وتقدّماً ملحوظاً".
تجدر الإشارة إلى أنه عقب الإعلان عن الميزة الجديدة، اتُّهمت "أبل" من قبل شركات مثل "فيسبوك" بأنها اتخذت هذه الخطوة لضمان ازدهار خدماتها الخاصة التي لا تتطلب إعلانات وسط مزاعم بأن الشركة تقوم بتضليل العملاء. بيد أن نوينشفاندر كرّر مجدداً وشدد على أن هذه الميزة تهدف إلى تقديم المنفعة للمستخدمين. "المستخدم هو العنصر الأساسي لميزة شفافية تتبّع التطبيقات ولكافة المزايا الأخرى التي نطرحها في منتجاتنا. نودّ أن يحظى المستخدم بتجربة رائعة بالتوازي مع احترام حقوقه. ونعتبر الخصوصية إحدى تلك الحقوق. بالتالي، تطوّرت شفافية تتبع التطبيقات جراء الرغبة بمنح المستخدمين مزيداً من الخيارات والوضوح في استخدام نوع معين من المعلومات كان يثير مخاوفهم في الماضي. وهذا ما يحفّزنا على تطوير كافة الجوانب التي ندرجها في منتجاتنا".
© The Independent