صعّدت ميليشيا الحوثي هجماتها على المداخل الغربية لمحافظة مأرب (شرق اليمن)، في بحث مستمر منذ أشهر عدة عن إحداث تقدّم على الأرض في المحافظة النفطية، وتقوية موقعها في المفاوضات التي تحاول أطراف دولية الدفع بها لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد.
وشهد اليومان الماضيان اشتداداً ملحوظاً للمعارك بين ميليشيا الحوثي التي تتخذ الخيار الهجومي من جهة، وقوات الجيش الحكومي التي تأخذ موضعاً دفاعياً من جهة أخرى.
ضحايا بلا تقدم
وأسفرت معارك الأيام الماضية عن عشرات القتلى من الجانبين، بينهم 22 عنصراً حوثياً، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الدفاع الحكومية، في حين أكدت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، تقدّم عناصر الجماعة في عدد من جبهات القتال بمحافظة مأرب، ومقتل عدد من قيادات الجيش الحكومي خلال الساعات الـ48 الماضية، بينهم العميد عبد الغني سلمان، مدير دائرة شؤون الضباط في وزارة الدفاع، والعميد زيد العرشي، أركان حرب اللواء 117.
وأمس الأول، نعت وزارة الدفاع اليمنية ورئاسة هيئة الأركان العامة، العميد الركن عبد الغني محمد سلمان.
وعلى الرغم من احتفاظ كل طرف بموقعه من دون إحداث تقدّم ميداني جوهري، إلا أن المعارك تشهد اشتعالاً مستمراً في ما يشبه الرهان المحتدم بينهما على عاملَي الوقت واستنزاف الآخر، لتخلّف هذه الحال سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
تصعيد حوثي
في استيضاح لطبيعة المعارك الدائرة في مختلف الجبهات، قال ناصر علي النهاري، ركن التوجيه المعنوي في كتيبة المهمات، إن ميليشيا الحوثي صعّدت من هجماتها خلال اليومين الماضيين بعد أن "دفعت مئات من المقاتلين بينهم أطفال إلى محارق الموت".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن قوات الجيش واصلت "صدّها لغزوات الميليشيا وقتلت منهم نحو 22، فيما جُرح عشرات آخرون، إضافة إلى أسر نحو 40 شخصاً فضلاً عن الخسائر اليومية في العتاد".
لماذا "المشجح"؟
وعن سرّ تركيز الميليشيا على سلوك طرق جبهة المشجح للهجوم المستمر على مأرب، قال إنها "وجدت في الأشهر الأخيرة أن هذه المنطقة هي الخيار الأسلم لاستخدامها في الهجوم على مناطق مأرب، كونها منطقة جبلية وتعتبر أحد أهم عناصر قوتها الميدانية التي تشهد الآن أعنف المعارك".
ولفت النهاري إلى أن الميليشيا لجأت إلى منطقة المشجح (منطقة جبلية غرب مأرب)، بعد أن نجحت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من كسرها وقتل عناصرها في جبهتَي العلم ورغوان، مما أجبرها على تشتيت قوتها ولجوئها إلى الهجوم مجدداً من خط مواجهات يمتدّ من العلم إلى المشجح في جبهة واحدة على امتداد أكثر من 40 كيلومتراً".
ضحايا بالمئات
ومنذ هجوم الحوثيين على مأرب في فبراير (شباط) الماضي، واشتعال واحدة من أعنف المعارك نتج منها سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى من الجانبين، معظمهم من الحوثيين.
وفي إحصاء لأعداد الضحايا، قال إن "الميليشيا الحوثية خسرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من 1800 قتيلاً، بحسب ما تعلنه قنواتها في برنامج التشييع اليومي الذي ترصده دائرة إحصائنا".
وأضاف "من ضمن القتلى الحوثيين نحو 43 قيادياً، بينهم قيادات أعدّتها الميليشيات لتولّي قيادة المنطقة العسكرية الثالثة في حال سقوطها".
أما عن ضحايا الجيش، فقال إن "جبهات غرب مأرب المشتعلة في العلم والكسارة والمشجح، شهد فيها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية خلال الأشهر الثلاثة الماضية سقوط نحو 208 قتلى وعشرات من الجرحى".
معارك مستمرة
من جانبها، قالت وزارة الدفاع في الحكومة اليمنية في بيان، إن قوات الجيش استهدفت بقصف مدفعي تجمعات للحوثيين في جبهتَي جبل مراد والعبدية (جنوب مأرب)، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 20 عنصراً حوثياً، وتدمير آليات تابعة لهم.
كما أوضحت في بيان أن طائرات التحالف استهدفت تجمعات الميليشيا في جبهة المشجح، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى حوثيين.
وأضاف البيان أن القوات الحكومية والمقاومة الشعبية "تخوضان معارك مستمرة ضد جماعة الحوثيين في جبهة صرواح، وتكبّدانها خسائر بشرية ومادية كبيرة".
غزوة بدر... ومأرب
وكثّفت الميليشيا الحوثية من أمسياتها الرمضانية المتعلقة بذكرى "غزوة بدر" في العاصمة صنعاء والمحافظات كافة الخاضعة لسيطرتها للإشارة إلى حرب مأرب.
وخلال إحدى هذه الفعاليات، ركّزت خطابات قادة الحوثيين على المواجهات القائمة اليوم على أنها "معركة بين الحق والباطل" مع الادعاء بأنهم "أصحاب الحق الإلهي" الذي "يقاتل الباطل والعدوان"، مطالبين بالحشد المجتمعي لرفد جبهات القتال.
وفي فعالية خطابية رمضانية شهدتها العاصمة الخاضعة لسيطرة الميليشيا، بمناسبة ذكرى غزوة بدر الكبرى عُقدت في الجامع الكبير بصنعاء بعنوان "دروس من غزوة بدر وفتح مكة"، قال عضو الرابطة عبد الفتاح إسماعيل الكبسي، نثمّن "الدور البطولي لأحرار مأرب وبقية الشعب اليمني ممثلاً بالجيش واللجان الشعبية في التحرك في المشروع الرامي لتحرير محافظة مأرب".
رفد جبهات مأرب
وفي الأمسية التي حضرها رئيس مجلس القضاء الأعلى أحمد يحيى المتوكل، ومفتي الديار اليمنية شمس الدين شرف الدين، ووكيل وزارة الإرشاد صالح الخولاني، دعا الكبسي "إلى استمرار رفد الجبهات والتحشيد لتحرير اليمن من الخونة والأدوات الرخيصة" وفقا لوكالة "سبأ" التابعة للحوثيين.
وفي إطار مساعي الإدارة الأميركية الجديدة لوقف القتال والدخول في عملية سياسية، وصل المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ مرة أخرى إلى المنطقة للمرة الخامسة منذ تولّيه المنصب في فبراير (شباط) الماضي، بالتزامن مع زيارة مماثلة للمبعوث الأممي مارتن غريفيث.
وبدأ ليندركينغ جدول أعماله بلقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ناقشا خلاله "الجهود المشتركة الساعية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن".