تسارعت التطورات السياسية في الخليج بعد التصريحات المسيئة من وزير خارجية لبنان شربل وهبة نحو دول الإقليم، إذ تجاوزت ردود الفعل المستويات الشعبية والسياسية السعودية، إلى آفاق أخذت بعداً أوسع، جعلت "مجلس التعاون الخليجي" يندد باسم دوله بإساءات المسؤول اللبناني إلى المجموعة والسعودية خصوصاً، داعياً إياه إلى الاعتذار عن تصرفه "غير المقبول على الإطلاق".
وأعرب نايف الحجرف، الأمين العام لـ"مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، عن رفض الدول الأعضاء واستنكارها لما ورد على لسان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اللبنانية، خلال مقابلة تلفزيونية "وما ورد فيها من إساءات مشينة بحق دول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها وكذلك الإساءة بحق المملكة العربية السعودية".
ولفت المسؤول الخليجي إلى أن سجل دول المجلس حافل بتاريخ من "المواقف الثابتة والراسخة التي قامت بها هذه الدول لدعم الشعب اللبناني الشقيق، تلك المواقف التي يشهد التاريخ لها بهدف سلامة لبنان ودعم استقراره وأمنه".
واعتبر التصريحات الصادرة من الرجل الذي يتحدث باسم الحكومة اللبنانية "تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين دول المجلس ولبنان".
وطالب الحجرف وهبة بتقديم اعتذار رسمي لدول "مجلس التعاون الخليجي" وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق.
وكان الوزير اللبناني أثار استياءً شعبياً ورسمياً في السعودية كما في لبنان، بعد أن قال في ظهوره الأخير عبر لقاء تلفزيوني، عقب قراره بإنهاء الحوار مع ضيف سعودي، "هذا برنامج؟ ما راح أقبل، أنا بلبنان يهينّي واحد من أهل البدو؟".
لكن بعد ساعات من حالة وصفها المتعاطون معها بـ"العنصرية"، استدعت الرياض السفير اللبناني، لتعرب عن رفضها "الإساءات الصادرة من مسؤول لبناني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الخارجية في بيانها، "إشارة إلى التصريحات المسيئة لوزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة خلال مقابلة تلفزيونية، تطاول فيها على المملكة وشعبها، فإن وزارة الخارجية إذ تعرب عن تنديدها واستنكارها الشديدين لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، لتؤكد مجدداً أن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية، ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين".
وأضافت، "نظراً إلى ما قد يترتب على تلك التصريحات المشينة من تبعات على العلاقات بين البلدين الشقيقين، فقد استدعت الوزارة سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة للإعراب عن رفضها واستنكارها الإساءات الصادرة من وزير الخارجية اللبناني، وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص".
مذكرات احتجاج إماراتية وكويتية وبحرينية
بدورها، أعربت الإمارات ممثلةً بوزارة الخارجية والتعاون الدولي فيها عن "استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء التصريحات المشينة والعنصرية التي أدلى بها شربل وهبة، وزير الخارجية بالجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال والتي أساءت إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون الخليجي."
واستدعت الإمارات سفير الجمهورية اللبنانية لدى الدولة وسلّمته مذكرة احتجاج رسمية تستنكر فيها التصريحات، وفق وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية "وام"، مؤكدة أنها "تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي".
كذلك أعربت البحرين عن استنكارها الشديد لما تضمنته التصريحات المستفزة، وقامت وزارة الخارجية في المملكة باستدعاء سفير الجمهورية اللبنانية لديها وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تضمنت رفض البحرين واستنكارها للتصريحات المسيئة التي صدرت من وزير الخارجية والمغتربين اللبناني.
أما الكويت فردت على الإساءة التي وصفتها بـ"البالغة لدول الخليج وشعوبها"، واستنكرت تصريحات الوزير اللبناني، في مذكرة احتجاج شديدة اللهجة سلمتها القائم بالأعمال اللبنانية فيها.
من جانبها، طلبت وزارة الخارجية المصرية تفسيراً للتصريحات المسيئة التي أدلى بها شربل وهبة.
وقال بيان صحفي للخارجية المصرية، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، إنها "طلبت من السفير اللبناني في القاهرة علي الحلبي، تقديم تفسير لما أدلى به وهبة، من تصريحات مسيئة بحق الدول والشعوب العربية الشقيقة في الخليج".
وجاءت الإساءة إلى المجموعة الخليجية في سياق حديث حول الخطوات التي اتخذتها السعودية نحو حظر استيراد الفواكه من لبنان بعد اكتشافها مرات عدة استغلالها في تهريب المخدرات، على نحو اعتبرته الرياض "ممنهجاً ومنظماً".
ويوجد في السعودية نحو 300 ألف مغترب لبناني يعمل عدد كبير منهم في وظائف مرموقة، رأى الكثير منهم أن موقف الوزير وهبة لا يمثّلهم، معربين عن حرجهم مما وصل إليه التردي السياسي في بلادهم.
لكن الأزمة ليست الأولى التي تنشب على خلفية تصريحات مسؤولين لبنانيين، منذ العهد الحالي، الذي قال المحلل السعودي سلمان الأنصاري، الذي أثار حفيظة الوزير اللبناني، وكذلك الكثير من الكتاب العرب واللبنانيين إنه "جعل من لبنان رهينة لدى حزب الله تأتمر بأمره".
وينفي تيار ميشال عون تلك التهم، ويعتبر علاقته بـ"حزب الله" لا تتجاوز الحلف معه كأي كيان سياسي في الدولة التي تعيش واحدة من أصعب مراحلها.
أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أسفه البالغ إزاء ما صدر عن وزير خارجية لبنان وحمل تجاوزاً في حق دول الخليج عموما والسعودية على وجه الخصوص، واصفاً تلك التصريحات بـ“البعيدة عن اللياقة الدبلوماسية“، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.وبحسب الوكالة، نقل مصدر مسئول بالأمانة العامة للجامعة العربية، اليوم الأربعاء، عن أبو الغيط اعتباره أن لغة الحوار المستخدم من جانب كبار مسئولي الدول العربية يتعين أن تعكس دائما مشاعر الأخوة والاحترام المتبادل بين الشعوب العربية، وأن تتجنب ما يهيج الخواطر أو يُثير البغضاء ويُذكي الفتن.وأعرب المصدر عن الأسف الشديد لأن تأتى هذه التصريحات في توقيت دقيق للغاية يمر به لبنان وفى وقت يحتاج فيه إلى كل الدعم من أصدقائه وأشقائه، واسهمت في توتر العلاقة اللبنانية الخليجية بدلاً من تصحيح مسارها بالشكل المطلوب.