أمر القضاء الجزائري، اليوم الخميس، بالإفراج عن المعارض كريم طابو الذي يعد من رموز الحراك المنادي بالديمقراطية، مع وضعه تحت الرقابة القضائية، وذلك بعد نحو 24 ساعة من توقيفه إثر شكوى قدمها رئيس مجلس حقوق الإنسان، وفق ما أفادت منظمة حقوقية.
وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين أن "قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس (بالعاصمة) أمر بالافراج عن كريم طابو ووضعه تحت الرقابة القضائية".
وأوضحت اللجنة أن القاضي وجه لطابو ثماني تهم، "التحريض على التجمهر والتجمهر والقذف والسب والشتم وإهانة موظف أثناء تأدية مهامه والمساس بحرمة الموتى في المقابر والسماح بالتقاط صور من دون إذن صاحبها والمساس بالوحدة الوطنية".
وتم توجيه التهم نفسها للناشط والمعتقل السابق سليمان حميطوش الذي أمر قاضي التحقيق بوضعه تحت الرقابة القضائية أيضاً حتى تحديد تاريخ للمحاكمة.
وكان طابو (47 عاماً) أوقف مساء الأربعاء بعد استدعائه إلى مركز الشرطة للرد على شكوى رفعها ضده بوزيد لزهاري رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو هيئة رسمية.
طابو: جهاز قمعي يمنع التغيير
وكان طابو قال لوكالة الصحافة الفرنسية قبل توقيفه، إن الحركة الاحتجاجية من أجل الديمقراطية مصممة على مواصلة التظاهر بالرغم من "القمع" ومحاولات التفريق التي تنتهجها السلطات.
وأوضح "أمام هذا الوضع (من القمع)، للحراك التزام أكبر... يجب على الشباب الجزائري أن ينتزع حقوقه من أجل العيش بكرامة"، قائلاً إن الحراك صار بمثابة "أكبر حزب سياسي في الجزائر".
وأضاف "تمكّن (الحراك) من خلق ظروف للتعايش وتوحيد كل الاتجاهات التي تعمل من أجل التغيير".
وعن انتقاد الحراك لكونه لم يقدّم مقترحات سياسية ملموسة ولا برامج انتخابية بديلة، صرّح أن "السلطة تصدّ كل المبادرات. هناك جهاز قمعي مستعد لاستخدام كل الأساليب لمنع أي تغيير"، مشيراً إلى أن السلطات الجزائرية "لم تتمكن من تصوّر حياة الناس والحياة السياسية بعيداً من المنهج الأمني. تتصوّر البلاد ثكنة عسكرية".
وفي تقدير كريم طابو، تتّبع السلطة "منطق التسلّل والرقابة والمراقبة والقمع".
وقال طابو إن السلطات تدير "عمليات إلهاء بقضايا جانبية، بينما الشعب يواجه ابتزازاً اجتماعياً بأزمة الزيت والحليب والخبز" عن طريق توزيع إعانات اجتماعية مقابل شروط.
وذكر طابو بأن "السلطة وظفت وسائل كبيرة من أجل انتخابات رئاسية غير حقيقية واستفتاء كاذب وستنظم انتخابات نيابية كاذبة أيضاً"ً، قائلاً إن "هناك سلطة تنظم الانتخابات وهناك شعباً في الشارع".
حملة اعتقالات
ويأتي احتجاز طابو لدى الشرطة في ظل مناخ من القمع المتزايد ضد النشطاء والمعارضين السياسيين والصحافيين في فترة تسبق الانتخابات التشريعية،
فقد منعت الشرطة الثلاثاء الطلاب من التظاهر كما يفعلون كل أسبوع في العاصمة، وذلك للمرة الأولى منذ استئناف مسيرات الحراك أواخر فبراير (شباط).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولجأت الشرطة إلى اعتقال العشرات ومداهمة عدة مقار، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، التي تقدم المساعدة لسجناء الرأي. وأطلق على الإثر جميع المعتقلين تقريباً.
لكن الناشط المعروف ورئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في وهران، قدور شويشة، وزوجته الصحافية والناشطة جميلة لوكيل، اعتقلا الأربعاء لدى مغادرتهما المحكمة بعد تأجيل محاكمتهما في الاستئناف في قضية تعود إلى عام 2020.
وقالت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين إنه أفرج عنهما مساء الأربعاء، ولكن سيتعين عليهما الذهاب الخميس إلى مركز شرطة وهران، شمال غربي البلاد.
وعلم لدى المقربين منهما أن قوات الأمن فتشت منزلهما وصادرت أجهزة الحاسوب والهواتف.
65 شخصاً خلف القضبان
وعبرت الرابطة، في بيان الأربعاء، عن قلقها من "تصعيد القمع الذي يستهدف جميع أصوات المعارضة والحراك"، وحثت الحكومة على "الوقف الفوري للمضايقات والاعتقالات التعسفية بحق النشطاء السلميين من الحراك والمجتمع السياسي والمدني والصحافيين".
وتعرض كذلك للتفتيش الأربعاء في البليدة القريبة من العاصمة، منزل الناشط الآخر المعتقل هشام خياط، الشريك المؤسس لمبادرة "نداء 22"، وهي مبادرة مستقلة للحوار، وصودر حاسوبه.
وتفيد الجمعيات الجزائرية التي توفر الدعم لسجناء الرأي، بأنه يوجد حالياً نحو 65 شخصاً خلف القضبان يُحاكمون في قضايا على صلة بالحراك أو بالحريات الفردية.
وانطلق الحراك في فبراير 2019، على خلفية رفض ترشح عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة والدعوة إلى تغيير جذري في النظام السياسي القائم منذ الاستقلال في عام 1962.