"القاهرة كابول"، أحد المسلسلات المهمة التي أحدثت ضجة في السباق الرمضاني الذي انتهى منذ أيام، وشكل أحد أبطال المسلسل طارق لطفي حالة فنية خاصة من حيث الأداء، وتسببت شخصية الشيخ رمزي التي جسدها في كثير من النقاشات والجدل حول إسقاطات الدور على شخصيات حقيقية في مجال التطرف الديني والإرهاب. وفي حواره مع "اندبندنت عربية" تحدث حول الدور وردود الأفعال التي أثارها المسلسل، وكيف استعد، وماذا جرى في كواليس التصوير على مدار عام ونصف العام تقريباً، كما تحدث عن أعماله الفنية المؤجلة ومشروعاته الجديدة.
فهم التطرف
في البداية تحدث طارق لطفي عن سبب حماسه لمسلسل "القاهرة كابول" وقال، "إنه منذ قراءة الحلقات الأولى كان سعيداً بفكرة المسلسل وهدفه، وشعر أنه يمثل محاولة لفهم طبيعة التطرف والإرهاب، وكشف أسباب تحول بعض الأشخاص إلى هذا الاتجاه، بعيداً من شخصية الإرهابي التقليدية، الذي يتحدث بشكل نمطي ويسيطر عليه التشدد والتجهم والصوت العالي".
وأوضح، "أنه اكتشف منذ المشاهد الأولى، أن السيناريست عبد الرحيم كمال كتب عملاً متميزاً، وشخصية رمزي، التي قدمها شعر أنها ليست مجرد كلام ووصف على ورق، بل كان يراها حية ومن لحم ودم، وهذا السبب الأساس الذي أغراه لأداء دوره". وأشار "أن شخصية الشيخ رمزي الزعيم الإرهابي المتطرف، تردد أنها إسقاط على شخصيات حقيقية كثيرة مثل أسامة بن لادن، ولكن في الحقيقة هي ليست شخصية واحدة، بل أكثر، فهى مزيج من 4 شخصيات حقيقية.
كلها من أقطاب الجماعات الإرهابية، التي نجح المؤلف في مزجها وبدأنا نحضر لها بكل دقة".
التعايش مع الإرهابي
وحول التفاصيل الخاصة بشخصية رمزي والتحضير لها بداية من الشكل والأداء قال لطفي، "بعد اكتمال السيناريو بدأت فى دراسة الشخصيات التي تشبه رمزي، أو تقترب منه حتى وصلنا للشكل العام وطريقة الكلام ونبرة الصوت الخاصة به، وأطلقت لحيتي حتى أتعايش مع الشخصية بشكل كامل، وأشعر بها، وعلى مدار عام ونصف العام كنت رمزي في ملامحه وطريقته في الحديث والنظرات".
وذكر أن أبرز الصعوبات التى واجهته فى تجسيد الشخصية تمثلت في "صوت الشخصية وطريقة كلامها ونبرتها كانت صعبة جداً، خصوصاً أن رمزي كان بسيطاً وهادئاً وشاعراً ومتطرفاً ومتشدداً في نفس الوقت، لكن بشكل جديد وغير مألوف، لذلك طريقة نطقه كانت لا بد أن تتميز، واحتاجت لمجهود كبير حتى تخرج بشكل طبيعي، وتطلبت تدريباً صوتياً، واضطر المؤلف لتقطيع الجمل بشكل معين، واستبدال الجمل الطويلة بأخرى قصيرة، إضافة إلى الحفاظ على طريقة محددة في الإلقاء، بخاصة أنه كان شاعراً وله كثير من المشاهد التي يلقي فيها الأبيات الرومانسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع، "كان اليسر واللطف في شخصية رمزي مقصوداً حتى لا يظهر بشكل نمطي، لأن هذا الشخص أو (الإرهابى) هو إنسان، وتحوله كان نابعاً من أسباب، فهو لم يكن شريراً أو إرهابياً بالفطرة، بل قادته عدة عوامل للاتجاه نحو التطرف، و(الشيخ رمزي) كانت لديه حياة طبيعية قبل أن يتحول للتطرف والإرهاب".
ملابس من أفغانستان
وأوضح "أن ملابس رمزي كان لها طبيعة، خصوصاً أن معظم مشاهده كانت في كهوف وصحراء، ولا بد أن تكون متطابقة مع شخصيات المتطرفين، لذلك كان الوصول للملابس الحقيقية للشخصية صعباً، وساعدنا السفير المصرى في أفغانستان في الحصول على ملابس الشخصيات من هناك، حيث كان من المرهق والمستحيل إيجادها بنفس تفاصيلها في مصر، وتوفير الملابس الحقيقية للشخصيات ساعدنا وجعلنا نندمج في الأداء".
أماكن حقيقية
تصوير مشاهد المسلسل الخاصة بالشيخ رمزي زعيم المتطرفين ظهرت بشكل حقيقي، وكشف لطفي، "أن هذه المشاهد صورت في أماكن حقيقية وليست ديكورات"، وقال، "إن فريق العمل عثر على مناطق مشابهة لكهوف وجبال أفغانستان بالقرب من مدينة الغردقة على البحر الأحمر، وكان هناك جهد هائل لتوفير كل احتياجات فريق العمل، ليخرج المسلسل بالصورة الحقيقية، فأي ديكورات أو ملابس غير مناسبة ستظهر العمل بصورة مزيفة مضرة، وهذا غير مقبول ولو بنسبة ضعيفة".
وعن ردود أفعال الجمهور على المسلسل وشخصية رمزي قال، "استقبال الجمهور للمسلسل فاق كل توقعاتنا، فقد استقبل بحفاوة منذ أول يوم عرض، بل وقبل ذلك عندما طرح الإعلان الترويجي للمسلسل والملصق الإعلاني (الأفيش)، وظل الجمهور مع كل حلقة يشيد بالعمل وبتفاصيل كل الشخصيات، وهذا كان أكبر بكثير مما كنا نتوقع أو نتمنى، على الرغم من المجهود الذي بذله كل طاقم العمل من أجل الوصول لهذا المستوى".
الرعب من المبالغة
وأشار إلى أنه قبل عرض العمل لم يرد أن يبالغ في التوقعات، وقال، "أكثر ما كان يخيفني أن تحدث مبالغة في التوقعات، سواء من فريق العمل أو الجمهور، لأن المبالغة أحياناً تكون ضد العمل، ومع ذلك فقد حاولنا عمل كل ما هو أفضل للمسلسل، وبذلنا أقصى ما يمكن من جهد، لأننا نشعر بمسؤولية تجاه الجمهور والثقة التي وضعها فينا، وكذلك نحترم تاريخاً طويلاً من الأعمال التي قدمناها، ولم نتهاون أو نسئ لأنفسنا من خلال أي عمل". واعترف "أن أكثر ما كان يخيفنا جميعاً كأسرة المسلسل، هو أن يكون خيال الجمهور أكبر بكثير مما نقدمه، لكن الحمد لله كانت الأمور متوازنة في التوقعات وردود الأفعال".
وعن أصعب الأدوار التي يعتبرها لطفي علامات في طريقه الفني، قال، "لا أستطيع أن أقول إن هناك دوراً أصعب من آخر وهذا ليس كلاماً دبلوماسياً، فكل دور وعمل جديد، أعتبره صعباً، بل ربما هو الأصعب حتى ينتهي وأراه على الشاشة، ووقتها أستطيع التقييم لأني أرى النتيجة النهائية، لكني بالفعل أعتبر أي عمل جديد هو الأصعب حتى يأتي العمل الذي يليه، وأستطيع القول إني راض عن أعمالي وأدواري، فأنا شخص لا يهتم بالوجود الدائم على حساب القيمة الفنية، بالعكس أختفي أحياناً كثيراً إن لم أجد ما يعجبني، ولهذا أظن أن أخطائي قليلة وبسيطة في مسيرتي التي امتدت لنحو 30 عاماً، وأمتلك الشجاعة أن أعتذر عن أي خطأ غير مقصود مهما بذلت فيه من مجهود".
أسباب الغياب
وفسر غيابه أكثر من 3 سنوات عن الماراثون الرمضاني قائلاً، "لم يكن غيابي أمراً متعمداً، بل أعتبره مؤلماً، لأنه غياب متوالٍ وغير مقصود، ولكن حدث بدافع الظروف، وكان السبب البحث عن عمل قوي للعودة بعد أكثر من مسلسل ناجح مثل "بعد البداية" و"بين عالمين"، وكما هو معروف، فإن (القاهرة كابول) كان يفترض عرضه العام الماضي، ولكن بسبب ظروف انتشار كورونا تم التأجيل، ولكن خلال فترة الغياب التلفزيوني الرمضاني قدمت للسينما فيلم "122" وحقق نجاحاً كبيراً، وأتمنى ألا يطول الغياب مرة أخرى، لكن أيضاً أن يكون الوجود في أعمال تحترم عقل الجمهور، وتقدم رسالة مهمة للناس".
وعن آخر أعماله الفنية ومصير فيلم "حفلة 9"، الذي توقف تصويره، قال لطفي، "أستعد حالياً لعودة التصوير لفيلم (حفلة 9)، الذي بالفعل تعثرت فيه الشركة المُنتجة، وتردد أن هناك خلافات بين أصحابها، لكن تم إبلاغنا أنه سيتم استئناف تصوير الفيلم خلال الأشهر المقبلة".