تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة 14 مايو (أيار)، بالرد على محاكمات في أوكرانيا بحق مقرب منه بتهمة "الخيانة العظمى"، معتبراً أنها تندرج ضمن حملة سياسية مناهضة لروسيا، في مشهد يعكس مدى التوتر بين موسكو وجارتها الموالية للغرب.
وتأتي هذه الأزمة الجديدة بعد أسابيع قليلة من أخرى نجمت عن انتشار عسكري مكثف للقوات الروسية قرب الحدود الأوكرانية، ما أثار الخشية في كييف من هجوم كبير قد تشنه موسكو لدعم الانفصاليين الموالين لها في شرق البلاد.
الرد بالشكل والوقت "المناسبين"
وأثار بوتين وضع صديقه فيكتور ميدفيدتشوك، الموضوع قيد الإقامة الجبرية في أوكرانيا، خلال اجتماع الخميس لمجلس الأمن الروسي، شارك فيه مديرو الأجهزة الأمنية ووزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو.
وقال الرئيس الروسي، "مع أخذ جميع التهديدات التي يتم إطلاقها ضدنا في الاعتبار، سيتعين علينا الرد على ذلك بشكل صحيح وفي الوقت المناسب"، ملمحاً إلى المحاكمة التي تطال صديقه من دون تسميته.
ووضِع ميدفيدتشوك، رئيس "منصة المعارضة من أجل الحياة"، وهي قوة المعارضة الرئيسة الموالية لروسيا في أوكرانيا ولها نحو 40 مقعداً برلمانياً، رهن الإقامة الجبرية الخميس.
ويأتي في المرتبة الـ12 بين أثرياء أوكرانيا، وفقاً لتصنيف مجلة "فوربس"، مع ثروة تقدر بـ620 مليون دولار، وهو متهم بـ"الخيانة العظمى" و"محاولة نهب الموارد الطبيعية في شبه جزيرة القرم" الأوكرانية التي ضمتها روسيا عام 2014. ويواجه عقوبةً بالسجن قد تصل إلى 15 عاماً.
"تطهير" المشهد السياسي
وقال بوتين، "لأسباب سياسية، يلاحق شخص ما بسبب عمله مع روسيا في المجال الاقتصادي في حين أن العديد من الأشخاص، بمن فيهم قادة سياسيون رفيعو المستوى، يعملون بنشاط منذ سنوات في روسيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى أن الملاحقات القضائية التي تستهدف فيكتور ميدفيدتشوك تهدف إلى "تطهير" المشهد السياسي.
في المقابل، قالت الرئاسة الأوكرانية لوكالة الصحافة الفرنسية إنها لا ترغب في الرد على الفور على هذه التصريحات.
وكانت السلطات الأوكرانية أجرت عمليات تفتيش الثلاثاء في دارتين ومكاتب لرجل الأعمال والنائب الآخر الموالي لروسيا، تاراس كوزاك. وكلاهما مشتبه بهما رسمياً بـ"الخيانة العظمى".
الملاحقات الأوكرانية
وأمرت محكمة أوكرانية الخميس بوضع ميدفيدتشوك في الإقامة الجبرية حتى 9 يوليو (تموز)، ورفضت اعتقاله بناءً على طلب المحققين.
ويعدّ الرجل المثير للجدل في أوكرانيا لقربه من بوتين، في مرمى السلطات بصورة دورية، في وقت يسود التوتر علاقات الدولتين منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم وبدء النزاع في الشرق مع الانفصاليين الموالين لروسيا في عام 2014.
وفرضت السلطات الأوكرانية في فبراير (شباط) عقوبات عليه وعلى زوجته، وحظرت ثلاث قنوات تلفزيونية موالية لروسيا مملوكة رسمياً لكوزاك، لكنها اعتُبرت خاضعة لسيطرة ميدفيدتشوك.
وكان الرجل لسنوات ممثل أوكرانيا في المفاوضات مع المتمردين، وهو يدعو إلى تحويل بلاده إلى اتحاد فيدرالي يكون فيه للكيانات الإقليمية وزن أبرز، ما يفشل طموحات سلطات كييف الحالية المؤيدة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
التوتر بين البلدين
والعلاقات الروسية- الأوكرانية في أدنى مستوياتها منذ سنوات، وقد تدهورت أكثر منذ بداية العام.
ونددت كييف باندلاع أعمال عنف على خط المواجهة في الشرق في مارس (آذار)، محمّلةً موسكو المسؤولية. وقالت إنها تخشى حدوث غزو فيما تنشر روسيا عشرات الآلاف من القوات بالقرب من حدودها "لإجراء تدريبات"، وفق التصريحات الرسمية.
وضاعفت واشنطن وبروكسل وحلف شمال الأطلسي التصريحات الداعمة لكييف، لكنها لم توافق على الطلب الأوكراني لتسريع انضمامها إلى حلف الأطلسي، وهو خط أحمر من منظور موسكو.