على الرغم من تصريحات قادة في إسرائيل باستنفاد بنك أهداف عملياتها الحربية في غزة، والمطالبة الدولية بحماية المدنيين ووقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، كثفت أطراف دولية وإقليمية جهودها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتلعب مصر دوراً في هذه المفاوضات إلى جانب فرنسا. وطلبت الولايات المتحدة، التي أكدت أكثر من مرة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقف إطلاق النار ودعم جهود التهدئة.
وباءت جهود مبعوث الأمم المتحدة تور وينسلاند لضمان التهدئة بين غزة وإسرائيل، بالفشل، حيث أبلغه مسؤولون إسرائيليون أنه لا توجد نية لدى تل أبيب لوقف إطلاق النار. واجتمع وينسلاند مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات ومسؤولين أمنيين آخرين كما التقى مع ممثلين من حركة "حماس" ومصر، لكن جهوده لم تثمر في المرحلة الحالية.
في غضون ذلك، جرت مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره المصري سامح شكري، وأكدا ضرورة التوصل إلى تهدئة قريبة بين الطرفين. كما تحدث بلينكن مع نظيره القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
وفي متابعتها لهذه الاتصالات والجهود العربية والدولية، اعتبرت إسرائيل عبر مسؤول سياسي أن دخول وزيري خارجية قطر ومصر على خط المفاوضات لوقف إطلاق النار سيساهم بشكل إيجابي وكبير في تسريع تحقيقه.
وترفض إسرائيل الإعلان الرسمي عن نيتها وقف إطلاق النار، بينما سربت مصادر موثوقة أنها تسعى إلى وقف القصف قبل نهاية هذا الأسبوع.
القدس والإفراج عن المعتقلين
شكلت قضية القدس والإفراج عن المعتقلين إلى جانب الانسحاب من حي الشيخ جراح الشروط المركزية لوقف إطلاق الصواريخ من غزة باتجاه إسرائيل.
ووفق تصريحات إعلامية لعضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، محمد الهندي، "لا تجري مفاوضات جدية لوقف إطلاق النار". وقال، "الكل يتحدث الآن عن ضغوط هنا أو هناك، وعن أصوات في إسرائيل تقول إن بنك الأهداف انتهى. من جهتنا عنوان هذا العدوان بدأ في القدس، والتهدئة ستبدأ في القدس أيضاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي إسرائيل كان الرد الأولي، الذي أجمع عليه السياسيون والعسكريون، رفض اشتراط التهدئة بالقدس، أما بالنسبة لحي الشيخ جراح فإن المحكمة تحسم فيها أما بقية الشروط فتجاهلتها، وأعلن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بشكل واضح أن إسرائيل غير معنية بالتهدئة في هذه المرحلة وبأن محاولات استهداف آبار الغاز من قبل "حماس" مع استخدام غواصات غير مأهولة لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية تشكل خطاً أحمر، وأن إنهاء المعركة الحالية من دون القضاء على هذه القدرات العسكرية، ستجعل المعركة المقبلة غير بعيدة.
"جنوب أزرق"
من جهته، رأى مسؤول إسرائيلي أن وقف عمل محطة توليد الكهرباء في غزة، وتزايد الأعباء على المستشفيات وبداية نقص الماء والمواد الغذائية، هو من أسباب السعي إلى وقف إطلاق النار.
وكشف عن أن الجيش الإسرائيلي خطط منذ فترة، بعد التمويه حول تنفيذ عملية برية في غزة، لعملية تمويه تضمن دخول نشطاء "حماس" إلى الأنفاق كي يتم تفجيرها. وأضاف أن العملية عملية "جنوب أزرق"، ووصفها الإسرائيليون بأنها مهمة استخبارية معقدة استخدمت فيها معدات تكنولوجية متطورة للعثور على مسارات الأنفاق التي تستخدمها "حماس" لإدارة القتال.
وحسب الخطة التي تم الاتفاق عليها، ولم تنفذ بشكل دقيق، حيث كان يفترض بالقوات البرية الإسرائيلية أن تبدأ مرحلة دخول أولية إلى غزة ما يدفع بعناصر "حماس" بالدخول إلى الأنفاق، وليس الإبلاغ عن العملية البرية أمام مجموعة من الإعلاميين الأجانب. وقد قدرت الاستخبارات الإسرائيلية أن عدد عناصر "حماس" الذين سيدخلون الأنفاق لن يكون بالمئات.
"صورة النصر" جاهزة للطرفين
وخلافاً للعمليات السابقة، فإن استمرار عمليات إسرائيل في غزة ليس بهدف الوصول إلى "صورة النصر" التي ترسمها بعد عملية "حامي الأسوار"، فبالنسبة إليها، وهذه قناعة قادتها في المؤسستين السياسية والعسكرية، "الصورة" جاهزة، حيث تعتبر أنها نجحت في القضاء على قادة "حماس" والبنى التحتية لها، من خلال التراجع الكبير في عدد الصواريخ التي تواصل الحركة إطلاقها نحو إسرائيل، فيما أصبحت غزة، وفق مسؤول عسكري إسرائيلي "جزر خرائب".
أما بالنسبة إلى "حماس"، يتحدث الإسرائيليون عن "صورة النصر" للحركة أكثر مما تتحدث هي عنها، فوصول الصواريخ إلى القدس ومناطق "غوش دان" في مركز إسرائيل تشكل نقلة نوعية وكبيرة في قدراتها الصاروخية.