حذرت خمس كتل سياسية ومدنية ليبية في بيان مشترك، من عواقب أي تأخير محتمل في موعد إجراء الانتخابات العامة المقرر في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مع توتر المشهد السياسي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، وتأخر المؤسسات السياسية في إنجاز عدد من الاستحقاقات المرتبطة بالعملية الانتخابية، مثل إقرار القاعدة الدستورية وتعيين شخصيات جديدة على رأس المناصب السيادية في البلاد.
في المقابل، تواصلت تداعيات أزمة رئاسة الحكومة الموحدة مع مدينة بنغازي، بعد تعثر عقدها لاجتماع في المدينة، بسبب خلافات بين الأجهزة الأمنية التابعة لها وسلطات المطار في بنغازي، بتصريحات متبادلة بين الجيش ورئيس الحكومة، انتقد كل طرف فيها الآخر، متهماً إياه بالتسبب في هذه الأزمة.
ووسط هذا التوتر الذي يسود المشهد السياسي الليبي، نشرت اللجنة العسكرية المشتركة بارقة أمل حول قرب فتح الطريق الساحلي الذي يربط شرق البلاد بغربها، بعد اجتماع طارئ لمناقشة هذه المسألة عقدته بحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
تحذير من تأخير الانتخابات
دعت خمس كتل وأحزاب سياسية ليبية إلى الإسراع باعتماد قوانين منظمة للانتخابات قبل الأول من يوليو (تموز) المقبل، محذرة من تداعيات تأجيلها الخطيرة، وأي محاولة لعرقلة إجراء الانتخابات نهاية العام الحالي.
وأكدت الكتل المشكّلة من أحزاب سياسية ومؤسسات مدنية أن "إجراء الانتخابات في موعدها مطلب شعبي وحق ديمقراطي لكل أفراد الشعب"، قائلة في بيان موجه للبعثة الأممية وأعضاء لجنة الحوار السياسي والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، إن "الشعب ما زال يعاني مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية كثيرة، أثرت في مقدرات بلاده ومستقبل أبنائه، إضافة إلى فقدان هيبة ليبيا الدولية بسبب النزاعات السياسية في السنوات الماضية".
وحث البيان "المجلس الرئاسي والحكومة بالعمل الجاد لتحقيق هذا المطلب والحق الديمقراطي الشعبي في الموعد المحدد، والإسراع في الإعداد له، مع التزام كل من يتصدر المشهد السياسي حالياً بإجراء الانتخابات في موعدها، وعدم السماح بضياع مزيد من الوقت الضيق لتحقيق هذا المطلب الشعبي".
البعثة الأممية تتمسك بموعد الانتخابات
تحسس مخاطر تطورات الأيام الأخيرة في ليبيا، وتزايد احتمال تعثر الالتزام بالمواعيد المحددة للاستحقاقات السياسية في خريطة الطريق المؤدية إلى انتخاب سلطات دائمة للبلاد، كان واضحاً أيضاً في تأكيدات جديدة للمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، الثلاثاء، على أهمية الالتزام بموعد إجراء الانتخابات الليبية في ديسمبر المقبل، والإسراع في سحب المقاتلين الأجانب من البلاد، وتحركاته الدبلوماسية لضمان تنفيذ الاستحقاقات المذكورة في مواعيدها المحددة سابقاً.
ونشرت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، بياناً لخص التحركات الدبلوماسية لرئيسها وتواصله المكثف مع أطراف محلية ودولية، لبحث السبل اللازمة لنجاح العملية السياسية في ليبيا، قالت فيه إنه "بهدف دفع تنفيذ خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، بما يفضي إلى إجراء الانتخابات الوطنية، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، عقد يان كوبيش اجتماعاً الثلاثاء مع عدد من المبعوثين الخاصين والسفراء ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، يمثلون فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا، ضمن مجموعة الدول الثلاثة دائمة العضوية+ 2".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر البيان أن "المشاركين في الاجتماع أكدوا مجدداً أهمية الالتزام بموعد إجراء الانتخابات في موعدها، والإسراع في سحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة".
وأوضحت البعثة الأممية أن "المجتمعين ناقشوا الخطوات التالية المحتملة لتنفيذ خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة".
وأشارت في السياق نفسه إلى أن "كوبيش أجرى محادثات هاتفية مع مسؤولين رفيعي المستوى يمثلون جهاز الاستخبارات العامة المصرية ونائب وزير خارجية روسيا الاتحادية، ميخائيل بوغدانوف، ونائب الأمين العام لحلف الناتو، ميرتشا جيوانا، بهدف دفع تنفيذ خريطة الطريق التي أقرت برعاية دولية، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار".
بيان حاد من قيادة الجيش
في سياق آخر، لا تزال تداعيات الأزمة التي أثارها تعثر زيارة مجلس الوزراء في الحكومة الموحدة إلى بنغازي، والأحداث التي صاحبت إلغاء الزيارة مستمرة، حيث ردت القيادة العامة للجيش الليبي على مزاعم منع عقد اجتماع الحكومة في مدينة بنغازي بخطاب شديد اللهجة.
وانتقدت القيادة العامة، في بيانها الثلاثاء، الأخبار التي نشرتها من وصفتها بـ "وسائل إعلام تابعة للتنظيمات المتطرفة"، والتي مفادها أن مدينة بنغازي غير أمنة، ولهذا السبب تم إلغاء اجتماع مجلس الوزراء وزيارة الحكومة لها.
واعتبرت أن "مثل هذه الإشاعات لا ينشرها إلا أعداء ليبيا وأعداء الأمن والأمان والساعون إلى تقسيم البلاد"، مؤكدة أنها "على استعداد تام لاستقبال الوفود رفيعة المستوى وضمان أمنها وسلامتها طوال فترة بقائها في بنغازي".
وأبدت قيادة الجيش "ترحيبها بعقد اجتماع مجلس وزراء الحكومة المؤقتة في أي منطقة من المناطق التي تؤمنها، وخصوصاً في مدينة بنغازي، مع التأكيد على التنسيق مع وزارة الداخلية وأجهزتها في المدينة للحماية والتأمين، وعدم نقل عناصر من مدن أخرى تسيطر عليها الميليشيات والفوضى الأمنية".
وحذر البيان "كل من تسول لهم أنفسهم استغلال المواقف والمستجدات على الساحة الليبية للعمل من أجل زعزعة الاستقرار والأمن الذي تنعم به المناطق التي تؤمنها القيادة العامة، وذلك بتمرير إرهابيين تكفيريين وميليشياويين مجرمين مطلوبين للعدالة، وكذلك تهريب أسلحة وذخائر تحت أي ذريعة كانت".
دبيبة يعلق على إلغاء الزيارة
من جانبه، علق رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد دبيبة، في كلمة له باجتماع لمجلس الوزراء في طرابلس، على عدم عقد الاجتماع الثالث في مدينة بنغازي، الإثنين، منتقداً الجهات التي تسببت في إلغائه، قائلاً إن "هناك من لم يستوعب بعد أن أمامنا فرصة تاريخية للعمل على جمع شتات الليبيين، وتأسيس دولة حقيقية تحفظ عزتنا وكرامتنا".
وأضاف، "لن نترك بعض العقبات البسيطة تحول من دون خدمة الليبيين كافة، والوقوف بشكل مباشر على المشكلات والتحديات التي يمر بها شعبنا، سواء كانت تحديات معيشية أو تنموية مهما كبرت أو صغرت"، مؤكداً "ضرورة نبذ الخلافات والتصرف بحكمة وفق ما تقتضيه المصلحة العليا للوطن".
ودعا دبيبة إلى "توحيد الأفكار والعقول لتجاوز الماضي"، مشدداً على أن "حكومة الوحدة الوطنية تمثل كل الليبيين، ومعنية بحل مشكلاتهم في كل المدن والقرى من دون استثناء".
وكانت سلطات الأمن في مطار بنغازي منعت وفداً أمنياً مكلفاً بحماية وفد الحكومة، الذي كان يجهز لعقد أول اجتماع له في المدينة من الهبوط من الطائرة، بعد خلافات حول مراسم التأمين وحجم الفريق الأمني وتبعية عناصره، مما دفع الحكومة لتأجيل الزيارة إلى أجل لم تحدده.