طلب الرئيس جون أف كينيدي من فريق الحراسة الخاصة السرية أن يبتعد منه بعض الشيء في يوم اغتياله، وفقاً لكتاب جديد صدر عن الموضوع.
وفي 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963، قال كينيدي لمسؤول الحراسة السرية فلويد بورينغ إنه على عناصر الخدمة أن يتبعوه بسيارة خلفه بدل الركوب على ألواح خاصة مثبتة بمؤخرة سيارته، كي يبدو "أقرب إلى الناس".
وقال كينيدي لفلويد إنه أمر"مبالغ فيه" و"يعطي انطباعاً خاطئاً للناس" فيما الانتخابات وشيكة.
بعد مرور أربعة أيام، تبين أن وجود عناصر الخدمة السرية في سيارة أخرى وراء الرئيس (كما طلب هذا الأخير) ربما حال دون تمكنهم من إنقاذ حياته آنذاك.
ويروي كتاب "لا أخطاء: صعود وسقوط الخدمة السرية" للكاتبة كارول لونينغ، تاريخ الرؤساء من وجهة نظر الحراسة السرية، بما في ذلك كيف جعلت عوامل مختلفة منها الميزانيات غير المناسبة و"مقاومة" الأشخاص الذين كُلّفت بحمايتهم والاقتتال السياسي الداخلي والثقافة الذكورية للعملاء، كل هذه العوامل جعلت هؤلاء العناصر غير مستعدة أحياناً لأداء مهمات حيوية.
بالنسبة لكينيدي، كان مصدر المشكلة جاذبيته الشخصية ورغبته بالتفاعل مباشرة مع الشعب. فقد حطّم بالفعل كل الأرقام القياسية لعدد الجولات الرئاسية خارج البيت الأبيض بعد وقت قصير من تولّيه منصبه في عام 1961.
وتكتب لونيغ "وراء الكواليس، رأى عملاء الخدمة السرية في كينيدي رجلاً يتحدى المخاطر".
وأضافت "كان كينيدي مستهتراً جداً بأمور سلامته الشخصية. وقد تسببت تصرفاته بانزعاج للرجال المكلفين بحمايته، فيما دفعت بعضهم للغضب الشديد. كانت حماية كينيدي أصعب مهمة تُوكل إليهم على الصعيد المهني حتى ذلك الحين".
وبسبب رغبة الرئيس في التجوّل والتنقّل، اضطرّ عناصر الخدمة لمضاعفة أعدادهم وحُرموا أحياناً من النوم من أجل المساعدة على تغطية جدول أعماله المزدحم. لكن غالباً ما تخلّى كينيدي عن حرّاسه حينما أمكنه ذلك، إذ يبدو أنه لم يعتبرهم فعّالين.
وكان قد صرّح الرئيس السابق "أنه إذا كان أحدهم مجنوناً بما فيه الكفاية بحيث يرغب في اغتيال رئيس للولايات المتحدة، فهو قادر على فعل ذلك،
وما عليه سوى الاستعداد للتخلّي عن حياته مقابل حياة الرئيس".
كما يقول الكتاب إن كينيدي تهوّر كذلك من خلال "شهيته المفتوحة على الغزوات الجنسية"، فكان غالباً ما ينسلّ داخل سيارات عادية بصحبة "نساء عابرات".
وقد مُنع التحقيق في خلفية عشيقات الرئيس مما أثار مخاوف من أنه "وسط بحر النساء العابرات اللواتي التقاهنّ من أجل مغامراته العاطفية، قد تحاول إحداهن أن تبتزّه أو تسمّمه أو تقتله".
حين بدأ كينيدي جولته التي أصبحت لاحقاً الأخيرة، حيث تنقّل فيها بين فلوريدا وتكساس في نوفمبر 1963، كانت الخدمة السرية منهكة على ما يبدو بعد أشهر من السفر المكثّف عبر البلاد. فقد أمر كينيدي عناصر الخدمة بالابتعاد منه قدر سيارة واحدة، في خطوة ربما أدّت في الأخير إلى وفاته.
يوم 21 نوفمبر، قضى العملاء نحو 24 ساعة متواصلة في الخدمة، وقصد بعضهم نادياً ليلياً بعد انتهاء العمل. مما يعني أنهم ربما لم يحصلوا سوى على بضع ساعات من النوم، إذ وصلوا إلى فندقهم بين 2.45 و5 صباحاً.
وبعد ساعات، كان الرئيس وعملاؤه يشقّون طريقهم عبر دالاس حين وقعت الكارثة. كان كلينت هيل، رئيس فريق حماية السيدة الأولى، يركب في السيارة التي تقل آل كينيدي ويبدو أنه أول عميل أدرك حصول إطلاق نار باتجاه الرئيس.
وتكتب لونينغ أن هيل قال "أدرك أنه كان يجب أن أكون فوق مؤخرة تلك السيارة"، وأضافت الكاتبة بأن "جسمه كان ليمنع القاتل من رؤية هدفه بوضوح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتقد سائق السيارة، بيل غرير بأن محرّك إحدى الدراجات النارية قد انفجر فأبطأ سيره على نحو غير مقصود. وهو ما سهّل عملية الاستهداف على القاتل لي هارفي عند إطلاقه الرصاصات اللاحقة بحيث أصابت الثالثة كينيدي في الرأس.
تحرّك هيل بسرعة فقفز داخل السيارة و"غطّى بجسمه مؤخرة السيارة العريضة المكشوفة لحماية الثنائي" كما كتبت لونينغ.
وأضافت "أصبحت الأجيال اللاحقة من العملاء التي أتت بعد هيل تعتبره بطلاً بسبب قفزه داخل السيارة المتحركة".
لم يتعافَ الرئيس من طلقات النار المميتة، وتوفّي في 22 نوفمبر 1963.
© The Independent