تقدم علي لاريجاني السياسي، المحافظ المعتدل الذي شغل لفترة طويلة منصب رئيس مجلس الشورى الإيراني، ويعد من مؤيدي اتفاق طهران مع القوى الكبرى في شأن برنامجها النووي، السبت، بترشحه للانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، مع دخول مهلة الترشيح يومها الأخير.
وحضر لاريجاني، الذي سيتم في يونيو (حزيران) الرابعة والستين من العمر، إلى مقر وزارة الداخلية مع بدء تسجيل الترشيحات، صباح اليوم السبت، وفق صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.
ويأتي تسجيل لاريجاني في اليوم الأخير من مهلة الأيام الخمسة للترشح، وبعد تردد في الإقدام على الخطوة، وفق تقارير صحافية محلية. وهي المرة الثانية التي يترشح للانتخابات الرئاسية، بعد محاولة أولى عام 2005 في عملية اقتراع انتهت بفوز غير متوقع لمحمود أحمدي نجاد، ويعد من أبرز الوجوه الحاضرة في السياسة الإيرانية على مدى الأعوام الماضية.
ولدى ترشحه المرة الأولى، كان يقود المفاوضات الإيرانية مع القوى الكبرى في الملف النووي، قبل أن يبتعد عن هذا الدور أعقاب انتخاب أحمدي نجاد نظراً لتباين وجهات النظر بينهما حول مقاربة هذا الموضوع الشائك. وشغل رئاسة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بين 2008 و2020، ويعد حالياً مستشاراً للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، وهو من السياسيين المعتدلين في التيار المحافظ. وخلال رئاسته مجلس الشورى كان مسانداً للرئيس المعتدل حسن روحاني الذي انتخب عام 2013 وفق برنامج انفتاح سياسي، وأبرم في عهده الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا عام 2015.
وأتاح الاتفاق رفع عديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها، لكن الاتفاق بات مهدداً منذ عام 2018، عندما قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحادياً منه، وإعادة فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.
وتخوض طهران والقوى الكبرى مباحثات منذ مطلع أبريل (نيسان) لمحاولة إحياء الاتفاق وضمان عودة كل من الولايات المتحدة وإيران إلى تنفيذ التزاماتهما الكاملة بموجبه. ويتوقع أن يكون هذا الاتفاق، إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها إيران، والعائدة بشكل أساسي إلى العقوبات الأميركية، من المحاور الأساسية في انتخابات 18 يونيو لاختيار خلف لروحاني الذي لا يحق له الترشح الآن بعد ولايتين متتاليتين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لاريجاني للصحافيين بعد تسجيل ترشيحه في وزارة الداخلية، إن "السياسية الخارجية للبلاد يجب أن تهدف إلى تسهيل العلاقات الخارجية من أجل النمو الاقتصادي للبلاد".
وتنتهي مهلة الترشح مساء السبت على أن ترفع الأسماء بعدها إلى مجلس صيانة الدستور الذي تعود إليه صلاحية المصادقة النهائية لخوض الانتخابات. ومن المقرر أن تعلن الأسماء المنافسة بحلول 27 مايو (أيار)، على أن تبدأ في اليوم التالي حملة انتخابية لعشرين يوماً.
رئيس السلطة القضائية يترشح مجدداً
وأعلن رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي، السبت، عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، وفق بيان أوردته وسائل إعلام محلية، بعد أربعة أعوام من خسارته في الدورة الماضية.
ويعد حجة الإسلام رئيسي (60 عاماً)، من الشخصيات المحافظة المتشددة في السياسة الإيرانية. وجاء في بيان ترشحه بعيد حضور المحافظ المعتدل والرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، إلى وزارة الداخلية لتسجيل ترشيحه للانتخابات المقررة في 18 يونيو.
ويفترض أن يقوم رئيسي بخطوة مماثلة اليوم لتسجيل ترشيحه رسمياً، في اليوم الأخير من مهلة التقدم بالترشيحات للانتخابات لاختيار خلف للرئيس المعتدل حسن روحاني.
وفي بيان إعلان الترشيح الذي نشرته وسائل إعلام إيرانية، شدد رئيسي على أن "النضال المستمر ضد الفقر والفساد، والإذلال والتمييز" ستكون العناوين العريضة لولايته الرئاسية في حال انتخابه، علماً بأنه رفع شعارات مماثلة في انتخابات 2017 التي خسرها أمام روحاني.
ويأتي الإعلان عن ترشيح رئيسي بعد أشهر من مواقف أبدتها تشكيلات سياسية أساسية للمحافظين والمتشددين، أكدت نيتها دعمه في حال تقدم للانتخابات مرة جديدة.
ويرجح أن يدفع ترشيح رئيسي العديد من الأسماء البارزة في أوساط المحافظين، مثل الرئيس الحالي لمجلس الشورى محمد باقر قاليباف، إلى الإحجام عن الترشح.
وفي انتخابات 2017، نال رئيسي 38 في المئة من أصوات المقترعين، إلا أن ذلك لم يحل دون فوز روحاني من الدورة الأولى، بولاية ثانية في رئاسة الجمهورية. ولا يحق للرئيس الحالي دستورياً الترشح لدورة رئاسية ثالثة متتالية.
وقدم رئيسي نفسه يومها على أنه "مدافع عن الفقراء"، واعداً بزيادة المعونات المباشرة المقدمة إليهم، وعول بشكل أساسي على أصوات الفئات الفقيرة والمهمشين اقتصادياً.
ولدى ترشحه في 2017، كان رئيسي يتولى شؤون العتبة الرضوية المقدسة في مدينة مشهد بشمال شرقي البلاد، وفي 2019، عينه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي رئيساً للسلطة القضائية، داعياً إياه لمواجهة "الفساد".
الإصلاحي مصطفى زادة والسجل الحقوقي
وفي سياق ذي صلة، قدم مصطفى تاج زادة، أحد الأصوات القليلة للحركة الإصلاحية التي لا تزال مسموعةً في إيران، الجمعة 14 مايو (أيار)، أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في يونيو (حزيران)، وفق مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية في طهران.
وتاج زادة البالغ 64 عاماً، يعمل منذ سنوات من أجل "تغييرات هيكلية" وديمقراطية داخل إيران، بعد سنوات أمضاها مسجوناً بموجب عقوبة يمكن ألا تأتي لصالحه في عملية مصادقة السلطات على ترشيحه.
إدانة القمع وحقوق المرأة
وبعد تقديم ملفه إلى وزارة الداخلية، قدم تاج زادة الذي شغل منصب نائب وزير في عهد الإصلاحي محمد خاتمي (1997-2005)، نفسه للصحافيين على أنه "مواطن وإصلاحي" و"سجين سياسي لسبع سنوات".
ودان "التمييز"، و"حجب الإنترنت"، و"تدخل العسكريين في السياسة والاقتصاد والانتخابات"، و"السياسة الخارجية المكلفة ومعاداة أميركا و(الدبلوماسية) المؤيدة لروسيا".
واعتقل تاج زادة في عام 2009، بعد الإعلان رسمياً عن إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لرئاسة الجمهورية، ما أثار حينها احتجاج مجموعات معارضة تجمعت حول المرشحين الإصلاحيين مهدي كروبي ومير حسين موسوي، وتحدثت عن عمليات تزوير واسعة.
ومنذ إطلاق سراحه في عام 2016، دعا تاج زادة السلطات مراراً إلى إطلاق سراح قائدي ما يسمى "الحركة"، اللذين يخضعان للإقامة الجبرية منذ أكثر من 10 سنوات.
وشدد تاج زادة الذي رافقته زوجته فخر السادات محتشمي بور، وهي أيضاً ناشطة إصلاحية في مجال حقوق المرأة في إيران، على رؤية أكثر انفتاحاً للإسلام.
وقال، "أعارض القوانين التي تنطوي على تمييز ضد المرأة". وأضاف أنه يعارض "الحجاب الإجباري"، لكنه ليس ضد ارتداء الحجاب بشكل مطلق.
وتابع، "لن نترك طريق الحوار والمصالحة حتى لو كان الطرف الآخر يعتزم خوض الحرب ضدنا"، رافضاً ضمناً هجمات بعض المحافظين المتطرفين الذين يتهمون الإصلاحيين بالتحريض على العنف.
ترشح فريدون عباسي دواني
وقبل فترة وجيزة من تسجيل ترشيح تاج زادة، ترشح النائب المحافظ المتشدد والرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، فريدون عباسي دواني.
وعالم الفيزياء النووية هذا البالغ من العمر 62 عاماً والذي نجا عام 2010 من هجوم نسبته إيران إلى إسرائيل، يرفض أي "تسوية" مع الغرب. وهو معارض حازم للاتفاق النووي الإيراني الدولي المبرم عام 2015، والذي دافع عنه مهندسه الرئيس من الجانب الإيراني الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، والممنوع بموجب الدستور من الترشح لولاية ثالثة على التوالي.