هناك كم هائل من البحوث العلمية والمقالات والمحاضرات التي تمثل "الرأي الآخر" في ما يتعلق بالتغير المناخي، إلا أن الإعلام، بمجمله، قرر تجاهلها.
الرأي الآخر والبيانات الأخرى
هناك كتب وبحوث ومقالات ومقابلات كثيرة في هذا المجال، إضافة إلى عشرات الخبراء الذين شهدوا أمام لجان الكونغرس ومجلس الشيوخ، ولكن يتم تجاهلها من قبل وسائل الإعلام الرئيسة في الغرب. وهناك وسائل إعلامية مشهورة وظيفتها الرسمية الترويج للتغير المناخي والطاقة المتجددة.
فوسائل الإعلام هذه تروج للتغير المناخي، وتتخذ من أي حادثة، سواء كانت عاصفة ثلجية، أو أعاصير، أو فيضانات، دليلاً على ذلك. وهنا لا بد من تذكير القارئ أن متطرفي حماة البيئة كانوا يستخدمون الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض كسبب لوقف استخدام الوقود الأحفوري، ولكن عندما أفشل المناخ والأرض آراءهم وتوقعاتهم بانتشار البرد والصقيع، توقفوا عن استخدام هذه التعابير، ولجأوا إلى استخدام تعبير "التغير المناخي" ليشمل الحرارة والبرودة في الوقت نفسه.
وأهم الأفكار التي ينادون بها أن هناك تغيرات مناخية ضخمة لم تحدث من قبل بسبب ارتفاع مستوى الكربون في الجو. فعند حدوث الأعاصير في خليج المكسيك، يقولون إنه التغير المناخي. المشكلة أن البيانات الرسمية تشير إلى أن عدد الأعاصير الكبيرة التي ضربت الأراضي الأميركية المطلة على خليج المكسيك في انخفاض مستمر خلال أكثر من 140 سنة ماضية!
وذكرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية بعد الأعاصير المدمرة التي ضربت خليج المكسيك في 2017 أنه من المبكر الاستنتاج أن هذه الأعاصير وما قبلها كانت نتيجة الأنشطة الإنسانية وانبعاثات غازات الدفيئة. الغريب في الأمر أن أعاصير 2017 المدمرة جاءت بعد فترة هدوء استمرت 12 سنة. ما الغريب في الأمر؟ هذه الـ12 سنة كانت أطول فترة هدوء شهدها خليج المكسيك منذ 1900 على الأقل.
وكان من أهم نتائج الأعاصير في 2017 فيضانات هيوستن، وإغلاق المدينة، الأمر الذي جعل الإعلام الغربي يروج أكثر للتغير المناخي. إلا أن خبراء التغير المناخي أنفسهم قالوا إن الموضوع لاعلاقة به بالتغير المناخي، وإن سبب الفيضان هو أن إعصار هارفي بقي مكانه ولم يتحرك، فنتج عنه هطول كميات ضخمة من المطر في مكان واحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والقول إن هذه الأعاصير لم تحدث من قبل غير صحيح أيضاً، ويتعارض مع كل البيانات المتوافرة. فإعصار إرما الذي ضرب فلوريدا في 2017، كان سابع إعصار في قوته في تاريخ المنطقة منذ أن بدأ تجميع البيانات في 1850. وإعصار هارفي الذي ضرب تكساس كان ترتيبه 18 في مدى قوته، ويتعادل في قوته مع إعصار ضرب جورجيا عام 1898، وذلك قبل الكهرباء، وقبل انتشار السيارات!
والحقيقة أن مذكرات ابن كولمبوس، الذي يعزى إلى أبيه اكتشاف أميركا الشمالية منذ أكثر من 500 عام، تحدث بشكل مطول عن معاناة أبيه مع أعاصير عاتية في خليج المكسيك. ولعل أحد أسباب ثراء كولومبوس أنه قبل رحلة العودة، وأسطول السفن راسٍ في أحد الموانئ في جزر الكاريبي، والسفن محملة بالذهب والبضائع من العالم الجديد، نظر إلى الأفق وعرف من تجارب سابقة، أن الإعصار قادم، فقرر الخروج من المنطقة قبل الموعد المحدد بيوم، إلى أن البحارة في السفن الأخرى رفضوا لأنهم يريدون أن يقضوا ليلة أخرى في حانات تلك المدينة الساحلية. فركب كولومبوس إحدى سفنه الثلاث، وأمر بحارته في السفينتين الأخيرتين بمتابعته. وتبين فيما بعد أنها السفن الوحيدة التي نجت، ودمر باقي الأسطول في الميناء، وقتل عدد كبير من البحارة وقتها مع أهل المدينة.
وعندما تضرب زوبعة (تورنيدو) مناطق سكنية وتسبب دماراً كبيراً، تلوم وسائل الإعلام التغير المناخي، ولكن البيانات الرسمية توضح أن عدد الزوابع المدمرة، التي تصنف على أنها "ف 3"، أو أعلى، في انخفاض مستمر منذ السبعينيات، على الرغم من الارتفاع الكبير في انبعاثات الكربون خلال تلك الفترة!
ولعل ما وقع في تكساس منذ نحو ثلاثة أشهر خير مثال: عاصفة ثلجية، تلاها انخفاض كبير في درجات الحرارة، وصقيع مدمر لعدة أيام. جن جنون الإعلام وقتها في محاولة لإثبات أن ما حدث هو تغير مناخي سببه الأنشطة الإنسانية وانبعاثات الكربون المرتبطة بقطاع الطاقة بالذات. المشكلة أن عاصفة أشد منها وقعت منذ 126 سنة جمدت الجنوب الأميركي كله، وليس فقط تكساس، ولم يكن وقتها وجود للكهرباء والنفط والسيارات!
النتيجة؟ كما قاموا بتغيير تعبير "الاحتباس الحراري" إلى تغير مناخي"، يريدون الآن إعادة تصنيف وطرق قياس الظواهر الطبيعية كي تثبت أن هناك تغيراً مناخياً! بالنسبة لهم، الموضوع لعبة محاسبية، تماماً كما هو موضوع "الحياد الكربوني"!
التناقض والتطور العلمي يجعلان ما يسمى "علماً" محل شك
كنت صغيراً عندما كنت أقرأ وأسمع أن عصر الجليد سيعود، وأن الأرض تعاني "البرودة". وكنت أشعر بالخوف عندما أقرأ التنبؤات وقتها التي تتمحور حول فكرة واحدة: مآسٍ إنسانية لا حصر لها نتيجة الانخفاض المستمر لحرارة الأرض.
ولو عدنا إلى ما قيل وقتها، نجد أن كل الكوارث التي يمكن أن تحدث بسبب برودة الأرض، هي نفسها الكوارث التي يقولون الآن إنها ستحدث بسبب ارتفاع حرارة الأرض!
ووصل أمر التخوف من انخفاض درجة حرارة الأرض في السبعينيات إلى اقتراح البعض تغطية الجبال الجليدية في القطب الشمالي بنوع من أنواع "الزفت" لرفع حرارتها لمنع حدوث مجاعة عالمية بسبب انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية!
المشكلة الأكبر أن نفس العلماء الذين تحدثوا عن انخفاض درجات الأرض وفشلت توقعاتهم، أصروا على وجود التغير المناخي، وفسروا فشلهم السابق بأن "العالم يتقدم باستمرار"، وهو في الحقيقة عذر أقبح من ذنب.
وهناك مشكلة أخرى في البيانات. وهذا ينطبق على كل البيانات، وليس المتعلقة بالتغير المناخي فقط. مثلاً، إذا كانت نسبة الناس الذين يموتون من مرض معين ثابتة عبر التاريخ، ولكن العلماء لم يكتشفوا هذا السبب إلا من 50 سنة، ومع تقدم العلم، أصبح اكتشاف هذا المرض أكثر سهولة. البعض قد يستنتج أن هذا المرض حديث، وأنه يزداد باستمرار، مع أن ما يزداد باستمرار هو طرق الاكتشاف، وليس المرض نفسه.
هذه الظاهرة تعد مشكلة كبيرة في مواضيع التغير المناخي. مثلاً، بسبب التقدم العلمي، أصبح من الممكن تتبع أعاصير في أماكن نائية، ما كان يمكن تتبعها سابقاً. اكتشافها بسبب التقدم العلمي لا يعني عدم وجودها سابقاً. أضف إلى ذلك التقدم العلمي في مجالات التواصل والإعلام. منذ زمن بعيد، ما كان يحدث في منطقة لا يعرف عنه آخرون في أخرى، وإذا عرفوا، يعرفون بعد شهور من حدوثها. الآن نعرفها لحظياً. إذاً التقدم العلمي في اكتشاف هذه الأعاصير، مع القدرة إلى توصليها بالفيديو والصور لأي شخص في أي مكان في العالم، يوحي بكثرتها، ويعطي انطباعاً بتسارع التغير المناخي، وهذا أمر آخر ساعد في الترويج لفكرة التغير المناخي.
المشكلة الأخرى هي النمو السكاني الضخم خلال الـ200 سنة الأخيرة، وهجرة الناس إلى أماكن لم تكن مسكونة سابقاً، ورعب الناس في العيش بأماكن خطرة. وهذه مشكلة إحصائية أيضاً في عدة مجالات، وليس فقط في مجال التغير المناخي. فكثرة التقاء الإنسان مع الحيوانات المفترسة سببها انتقال الإنسان للعيش في أماكن وجود هذه الحيوانات، وليس بسبب التغير المناخي الذي أجبر هذه الحيونات للبحث عن الطعام في الأماكن السكنية! الأمر نفسه ينطبق على موضوع الفيضانات تحديداً، أو الانهيارات الجبلية، أو الحرائق!