قرّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تسوية الخلاف القديم مع روما بشأن أعضاء سابقين في الألوية الحمراء عبر توقيف سبعة منهم الأربعاء، 28 أبريل (نيسان)، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين يتم البحث عنهم في فرنسا، وهم مدانون في إيطاليا بارتكاب أعمال إرهابية في السبعينات والثمانينات.
وأعرب رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، عن "ارتياحه" لهذا القرار.
وقال في إعلان مقتضب نشره مكتبه، إن الموقوفين في فرنسا "مسؤولون عن جرائم إرهابية خطيرة جداً تركت جراحاً لا تزال تنزف". وأضاف، "ذكرى هذه الأعمال الهمجية لا تزال حاضرةً في ضمير الشعب الإيطالي".
"مبدأ ميتران"
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون اتخذ قرار تسليم هؤلاء الأشخاص الـ 10 "بموجب طلبات إيطالية تتعلق بـ 200 فرد"، وهو يتماشى "بشكل صارم" مع "مبدأ ميتران"، نسبةً إلى الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق فرنسوا ميتران من 1981 إلى 1995، بمنح اللجوء إلى الأعضاء السابقين للمنظمة شرط ألا يكونوا ارتكبوا جرائم دموية.
وقالت الرئاسة إن ماكرون "أراد تسوية هذه القضية التي تطالب بها إيطاليا منذ سنوات".
وطالبت روما منذ سنوات باسترداد الناشطين اليساريين المتطرفين الذين لجأوا إلى باريس بعد "سنوات الرصاص" التي شهدت هجمات وأعمال عنف ارتكبتها منظمة الألوية الحمراء، خصوصاً بين عامي 1968 و1982، لكن فرنسا لم تستجب.
مرسوما تسليم
ومنذ عام 1981، تم توقيع مرسومي تسليم فقط. الأول في عهد الرئيس جاك شيراك، شمل باولو بيرسيكيتي في 1995 الذي سلم لإيطاليا في 2002، وشيزاري باتيستي في 2004، والذي كان يقيم في فرنسا منذ 1990 ولجأ إلى الخارج، حيث أوقف في بوليفيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والثاني عام 2008، حين قرر نيكولا ساركوزي عدم تطبيق مرسوم التسليم بحق مارينا بيتريلا، العضو السابق في الألوية الحمراء والتي حُكم عليها بالسجن المؤبد في إيطاليا، بسبب وضعها الصحي. وقالت الشرطة الإيطالية إنها أشهر المطلوبين بين الأشخاص السبعة الذين اعتقلوا صباح الأربعاء.
وأكد الإليزيه أن "فرنسا المتضررة من الإرهاب تدرك الحاجة المطلقة لتحقيق العدالة للضحايا... وضرورة بناء أوروبا العدل القائمة على الثقة المتبادلة".
وكانت وزيرة العدل الإيطالية، مارتا كارتابيا، سلمت رسمياً في الثامن من أبريل، نظيرها الفرنسي، إريك دوبون-موريتي، "طلباً عاجلاً من السلطات الإيطالية لعدم السماح لمرتكبي الاعتداءات في الألوية الحمراء بالإفلات من العقاب". وكتبت الصحافة الإيطالية أنه من الممكن أن تسقط هجمات نفذها البعض، بالتقادم.
وذكرت وسائل إعلام إيطالية، أن ماكرون قد يكون أجرى محادثة هاتفية مع دراغي، أكد له الأخير خلالها أهمية هذه القضية بالنسبة لروما.
تسليم الموقوفين
ويفترض أن يبت القضاء في تسليم الموقوفين، كل حالة على حدة. وذكر مصدر قضائي أنهم سيمثلون خلال 48 ساعة أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الاستئناف في باريس، قبل أن يبت القاضي في احتجازهم أو الإفراج عنهم ووضعهم تحت إشراف قضائي، حتى صدور قرار القضاء بشأن طلبات التسليم.
وطرح هذا الملف من جديد بعد عودة شيزاري باتيستي إلى إيطاليا، إثر توقيفه في يناير (كانون الثاني) 2019 في بوليفيا وتسليمه إلى روما بعد 40 عاماً من الفرار في فرنسا ثم في البرازيل.
وقال وزير الداخلية الإيطالي حينذاك، ماتيو سالفيني، إن فرنسا تؤوي منذ عقود "مجرمين قتلوا أبرياء"، ودعا إلى تسليم روما "15 إرهابياً إيطالياً" صدرت بحقهم أحكام "لكنهم ينعمون بحياة جيدة في فرنسا".
وبين الموقوفين الآخرين جورجو بتريوستيفاني، ونارشيسو مانينتي، وروبرتا كابيلي، وانزو كالفيتي، وجوفاني أليمونتي، وسيرجو تورناغي. والثلاثة الملاحقون هم ماوريتسيو دي مارزيو، ولويجي برغامن، ورافايلي فينتورا.
ردود الفعل
وأعلن جان لوك ميلانشون، زعيم اليسار المتطرف في فرنسا، أن "جميع الحكومات من اليمين واليسار رفضت تسليمهم. مع ماكرون لم يعد لفرنسا كلمة".
وصرحت إيرين تيريل، محامية خمسة من الأعضاء السابقين السبعة في الألوية الحمراء، لوكالة الصحافة الفرنسية، "إنها خيانة لا توصف من قبل فرنسا. إني مستاءة جداً ولا أجد الكلمات لوصف هذه العملية الأشبه بحملة بوليسية مصغرة".
وأضافت، "منذ الثمانينات، وضع هؤلاء الأشخاص تحت حماية فرنسا وأعادوا بناء حياتهم هنا منذ 30 عاماً ويقيمون هنا بعلم من الجميع مع أولادهم وأحفادهم... وفجراً يأتون للقبض عليهم بعد 40 عاماً على الوقائع؟".