يبدو أن الوضع في الجزائر لا يسير في اتجاه التهدئة، بعد خروج رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في خطاب، لمناسبة عيد العمال، يدعو الجزائريين إلى تجاوز خلافاتهم والوصول إلى حلول توافقية تخرج البلاد من أزمتها السياسية. ثم تبعه قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بخطابين يعلن من خلالهما تمسكه بتنظيم الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو (تموز) المقبل، ويطالب بضرورة التحاور مع مؤسسات الدولة، ما جعل شكوك "الفشل" تتسلل بين أوساط الحراك الشعبي.
خطاب بن صالح
في الوقت الذي ترقب الشارع الجزائري إعلان قايد صالح عن إجراءات جديدة تصب في إطار تحقيق مطالب الحراك، ظهر بن صالح، المغضوب عليه شعبياً، عبر رسالة وجهها إلى الجزائريين في خطوة تكشف عن "تجاهل" مطالب الشارع وفرض الأمر الواقع. إذ وصف الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بـ "الظرف العصيب"، الذي يستوجب إشراك كل القوى الحية في البحث عن حلول توافقية. وقال إنه "يجب أن نضع خلافاتنا جانباً ونُصوب جهودنا إلى ما يوحد إراداتنا".
خطاب بن صالح، وضعه المحلل السياسي وحيد عبد العالي ضمن مخطط قيادة الأركان، التي تتمسك بالإطار الدستوري وتطالب بحوار تشارك فيه جميع أطياف الشعب. وأضاف أن رسالة رئيس الدولة المؤقت تؤكد أن طريقة حل الأزمة فصَلت فيها المؤسسة العسكرية، بتنفيذ خريطة الطريق تدريجياً. وقال إنه تم تجاوز العقبة الأولى بتثبيت بن صالح رئيساً للدولة وفقاً للمادة 102 من الدستور. فبعد استقباله شخصيات، ثم إصداره قرارات تنحية وتعيين، جاء موعد توجيهه رسالة إلى الجزائريين، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستعرف ظهوراً مكثفاً لبن صالح.
ويواجه الرئيس المؤقت احتجاجات في الشارع الجزائري تطالب برحيله. كما فشل في إنجاح مشاورات سياسية وندوة حوار دعا إليها لجمع الطبقة السياسية والمجتمع المدني والجمعيات وممثلين عن الحراك الشعبي بهدف إنشاء لجنة تنظيم الانتخابات ومراقبتها، ما دفع قايد صالح إلى انتقاد الطبقة السياسية في أحد خطاباته. فحاول الرئيس المؤقت مسابقة الزمن من أجل إنشاء هذه اللجنة، خصوصاً بعد إشارات إيجابية من المعارضة، التي أبدت ترحيباً بطلب الجيش تبني لغة الحوار والتعقل.
وفي السياق نفسه، كشفت وزارة الداخلية الجزائرية عن 54 مرشحاً سحبوا استمارات الترشح إلى الانتخابات الرئاسية. وقالت إن جميع المرشحين المحتملين حصلوا على استمارات جمع التوقيعات اللازمة للترشح.
قائد الأركان يشيد بالمعارضة
أوضح قائد أركان الجيش، قايد صالح، في خطاب ألقاه خلال زيارته إلى المنطقة العسكرية الخامسة، شمال شرقي الجزائر، أنه "على قناعة تامة بأن اعتماد الحوار البناء مع مؤسسات الدولة، هو المنهج الوحيد للخروج من الأزمة، وهو المسلك الأنجع الكفيل بتقديم اقتراحات بناءة وتقريب وجهات النظر وتحقيق التوافق حول الحلول المتاحة".
وأضاف: "أود الإشادة باستجابة العديد من الشخصيات والأحزاب لأهمية انتهاج مبدأ الحوار، وهو موقف يحسب لهم في هذه المرحلة، التي يجب أن تكون فيها مصلحة الوطن هي القاسم المشترك بين الأطراف كافة"، مشيراً إلى أن "هناك بعض الأطراف التي ترفض كل المبادرات المقترحة، وتعمل على زرع النعرات والدسائس، بما يخدم مصالحها الضيقة ومصالح من يقف وراءها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر من الوقوع في فخ تعكير صفو المسيرات السلمية، وتغيير مسارها من خلال تلغيمها بتصرفات تكن العداء للوطن وتساوم على وحدة الجزائر، واستغلالها لتعريض الأمن القومي للبلاد ووحدتها الوطنية للخطر.
ويشير المحلل وحيد عبد العالي إلى تنسيق الخطوات بين رئيس الدولة المؤقت وقائد الأركان، بما يصب في اتجاه مخطط المؤسسة العسكرية. ويضيف: "من المرجح أنه تم الاستنجاد ببعض الشخصيات والأحزاب، خصوصاً من المعارضة، لإنجاح خريطة الطريق، بالحفاظ على الإطار الدستوري لحل الأزمة السياسية، التي تعاني منها البلاد".
وخلص إلى أن الحراك الشعبي، على الرغم من أنه سيصاب بخيبة أمل، "سيتم تجاوز غضبه بتحقيق بعض المطالب، واستمرار متابعة الشخصيات المنبوذة بتهم الفساد، وإشراك بعض الوجوه المحبوبة لدى الحراك في جلسات الحوار".